دعوات لمشاركة الأمنيين والعسكريين في الانتخابات تثير الجدل في تونس

أثارت الدعوة إلى منح الأمنيين والعسكريين حقّ الاقتراع والترشح في الانتخابات جدلًا واسعًا في تونس، ففي حين اعتبرتها النقابات الأمنية حقًّا دستوريًا، فإنّ أحزابًا وأمنيين وعسكريين متقاعدين شدّدوا على رفضها حتى لا يتمّ تسييس المؤسستين الأمنية والعسكرية.
ولم تتوصل لجنة التوافقات المتعلقة بمشروع تنقيح قانون الانتخابات والاستفتاء وإدراج الأحكام المتعلقة بالانتخابات البلدية، إلى التوافق بين الكتل البرلمانية حول الفصل المتعلق بتمكين القوات الأمنية والعسكرية من ممارسة حقهم في الانتخابات البلدية.
النقابات الأمنية تطالب بحقها في الاقتراع
خلال شهر حزيران/يونيو الماضي وفي بيان مشترك، طالبت نقابة موظفي الإدارة العامة لوحدات التدخل وشركاؤها والاتحاد الوطني لنقابات قوات الأمن التونسي بحقها في الاقتراع بالانتخابات.
وأكدت النقابات الأمنية في بيانها، على “رفضها لنتائج التصويت المتعلقة بالفصل السادس من الدستور، واللجوء إلى وسائل الطعن التي نصّ عليها الدستور”، داعية إلى “ضرورة أن تبدي جميع مكونات المجتمع المدني رأيها في مدى تمسكهم بالأمنيين باعتبارهم مواطنين كسائر التونسيين”.
وقال الحبيب كربول، رئيس الجمعية التونسية للأمنيين الشبان، إنّ “الائتلاف أعدّ دراسة تتضمّن تصوّر الأمنيين حول الحق الانتخابي”، مؤكدًا على أنّ “مقترحهم لاقى ترحيبًا من عدد معتبر من  نواب البرلمان”.
وفي تصريح سابق، أكد عضو المكتب السياسي لحزب آفاق تونس والوزير الحالي رياض المؤخر، “دعم حزبه لحق الأمنيين والعسكريين في الانتخاب وحقهم بالترشح في الانتخابات مع وجوب تقديم الاستقالة”.
حركة النهضة ترفض 
وأكدت رئيسة لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية، النائب عن حركة النهضة كلثوم بدر الدين، أنّ “حزبها لن يوافق على منح الأمنيين والعسكريين حق الانتخاب، وذلك بسبب ضرورة حيادية المؤسستين الأمنية والعسكرية بعيدًا عن الشأن السياسي”.
وأضافت بدر الدين لـ”إرم نيوز”، أنّ “تونس تعيش وضعًا صعبًا، بعد أن فتحت حربًا على الإرهاب والتهريب، وبالتالي يجب التركيز على ذلك”. موضحة أنّ “هذا الموقف نشترك فيه مع عديد الأحزاب الأخرى، التي ترفض مقترح الزج بالمؤسستين الأمنية والعسكرية في الشأن السياسي”.
وأشارت النائبة عن حركة النهضة، إلى أنّ “نداء تونس وحزب آفاق وبعض الأحزاب الأخرى، تدعم تمكين الأمنيين والعسكريين من المشاركة في الانتخابات”.
وينصّ الفصلان 18 و19 من الدستور التونسي، على أنّ الأمن “جمهوري محايد للسلطة المدنية ولا يمكن الزج به في الحملات الانتخابية، خاصة وأنه من الأسلاك الحاملة للسلاح”.
عسكريون يرفضون
وأصرّ العميد السابق بالجيش التونسي والخبير العسكري مختار بن نصر، على رفض الزجّ بالأمنيين والعسكريين في أتون السياسة، مؤكدًا على أنّ موافقة البرلمان على ذلك يعني “تسييس المؤسستين اللتين بقيتا محايدتين منذ الاستقلال”.
وقال بن نصر لـ”إرم نيوز”، إنّ “الأمنيين والعسكريين يجب أن يكونوا محايدين وبعيدين عن أي نوع من التجاذبات السياسية، حتى يكون ولاؤهم للوطن دون غيره، وأن لا ينشغلوا عن حمايته والذود عنه”.
وأشار رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، إلى أنّ “دفاع الحقوقيين عن حقّ الأمنيين والعسكريين في الانتخاب بدافع المساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والحريات، يكشف عن عدم وعيهم بخطورة ذلك القرار على الوضع الداخلي لتونس”.
بدوره، نشر رئيس أركان جيش البر السابق أمير اللواء محمد صالح الحامدي، تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انتقد فيها الدعوات إلى مشاركة العسكريين والأمنيين في الانتخابات،  قائلا “ابتعدوا عن الجيش”.
وأضاف الحامدي، بقوله “للقوات الحاملة للسلاح وخاصة العسكريين حقوق أخرى أهم بكثير من حق الانتخاب، ولا أحد يلتفت إليها، كما أنّ المناخ السياسي في تونس حاليًّا مناخ ملوث، مال فاسد وشراء ذمم وضرب تحت الحزام”.
وتساءل الحامدي، “هل من مصلحة البلاد في الوقت الراهن أن يتسرّب هذا التلوث داخل المؤسسة العسكرية والأمنية؟، طبعاً لا”.
وأشار القائد العسكري، إلى أنه “يؤمن البعض أن في السياسة الغاية تبرر الوسيلة، أقول لهؤلاء إنّ الوسيلة الأولى للقوات الحاملة للسلاح هي السلاح، إذن اتركوا القوات الحاملة للسلاح بعيدة عن السياسة إلى حين اتضاح الرؤية على الأقل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *