ريتشارد تشارنسكي
_ريتشارد-تشارنسكيلقد كنت محظوظا مؤخرا أن أدلي بكلمة حول قضية التطرف الإسلامي في تجمع دولي عقد بالعاصمة الألمانية برلين حيث شارك فيه أكثر من 20000شخص معظمهم من الجالية الإيرانية والمدافعين لحركة المقاومة.
وانعقد هذا التجمع الواسع على أعتاب عيد المرأة العالمي تحت عنوان «من أجل التسامح والمساواة ضد التطرف ومعاداة النساء» حيث شارك فيه الكثير من الشخصيات الدولية من الأحزاب اليسارية واليمينية منهم عمدة نيويورك الأسبق رودي جولياني والرئيسة الأسبق للبرلمان الألماني ريتا زوسموت ووزير الخارجية الفرنسي الأسبق برنارد كوشنر.
وكانت المتكلمة الرئيسية في التجمع مريم رجوي رئيسة الجمهورية للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية وهي حاملة رسالة واضحة للغاية: «تعد قوة النساء أكبر تحد للتطرف الإسلامي».
وتتركز الاهتمامات الدولية وفي حد أكثر على داعش في العراق وسوريا وما تقوم به من أعمال إرهابية تحت يافطة الإسلام. ولكن كان التأكيد على إيران والمعارضة الإيرانية الديمقراطية في هذا التجمع أمرا مناسبا وجديرا.
وفي الوقت الذي لايزال الرئيس الأمريكي وعدد من حلفائه الغربيين يواصلون فيه المساومة ومد أيديهم نحو طهران وذلك بأمل أن يجدوا هدفا مشتركا ضد داعش، فيعد أمرا هاما وبشكل حيوي أن نتذكر أن التطرف الإسلامي ليس في حالة واحدة وأن إشراك مجموعة متطرفة ضد مجموعة أخرى [من المتطرفين] من شأنه أن يكون أمرا خطيرا.
وكانت رسالة رجوي الموجهة لمؤيديها تذكيرا بأنه من الضروري أن يعمل معارضو التطرف أكثر من التصدي لمؤيدي التطرف. وبدلا من ذلك عليهم أن يدركوا أنه يعد ظاهرة عالمية ذات جوانب وأن ينظموا سياستهم المتماسكة. كما عليهم أن يدعموا الحركات الديمقراطية المسلمة والمتسامحة لتقدم بديل سياسي دائما ضد كيانات مدمرة نظير داعش والجمهورية الإيرانية الإسلامية.
ولعل الرئيس أوباما ومؤيديه لديهم ستراتيجية مماثلة وهم أثناء مفاوضاتهم مع النظام الإيراني. غير أنه يعد استخداما غير صائب لتلك الستراتيجة. وعندما استلم حسن روحاني عام 2013 منصب رئاسة الجمهورية وتعامل الكثير من الساسة الدوليين معه بصفته معتدلا غير أن خلفيته لا تؤيد ذلك الأمر سواء كان قبل انتخابه رئيسا أو بعده. كما بين أنه لا يوجد معتدل بين السلطة الحاكمة للاستيلاء على كل من إيران والعراق وسوريا.
وتتناول يوميا وسائل الإعلام العالمية القضايا المرعبة وأعمال العنف التي تقوم بها داعش ولكن ووراء ذلك تقع في إيران قضايا وحكايات مصيبة بالصدمة والشنق بأعداد كبيرة والجلد بالسوط أمام المرأى العام والاعتقالات السياسية. ويتواصل سير هذه الإجراءات دون أن يتم متابعتها وذلك على غرار الرقابة والإشراف من قبل الحكومة وممارسة القمع في حق الأقليات والأهم من الكل قمع النساء.
وللذين يرصدون إيران فيعد عدم التقدم والتطوير في البلد أمرا واضحا وذلك حتى في الوقت الذي يحاول فيه النظام الإيراني أن يجعل نفسه عزيزا عند المجتمع الدولي وذلك بالاحتفاظ بكرسيه حول طاولة المفاوضات مع كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا.
وما أعلنه الولي الفقيه في النظام الإيراني علي الخامنئي من سياسات معلنة له، يحول دون النساء من الدخول إلى العيش المجتمعي كما يحثهن وبإصرار على الزواج وتشكيل عائلة كبيرة وذلك في سن المراهقة. ويتم فرض التمييز بين الجنسين. كما تقلل لائحة جديدة للنساء مكانتهن بتحويلها النساء إلى ماكنة للتفقيس.
ولكن وبصريح العبارة يجب القول بأن القضية لم تحظ باهتمام كاف مما سمح لمعظم العالم بتجاهل الأبعاد العالمية للتطرف الإسلامي و هم يسمحون بدورهم بتجاهل نداء المسلمين المعتدلين الحقيقيين وهم يعدون أفضل حل لإقلاع جذور الأيديولوجية المتطرفة. وفي المقابل يعد ذلك تصديا لمجموعة من هجمات جوية ضد أهداف محددة وموضعية.
حتى وإذا تم تدمير تلك الأهداف فهي في موقف، يأتي آخر ليحل محلها. وفي هذه الحالة فإن تمدير داعش يحرر أراضيا ويمهد الطريق لمد الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ولاستبدال الذبح والإعدام شنقا ولمواصلة وتزايد قمع الأقليات والنساء تحت تطرف بعنوان آخر.
وإني موقن بأنه يمكن تصدي التطرف الإسلامي من خلال الاستعانة بالمسلمين المعتدلين كمن نظموا تجمع برلين الواسع. وأتمنى أن ينضم إلينا في المرة القادمة عدد أكثر من الساسة الغربيين ممن يدركون قيمة ترويج هذه النداءات كحل شامل ضد التطرف الإسلامي.