فضيحة ثقيلة.. نصف مليار دولار دفعها البنتاغون لفبركة تقارير إعلامية بالعراق

كشف تحقيق استقصائي، عن فضيحة جديدة متصلة بـالبنتاغون، تظهر أن وزارة الدفاع الأمريكية دفعت لشركة علاقات عامة بريطانية أكثر من نصف مليار دولار، للقيام بحملة ترويج سرية داخل العراق تعتمد فبركة مقاطع فيديو، بعضها عن “القاعدة” ولقطات تلفزيونية قصيرة يراد منها تعقب مشاهديها.
الفضيحة سرّبها موظف سابق ونشرها مكتب التحقيقات الاستقصائية، واصفًا شركة العلاقات العامة البريطانية بأنها “خلافية لا طعم لها ولا قيمة”، ومع ذلك كانت تعمل ضمن نطاق كبار الضباط الأمريكيين في العراق، داخل مخيم النصر.
صحيفة صنداي تايمز البريطانية التي شاركت في التحقيق ونشر هذه الفضيحة، نقلت عن المدير السابق للمؤسسة البريطانية المسماة “بيل بوتنجر” بأنه شارك في مجموعة من العمليات العسكرية السرية في العراق، مستخدمًا غطاء من الوثائق العسكرية المزعومة. وكانت تلك الوثائق “المفبركة” تصل للمخابرات المركزية الأمريكية والبنتاغون.
وأفادت صنداي تايمز أن المدير السابق للمؤسسة البريطانية المتهمة بالفبركة سبق له أن كان مستشارًا لرئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر من أجل بناء وترويج صورتها السياسية.
كما كان مستشارًا لحزب المحافظين في 3 انتخابات برلمانية، وكانت تقاريره في العراق ترفع للمؤسسات القيادية الأمريكية بتوقيع رئيس الأركان الأسبق ديفيد بترويس.
3 ألوان من العمليات الإعلامية
وأفاد بعض الذين سألتهم الصحيفة أن التقارير عن العمليات الإعلامية كانت تجهّز وترفع تحت ثلاثة أصناف: واحد أبيض، إشارة الى أن المعلومة موثّقة. والثاني بُنّي إشارة الى أن معلوماته غير موثّقة، والثالث أسود إشارة الى أن معلوماته مفبركة، وأن هذا النوع الثالث كان يحقق لهم معرفة من يتابع هذا النوع من التقارير.
المؤسسة البريطانية للعلاقات العامة كانت تتقاضى مئات ملايين الدولارات سنويًا وتوظّف حوالي 300 شخص بريطاني وعراقي، وتم التعاقد معها عام 2004 لإدارة الحملات الإعلامية والنفسية، حسب إفادات الذين تحدثوا للصحيفة.
ونقل التقرير الاستقصائي عن أحد الموظفين الذي وصف بالتفصيل ما كان يجري في غرفة مغلقة ضمن المجمع الموجود في قاعدة عسكرية، بأنه غرفة المنتجة والفبركة لثلاثة أنواع من التقارير التلفزيونية: الأول متخصص بتصنيع تقارير تلفزيونية تسيء إلى تنظيم القاعدة، والثاني تقارير إخبارية تبدو للمشاهد وكأنها من إنتاج تلفزيون عربي.
وبالنسبة لما يتصل بالقاعدة فقد كان مدير الدائرة يبعث مصوريه لتسجيل لقطات ضعيفة الوضوح لعمليات القصف من طرف القاعدة، ثم تحريرها كما لو كانت قطعة إخبارية باللغة العربية لتوزع على مختلف القنوات الفضائية في المنطقة.
أما النوع الثالث من التقارير الإعلامية فهي أشرطة دعائية مزيفة لتنظيم القاعدة، تستخدم اسم وشعارات التنظيم بطول 10 دقائق، وضمن ملف يمكن استخدامه على نظام “ريال بليير” الشائع في العراق.
وتأتي بعد ذلك خطوة ثانية، يقوم فيها جنود البحرية الأمريكية بأخذ هذه الأشرطة المزيفة ويلقونها عشوائيًا في المناطق نفسها التي قصفتها القاعدة.
 وتأتي بعد ذلك خطوة الاستماع لما تبثه تلك الأشرطة المزيفة التي تقع بين أيدي الناس الذين سقطت عليهم قنابل “القاعدة”.
أهمية ما تبثه تلك الأشرطة تكون كبيرة إذا اكتشفوا أنها انتقلت من المكان الأول المضروب من القاعدة، إلى منطقة أخرى من العالم؛ لأن ذلك سيحقق للمخابرات الأمريكية إمكانية التتبع التي يريدونها.
وأظهرت اعترافات موظفي الشركة البريطانية أن بعض تلك الأشرطة المدمجة كانت لا تلبث أن تظهر في إيران وسوريا وأحيانًا في الولايات المتحدة.
التحقيق الاستقصائي حصل على إقرار من البنتاغون بأنهم فعلاً كان يريدون هذه الشبكة التي عملت تحت “إشراف” قوة العمليات السيكولوجية المشتركة التابعة للقيادة العسكرية الأمريكية، والتي ظلت تعمل في العراق حتى عام 2011.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *