يبدو أن أن استدارة حدثت في الموقف الذي تم إعلانه الأسبوع الماضي حول نية قطر دفع رواتب موظفي غزة، حيث قررت الدوحة على نحو مفاجئ استثناء العسكريين من هذا القرار.
وتشير التسريبات إلى أن هذا التحول جاء بضغوط إسرائيلية وأخرى من السلطة الفلسطينية لمنع وصول الأموال القطرية لهذه الفئة التي ينتمي أغلبها إلى حركة حماس.
وقال السفير محمد العمادي، رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة،إن حكومة بلاده، ستدفع رواتب الموظفين المدنيين في حكومة غزة التي تديرها حركة حماس، عن شهر واحد فقط، وستستثني العاملين في الأجهزة الأمنية.
وأضاف العمادي، خلال مؤتمر صحفي عقده في مدينة غزة اليوم الثلاثاء،” المنحة القطرية للرواتب ستصرف لمرة واحدة وقيمتها 31 مليون دولار وتشمل الموظفين المدنيين دون العسكريين العاملين في الأجهزة الأمنية، وسيتم صرفها كما جرى في العام 2014 عبر آلية الأمم المتحدة“.
ولم يوضح العمادي أسباب استثناء الموظفين العسكريين من المنحة القطرية، غير أنه أكد أن كافة الإجراءات التي يتم تنفيذها في غزة تتم بالتنسيق الكامل مع السلطة الفلسطينية.
ويشير الكاتب والمحلل السياسي المقرب من حركة فتح حسن عصفور إلى “الامتعاض الفتحاوي” من الخطوة القطرية المتمثلة بدفع رواتب موظفي غزة دون الرجوع للسلطة الفلسطينية معتبرا تمرير الأموال عبر الجانب الإسرائيلي ” إهانة” للسلطة الفلسطينية وتكريسا للانقسام وتبرئة للاحتلال من مسؤولياته وبحث عن جاني فلسطيني يتم تحميله مسؤولية الأوضاع الصعبة لهؤلاء العسكريين وعوائلهم.
ويعتبر ملف رواتب موظفي غزة من أهم الملفات التي تقف حجر عثرة في وجه إتمام المصالحة الفلسطينية، حيث تطالب حماس باعتماد موظفيها قبل التوقيع على أي اتفاق جديد.
الضغوط التي مارستها السلطة دون إعلان رسمي، يبدو أنه تزامن أيضا مع امتعاض وضغط إسرائيلي بدأت ملامحه تتضح على لسان الكتاب والمحللين الإسرائيليين حيث أشارالكاتب في صحيفة ” تايمز أوف إسرائيل ” العبرية آفي يسخاروف اليوم، إلى أن على الإسرائيليين التساؤل عن مآلات الدعم القطري وانعكاس ذلك على قوة حماس، وإلى أي مدى ستقبل حكومة نتنياهو باستمرار قطر بالقيام بهذا الدور لاحقا.
وتصرف وزارة المالية في غزة على فترات زمنية تمتد لشهر أو شهرين دفعات مالية لموظفي حكومة حماس، التي تعاني من أزمة مالية، تمنعها من دفع رواتب موظفيها، وتكتفي بمنحهم دفعات مالية غير ثابتة.
ويعد توزيع الأراضي آخر الإشارات التي تدل على أن حماس تعاني من أزمة مالية بعد نحو عقد تقريباً من السلطة بلا منازع في قطاع غزة الذي يعاني أيضًا من بطالة مرتفعة وصلت نسبتها 38% بحسب البنك الدولي.
وتفاقمت أزمة حماس التي كانت تعاني أصلا من نقصٍ شديد في السيولة منذ عام 2014، جراء حملة مصرية ضد أنفاق التهريب تحت الحدود بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية.
وقبل إغلاق الأنفاق، كانت حماس تجني ملايين الدولارات من الضرائب على السلع الاستهلاكية المهربة، من بينها الوقود المصري المدعوم.
وبموجب خطة توزيع الأراضي، سوف يشترك كل 4 موظفين مدنيين بأرض تبلغ مساحتها 500 متر مربع، يستطيعون البناء عليها أو بيعها. حتى التراب الذي يتم جمعه في أعقاب عملية البناء، يمكن بيعه مقابل 100 دولار لكل حمولة شاحنة.