وصلت خطط التقشف السعودية إلى مخصصات الأمراء، من أبناء الأسرة الحاكمة، في مؤشر على أن المملكة تشرك الجميع دون استثناء في تحمل أعباء عصر النفط الرخيص.
وأصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، الاثنين الماضي، عدداً من الأوامر الملكية بتقليص رواتب ومزايا الوزراء وأعضاء مجلس الشورى، وخفض مكافآت العاملين في القطاع الحكومي وذلك في أحدث خطوة تتخدها المملكة لتقليص الإنفاق.
ونقل الموقع الإلكتروني لصحيفة “سبق” السعودية، اليوم الأربعاء، عن المستشار والمحكّم القضائي يحيى بن محمد الشهراني قوله إن “الأمر الملكي بشأن تخفيض رواتب الوزراء، يشمل أيضاً أمراء المناطق ونوابهم من أصحاب السمو الملكي وأصحاب السمو الأمراء”.
وأضاف: “الأمر الملكي بتخفيض الرواتب 20% يشمل جميع الأمراء من الوزراء، بمن فيهم وزيرا الداخلية والحرس والدفاع (ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان)”.
وقال مصدر سعودي مطلع لـ “إرم نيوز”: “إن وصول التخفيضات لهذا المستوى يؤكد أنه يشمل الجميع، حتى ولو لم يتم الإعلان عن ذلك بشكل واضح ومفصل”.
وأشار مصدر آخر رافضاً الكشف عن هويته إلى أن “بعض الأمراء يتخلى بالفعل طواعية عن مخصصاته جزئياً أو بالكامل”.
وتضاف الأوامر الجديدة التي تمس آلاف الموظفين في القطاع العام السعودي، إلى أوامر وقرارت حكومية سابقة اتخذتها المملكة التي تواجه تراجعاً كبيراً في إيراداتها بسبب تهاوي أسعار النفط الذي يشكل أساس الاقتصاد السعودي والذي دفع قادة المملكة لتبني خطة تحول جذرية تنتهي بالوصول لاقتصاد متنوع لا يعتمد على النفط وحده.
استهداف كبار الموظفين
وقال المحلل الاقتصادي السعودي فضل البو عينين إن من الواضح أن القرارات تستهدف كبار الموظفين كالوزراء وأعضاء مجلس الشورى، أما الموظفون العاديون فلن يكون هناك تأثير عليهم على الأقل في الأجور المباشرة، وما يتقاضاه الموظف العام، مبيناً أن التغير الوحيد في مخصصات الموظفين يقتصر على علاوة بدل النقل في حالة الإجازة.
وفي تعليقه على علاقة الأوامر الملكية بالتنافسية الاقتصادية، استبعد الخبير السعودي أن يكون للأمر صلة بالتنافسية، معتبراً أن الأمر خاص بالترشيد وضبط الإنفاق الحكومي فقط.
لكنه استدرك قائلاً إنه في حال ربطت عملية ربط الحوافز في القطاع الحكومي الوظيفي مستقبلاً فسيساعد ذلك كثيراً على التنافسية.
وفيما يتعلق بتوقعه لإقبال المواطنين السعوديين على القطاع الخاص بعد هذه الإجراءات، رأى الخبير الاقتصادي أن أي إجراء يقلص الفروقات بين القطاعين العام والخاص سيؤدي بالتبعية إلى جعل وظائف القطاع الخاص أكثر جاذبية.
وبين أنه في السابق كانت هناك رغبة كبيرة في الحصول على الوظائف الحكومية لأسباب مختلفة منها الأمن الوظيفي والعائد وأمور كثيرة، واليوم في ظل تقليص بعض تلك المزايا فربما يكون ذلك مشجعًا على الانتقال إلى القطاع الخاص.
واعتبر البوعينين ربط القرارات التقشفية بعام واحد مؤشر على أن القرار يمكن أن يلغى في أي وقت إذا حدث تطور في الإيرادات الحكومية مثل ارتفاع أسعار النفط، لكنها قد تمدد إذا حدث العكس.
التوطين هو الحل
من جهته اعتبر الكاتب السعودي جمال خاشقجي في حديث لـ”إرم نيوز” أن هذه القرارات تشي بمشكلة كبيرة تعاني منها التركيبة الاقتصادية في السعودية، وهو كون الدولة هي الموظف الأكبر والأهم، وهو الشيء الذي لا ينبغي أن يكون.
وبيّن خاشقجي أنه لو كان الموظف الأكبر هو قطاع الأعمال ونشطاته في مجال التجارة والصناعة، لما انشغل السعوديون بهذه القرارات، مذكراً بأن هذا القطاع ما يزال يعيش سيطرة اليد الأجنبية، حيث 85% من وظائف القطاع الخاص، هم من الأجانب.
واقترح خاشقجي حتى لا تتأثر اقتصاديات الدولة بإخراج الأجانب وإحلال العمالة الوطنية في مكانهم، الشيء الذي سيعيد التوازن للاقتصاد السعودي، بحيث يكون قطاع الأعمال هو الموفر للوظائف، مضيفا أن هذا القطاع لا يحكم لا بأسعار النفط ولا بغيرها، وإنما هو قطاع حر يحكم بمبدأ الربح والخسارة فقط.
ورغم الإجراءات الأخيرة التي جاءت بها الأوامر الملكية في تقليص مزايا الموظفين استبعد خاشقجي أن يشهد القطاع الخاص إقبالاً من المواطنين السعوديين، لأن قطاع الأعمال ما يزال مشوها بسبب سيطرة الأجانب عليه تملكا وإدارة وتشغيلاً على حد تعبيره.