أثار قرار الكونغرس الأمريكي برفض فيتو الرئيس باراك أوباما، الذي استخدمه ضد قانون يسمح بمقاضاة السعودية بسبب هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، ضجة كبيرة لدى الرأي العام العالمي، لما له من تداعيات خطيرة على العلاقات السعودية الأمريكية، في حال مقاضاة الولايات المتحدة الأمريكية للمملكة.
وقد صوت مجلس الشيوخ الأمريكي أولا لمصلحة رفض فيتو الرئيس بـ97 صوتا مقابل صوت واحد، ومن ثم صوت مجلس النواب أيضا على رفض الفيتو بأغلبية 348 صوتا مقابل 76، وبذلك يصبح القانون الذي يحمل اسم “العدالة ضد رعاة الإرهاب” ساري المفعول.
في هذا الإطار، اعتبر وكيل لجنة الخطة والموازنة النيابية المصرية النائب ياسر عمر أن “رفض الكونغرس الأمريكي لفيتو أوباما ابتزاز ودليل على عنصرية أمريكا”.
وقال عمر لا أعتقد أن قرار الكونغرس سيدخل حيز التنفيذ، بدليل أن أمريكا تترك مجال للمناورة وتخشى على استثماراتها في السعودية”.
سابقة قضائية
من جانبه، رأى أستاذ القانون الدولي محمد عطا الله أن “مقاضاة السعودية من قبل القضاء الأمريكي، تعتبر من السوابق لمقاضاة دولة أمام قضاء دولة أخرى وليس أمام القضاء الدولي، وبالتالي ستؤثر على العلاقات السعودية الأمريكية بصفة خاصة، وعلى العلاقات العربية والإسلامية الأمريكية بصفة عامة”.
وقال عطا الله إن “الأصل في التقاضي أنه إذا ما كانت دولة داعمة للإرهاب أو شخص معين فإنه يتم مقاضاته أمام القضاء الوطني لدولته، فإذا عجز القضاء الزطني عن القيام بمهامه، يمكن نقل الاختصاص للقضاء الدولي وليس لقضاء دولة أخرى”.
وأردف عطالله بأنه “على فرض أنه إذا كان هناك صعوبة أو استحالة أو عدم قيام القضاء السعودي بدوره على أكمل وجه، يمكن نقل الاختصاص للقضاء الدولي وليس للقضاء الأمريكي”.
وحذر أستاذ القانون الدولي من “تداعيات رفض الكونغرس لفيتو أوباما التي ستؤثر على العلاقات السعودية الأمريكية، باعتبار السعودية عضو أساسي في جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ولأنها دولة محورية في دول الخليج.”
ابتزاز واستيلاء
على صعيد متصل، وصف أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة حسن نافعة، رفض الكونغرس لفيتو أوباما بالخطير جدا، على الرغم من أن القانون صدر عن الكونغرس الأمريكي بأغلبية ساحقة.
وقال نافعة في تصريحات إن “الكونغرس وافق على قانون جاستا بأغلبية تجاوزت الثلثين وفي غضون فترة بسيطة “، معتقدا أن “قانون جاستا صمم لابتزاز السعودية وربما للاستيلاء على استثماراتها في الولايات المتحدة الأمريكية”.
وأعرب نافعة عن تخوفاته من أن “القانون سيؤدي إلى تعقيدات كبيرة جدًا في العلاقات بين السعودية وأمريكا، إضافة إلى علاقات واشنطن بدول المنطقة”.
وحول سبب رفض إدارة أوباما للقرار بالرغم من موافقة الكونغرس عليه، توقع نافعة بأن “الإدارة الأمريكية رفضت القانون خوفا من أي تداعيات أو آثار سلبية بالنسبة للأمريكيين الرسميين الذين يعملون في دول عربية”.
ورأى أستاذ العلوم السياسية أنه في مواجهة هذا القانون الأمريكي ضد السعودية فإنه “يمكن الاستناد إلى قوانين مماثلة لإقامة قضايا ضد أمريكا بهدف التعويض عن الانتهاكات والأضرار نتيجة العدوان الذي أقدمت عليه واشنطن في مختلف دول العالم، حيث أن هناك كثيرون سجنوا ظلما في غوانتامو، وهناك أيضا حرب أمريكية غير شرعية وغير مصرح بها من جانب مجلس الأمن في العراق، راح ضحيتها ملايين البشر”.
ورأى نافعة أن “القانون سيكون له تداعيات كبيرة مالم تتداركه الحكومة الأمريكية وتعمل على تجميده”، موضحا أنه “في حال صدور أحكام بالتعويض للأمريكيين المتضررين في أحداث 11 سبتمبر، فإن ذلك سيفتح باب جهنم على الأمريكيين، وعلى العلاقات الدولية وسيصيبها بفوضى عارمة”