اهتزت إيران بالإدعاءات الفاضحة ضد أكبر قارئ للقرآن الكريم، الذي اتهم بالاعتداء الجنسي على المتدربين دون السن القانونية، وهي الحالة الأولى من نوعها، التي سلطت الضوء على الموضوع المحرم.
هذه الادعاءات لم يسبق لها مثيل في الجمهورية الإسلامية، حيث تتمتع مثل هذه الشخصيات بالاحترام بشكل عام من قبل الجمهور، ويتم التستر على هذا النوع من الإدعاءات، وعدد قليل من الضحايا فقط يتجرأون على تقديم الشكوى.
وفي الأسبوع الماضي، قام ثلاثة على الأقل من المشتكين الذكور بمقابلات منفصلة اتهموا فيها “سعيد الطوسي” وهو قارئ بارز، بسوء السلوك الجنسي بما في ذلك الاغتصاب، بينما كانوا في سن 12 و 13 عامًا.
وظهرت هذه الادعاءات أولاً على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تتمتع بمصداقية كبيرة في إيران بسبب عدم وجود صحافة حرة، ثم تم نشر بعض تلك الادعاءات عندما تحدث الضحايا إلى قناة صوت أمريكا الإيرانية التلفزيونية، بعدما تم تجاهل طلبهم للعدالة من القضاء الإيراني.
وقامت الوكالات والصحف المحلية، بما في ذلك “شارغ” الإصلاحية و”إيتماد”، بنشر التقارير التي تصف “الطوسي” بالمتحرش.
من جانبه أصدر “الطوسي” بياناً ينفي هذه الاتهامات، التي وصفها بأنها “خدع و أكاذيب” تهدف إلى تشويه صورة الزعيم الأعلى للبلاد “آية الله علي خامنئي”.
ولطالما كان الطوسي معروفًا بكونه المقرئ الأعلى في البلاد، وفاز مرتين بمسابقة تلاوة القرآن الكريم العالمية، وكان الطوسي قدوة للكثير من الشباب المتحمسين، الذين يبدأون حفظ وتلاوة القرآن الكريم في سن مبكرة.
ومن المعروف أن الطوسي، قد رتل القرآن بحضور خامنئي في مختلف المناسبات، وهذا يعني أنه كان موثوقاً به من قبل دائرة القائد الداخلية.
ووفقًا لإذاعة صوت أمريكا، منذ أربع سنوات تقدم العديد من المشتكين بدعوى ضد الطوسي، الذي وجهت التهم له في البداية، ولكن تم إسقاط التهم في وقت لاحق.
وكسر المشتكون من أبناء العائلات ذات الخلفيات الدينية المحافظة، حاجز صمتهم في النهاية، وتحدثوا مع الإذاعة و”بي بي سي الفارسية” لأنهم فقدوا الأمل في الحصول على العدالة من المعتدي المزعوم، كما تقدم المزيد من الضحايا بالشكوى، والآن هناك ما يصل الى 10 أشخاص يتهمونه بالإساءة الجنسية.
ورغم حظر كل من إذاعة صوت أمريكا وبي بي سي الفارسية داخل إيران بانتظام والتشويش عليها، إلا أن الملايين من الناس يشاهدون تلك القنوات عبر الأقمار الصناعية غير القانونية.
وقال أحد الضحايا، بثت إذاعة “صوت أمريكا” صوته، إنه تم الاعتداء عليه بينما كان في رحلة تلاوة القرآن الكريم بالخارج مع الطوسي.
وأضاف: “لقد لمس جسدي على متن الطائرة وتحرش بي، وعندما وصلنا إلى الفندق، كان من المفترض أن نحصل على غرف منفصلة، لكنه رتب حصولنا على غرفة واحدة، وكان عمري 12 عامًا فقط، لقد خدعني وبينما كنت استحم دخل علي عاريًا، وكنت أنا في حالة صدمة، ولم أتمكن من الصراخ، فقد تجمد ذهني بينما فعل هو ما أراد”.
وقالت الضحية الثانية، إنه تقرب من الطوسي، لأنه كان متحمسًا للتعلم من سيد تلاوة القرآن الكريم، وأضاف: “أخذني إلى الحمام العام، وهناك فعل الأشياء بحجة عمل التدليك، وعندما خرجنا، كان خائفا وأخبرني ألا أخبر أحدًا، وكنت أنا في حالة صدمة”.
وردد الضحية الثالثة الأقوال السابقة قائلاً إن الطوسي، الذي يبلغ من العمر 46 عاماً اعتدى عليه جنسيًا بحجة عمل التدليك.
وفي بلد ممنوع فيها ممارسة الجنس بالتراضي بين البالغين خارج إطار الزواج، ينتشر الجماع بين أفراد نفس الجنس حتى بين الأفراد الذين ليس لديهم ميول شاذة، وكثير ما يخلطون بين الشذوذ الجنسي ومفهوم “بازي باشا” (العلاقة الجنسية بين رجل وصبي).
وأضاف القضاء الإيراني إلى الارتباك، عندما اعتبر كلاهما جماعًا من نفس الجنس يعاقب عليه القانون بالإعدام. وفي كثير من الحالات يحكم على المتورطين فيه بالإعدام، وغالبًا ما يكون من الصعب التمييز بين العلاقة الجنسية الشاذة بين الرجال الذين يمارسون الجنس بالتراضي، والتي تنطوي على الاغتصاب.
وليس من الواضح المرحلة التي وصلت إليها قضية الطوسي القانونية إلى القضاء الإيراني، فقد أجبرت الدعاية السلطات على القول إن القضية لم تغلق ولا تزال جارية، وقال المتحدث باسم السلطة القضائية “غلام حسين محسني” هذا الأسبوع إن العريضة تشمل أربع ضحايا وتم تكليف قاضٍ من ذوي الخبرة بمراجعتها.
ودافع “آية الله صادق لاريجاني” رئيس السلطة القضائية، بقوة عن مؤسسته يوم الإثنين وبدت تصريحاته كتحذير للضحايا، عندما قال “أولئك الذين تعاونوا مع “وسائل الاعلام المعادية” في إشارة إلى شبكات التلفزيون المحظورة، يجب أن يعاقبوا لكي نعرف من الوفي للثورة ومن الخائن”.