كواليس متوترة لأوباما بالصين.. لم يجد سلما للنزول من الطائرة

بدأت المشاكل عندما هبطت طائرة الرئيس الأمريكي في مطار الصين، حيث لم يكن هناك سلم للطائرة في انتظار باراك أوباما كالمعتاد أمام باب طائرة الرئاسة على مدرج المطار.
وسارع موظفو البيت الأبيض لمساعدة أوباما للخروج من الطائرة، عبر توفير سلم منخفض الدرجات لنزوله من طائرة الرئاسة بحسب صحيفة واشنطن بوست.
وحاول طاقم مصوري البيت الأبيض المرافق لأوباما أخذ مواقعهم الاعتيادية لالتقاط صور وصوله، لكنهم وجدوا عضواً من الوفد الصيني المكلف باستقباله يصرخ في وجوههم ويطالبهم بالمغادرة.
وقد حاول مسؤول من البيت الأبيض التدخل قائلاً “هذا رئيسنا، وهذه طائرتنا، ووسائل الإعلام لن تتحرك”، فرد المسؤول الصيني صارخا “هذه بلادنا”.
ثم دخل المسؤول الصيني في حوار حاد مع مستشارة أوباما للأمن القومي، سوزان رايس، ونائبها بن رودس، في محاولة لمنعهما من التحرك نحو الجزء الأمامي من الطائرة.
 كان هذا الغضب الشديد والتوترات في كواليس زيارة أوباما، شاهدا على العلاقات المنهكة والمشحونة بين القوتين العالميتين بعد السنوات السبع الماضية من الروابط المتقلبة.
وقد وصل أمس السبت العديد من المسؤولين في البيت الأبيض والدبلوماسين الذين منعوا من حضور اجتماع أوباما، ودخلوا في نقاش حاد مع المسؤولين الصينين قبيل دخولهم الاجتماع.
وقال مسؤول البيت الأبيض بغضب شديد “سوف يصل الرئيس هنا في غضون ساعة”.
وكاد أن يقع عراك بالأيدي بين مسؤول صيني يحاول مساعدة الدبلوماسيين الأمريكيين وبين موظفي الأمن الصيني الذين حاولوا إبقائهم في الخارج.  “لو سمحتم.. هدوء هدوء”. هكذا طلب منهم مسؤول آخر في البيت الأبيض.
وقبل عشرين دقيقة من وصول أوباما والرئيس الصيني شي جين بينغ، كان الجدل مستمراً في الغرفة بينما يجري الترويج للتعاون بين الرئيسين.
وقد أصر الصينيون على أنه لا يوجد مكان للاثني عشر صحفيًا أمريكيًا من المرافقين  لأوباما. فيما أصر المسؤولون الأمريكيون أن هناك مكاناً لهم، مشيرين إلى وجود منطقة واسعة لأجهزة الإعلام فضلاً عن الترتيبات المقدمة للمفاوضات.
المناوشات كانت بارزة طوال الرحلة، ومع ذلك قال مسؤولو البيت الابيض إن العلاقات الأمريكية والصينية أكثر وردية، مشيرين إلى جهود ومحادثات لتحسين الأجواء.
لكن في العديد من المجالات الأخرى، فشلت أكبر كتلتين اقتصاديتين في كسر حاجز العداوة والأعمال العدائية والنزاعات في قضايا عديدة منها قرصنة الإنترنت والتجارة وحقوق الإنسان.
ويظهر الصراخ والصياح الذي جري السبت مدى اختلاف الجانبين في وجهات النظر إزاء دور كل منهما وأن القليل قد تغير منذ مشكلة أوباما في زيارته الأولى عام 2009.
الآمال العظمي تتحول إلى محور
يأمل أوباما في تحسين العلاقات بين البلدين. ففي عام 2009 حاول أوباما الوصول إلى القادة الصينين عن طريق زيادة العروض وربطها بين البلدين.
وقرر الرئيس الأمريكي عدم مقابلة دالي لاما لتجنب غضب الرئيس الصيني، الأمر الذي أصاب أنصار حقوق الإنسان بالإحباط جراء هذا القرار، رغم أن أوباما كان أول رئيس أمريكي يزور الصين في خلال أول سنة رئاسية له. لكن إدارة أوباما أخذت كل الاحتياطيات والحذر والتأكد من أن الصين قد سيطرت وأمنت كل المواقع مع زيارة اوباما.
وقال أورفيل شيل، المفكر الصيني الذي كان موجوداً في الصين خلال زيارة أوباما ” لم يسمح له أن يقول الكثير. لقد منعه الصينيون من مقابلة بعض الأشخاص ومن استقبال أسئلة أو حتى مقابلات اذاعية. ولم يعرف تماماً كيف يرد. ولم يرغب في أن يكون غير مهذب. هذا يجعل الولايات المتحدة تفهم أن هذا هو ما تتجه إليه الصين والعلاقات بين البلدين”.
وانتقد البعض أوباما بسبب تبنيه مثل هذا الموقف المنفتح والمفرط في التفاؤل خلال تلك السنوات المبكرة.
ويقول دبلوماسيون أمريكيون كبار حاليون وسابقون، إن أوباما لم يحصل في مقابل موقفه هذا سوى على الشعور بأنه جرى حرقه من جانب بكين.
ولكن يمكن أن يعزى ذلك أيضًا إلى حقيقة بسيطة وهي أن الصين نفسها كانت تمر بتحول زلزالي خلال السنوات الأولى من رئاسة أوباما.
عندما أوصل الركود العالمي جميع دول العالم إلى الأزمة المالية في أواخر العقد الأخير من القرن الماضي فقد نجت الصين سالمة من هذا الركود، ونظر قادتها حولهم وأدركوا للمرة الأولى فقط مدى القوة التي حققتها الصين بأن أصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وبعد ذلك بوقت قصير بدأوا بشغف في بسط هذه القوة خارج الصين.
ولم يعد لديهم استعداد لتقديم تنازلات أو انتظار الفرصة الملائمة فيما يتعلق بالأمور الكبيرة، مثل المطالبات الإقليمية، والأمور الأصغر حجماً مثل التفاصيل الجوهرية للمفاوضات حول من يجلس أين وماذا يقول خلال المناقشات الدبلوماسية.
وكان رد أوباما على هذا التأكيد الذاتي الصيني، المكتشف حديثاً، استجابة للواقع إلى حد كبير. وقال جيفري بادر، كبير مستشاري أوباما في آسيا خلال تلك السنوات المبكرة، إن الصين شهدت تغييرات كبيرة في القدرة والقيادة خلال السنوات الماضية “.
سياسة صارمة
وقرر المسؤولون في إدارة أوباما أنه إذا لم تنجح علاقة الجزرة سوف نجرب العصا. وأطلقوا على هذه السياسة الصارمة اسم “محور آسيا”.
وتم اختزال هذا المحور إلى فكرة إعادة توازن اهتمام السياسة الخارجية الأمريكية من الشرق الأوسط إلى آسيا، تلك المنطقة التي سيكون لها أهمية استراتيجية واضحة خلال السنوات المقبلة.
ودرس القائمون على صياغة استراتيجية المحور في ذلك الوقت، أمثلة في التاريخ تبين أنه عندما تصعد قوة تأخذ القوى الأخرى في الهبوط مثل صعود ألمانيا في قارة أوروبا بعد الحرب العالمية الأولى، وأثينا واسبرطة، وصعود الولايات المتحدة في القرن العشرين.
وتوصلوا من تلك الدراسات إلى الاعتقاد أن الصين سوف تستجيب بشكل أفضل لموقف القوة، ولذلك خططت الولايات المتحدة لتوطيد العلاقات مع حلفائها التقليديين في آسيا واكتساب حلفاء جدد بين دول مجاورة للصين وتشعر بالقلق من التسلط الجديد للصين تشمل فيتنام وبورما والهند.
وذهب التفكير إلى أنه من خلال استخدام هذا النهج المتعدد الأطراف يمكن للولايات المتحدة إحداث توازن مع الشعور بتأكيد الذات والقوة العسكرية المتزايدة للصين.
الشكوك تساور الحلفاء
وكانت المشكلة الرئيسية مع محور آسيا تتعلق بالتصور والمضمون. حيث أعرب قادة أوروبيون ومن الشرق الأوسط عن القلق من فكرة التحول المفاجئ لاهتمام وأولويات الولايات المتحدة من مناطقهم إلى مناطق أخرى.
ورأى قادة الصين أن المحور يمثل مؤامرة امريكية للتدخل في أهداف الصين وإبطاء تقدمها.
وفي الوقت نفسه أثار هذا المحور قلق الحلفاء الآسيويين المقربين للولايات المتحدة. وتعجب كثير منهم من سذاجة هذا المحور وكم سيتطلب من الدعم الاقتصادي والعسكري.
وفي الأشهر الأخيرة ظهرت تلك الشكوك من جديد لأن اتفاقية “الشراكة العابرة للمحيط الهادئ”، الخاصة بالتجارة متعددة الجنسيات مع الحلفاء الآسيويين والتي يأمل أوباما في إقرارها هذا العام، ربما لا تتم بسبب قلة الدعم الذي تحظى به في الكونغرس ومن قبل مرشحي الرئاسة هيلاري كلينتون ودونالد ترامب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *