قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية إن المقاتلين الأكراد دخلوا قرية قطان بمحافظة كركوك، وطردوا سكانها الأصليين وهدموا منازلهم وأغلبهم عرب.
وأثناء مضي القوات العراقية في هجومها ضد تنظيم داعش قرب الموصل، دخل أكثر من عشرة مسلحين من تنظيم داعش قرية قطان في محافظة كركوك والمكونة في الغالب من العرب وأعلنوا سيطرتهم عليها عبر رسالة أذيعت من مكبر صوت المسجد، حسبما قال أحد الشهود، قبل أن تتدخل البيشمركة الكردية وتغير مجرى الأحداث.
وتلعب القوات الكردية في العراق دوراً رئيساً في محاربة تنظيم داعش، إلا أن السكان والمسؤولين المحليين والمجموعات الحقوقية تشير إلى أن هذه القوات تقوم بطرد مئات العرب السنة وتدمر منازلهم.
وغذت ممارسات الأكراد مشاعر الاستياء بين العرب المحليين كما تهدد بخلق نوع جديد من التمرد أثناء اندفاع العملية العسكرية الحكومية المدعومة من قبل الولايات المتحدة نحو الموصل، آخر معقل رئيس لتنظيم داعش المتطرف في العراق.
وقال أحد سكان قرية قطان المكونة من 100 منزل هدمت أغلبها من بينها منزله: “هم يجبرون العرب على الخروج من القرية”.
ووقعت آخر موجة من عمليات الهدم والطرد من قبل السلطات الكردية في مدينة كركوك والقرى المجاورة بعد شن تنظيم داعش محاولة فاشلة للاستيلاء على عاصمة المحافظة في الشهر الماضي، في اليوم نفسه الذي دخل فيه مقاتلو التنظيم إلى قرية قطان.
من جانبه قال أحد قادة المجتمع العربي في كركوك إسماعيل الحديدي إنه منذ المحاولة الفاشلة لداعش في الاستيلاء على قطان، طردت القوات الكردية 170 عائلة عربية من منازلهم في المدينة، وطردت 450 أسرة من قطان وقريتين مجاورتين يشكل العرب فيهما الغالبية العظمى من السكان.
ويشير الحديدي ومجموعات حقوقية أخرى إلى أن القوات الكردية دمرت أكثر من 100 منزل، وقال: “ارتكب الأكراد غلطة كبيرة، وتصرفاتهم تؤثر على العلاقات بينهم وبين العرب، فلو حاولت داعش الهجوم على كركوك بعد ما حدث، ستكون ردة فعل العرب مختلفة، ربما كانوا ليدعموا داعش”.
بدورهم، بين مسؤولون أكراد أن عمليات طرد العرب وهدم المنازل تمت لأن العديد من السكان هم من المتعاطفين مع داعش ويحمون الأفخاخ المحتملة للتنظيم.
وذكرت السلطات الكردية أنها تحارب تعريب صدام حسين لمناطق يعتبرها الأكراد مناطق كردية تاريخياً.
وفي تقرير صدر الأحد، وثّقت منظمة “هيومن رايتس ووتش” هدم القوات الكردية لمنازل عربية في 20 قرية وبلدة في شمال العراق بين أيلول/ سبتمبر 2014، وأيار/ مايو 2016. وتقدم الصور الملتقطة من الأقمار الصناعية أدلة على الدمار في 62 قرية أخرى.
وأظهر التقرير أن عمليات التدمير وقعت في العادة بعد انتهاء المعارك وهروب المسلحين وأنها وقعت في بعض الأحيان في قرى لم تستول عليها داعش.
وفي السياق ذاته ذكر السياسي السني البارز ونائب رئيس الوزراء السابق في بغداد صالح المطلق مشيراً إلى الأحداث في كركوك وهي منطقة مكونة من سكان عرب وأكراد وتركمان، أن التهميش والتشريد والاعتقالات هي التي أنجبت داعش، ولن تكون حقبة ما بعد داعش أقل خطورة إن استمر هذا الوضع.
وعزز الأكراد الذين يتمتعون بدرجة كبيرة من الحكم الذاتي في المنطقة الشمالية من سيطرتهم على منطقة كركوك المتنازع عليها والغنية بالنفط منذ عام 2014 عندما استولت داعش على جزء كبير من شمال العراق.
وتشكل عمليات الطرد والهدم الأخيرة التي وقعت في كركوك، والعديد منها أثرت على عرب سنة نزحوا بسبب عنف تنظيم داعش، أكثر الأمثلة الصارخة لليوم على ممارسات يخشى العديدون من أنها محاولة متعمدة لتغيير التركيبة الديموغرافية في المنطقة.
وفي هذا الشأن قالت ليز غراندي منسقة البعثة الأممية للشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في العراق: “إذا تم تأكيده، قد يتسبب هذا بفرض عقاب جماعي، فهو خط أحمر يجب ألا يتم تجاوزه”.
وتنتشر هذه الممارسات خارج حدود العراق، ففي سوريا المجاورة، بينما المعركة جارية لعزل واستعادة معقل داعش في الرقة، أثارت القوة العسكرية الكردية في الغالب بدعم من الولايات المتحدة المخاوف نفسها.
حيث طردت الميليشيات السورية الكردية “وحدات حماية الشعب”، العرب والتركمان من أجزاء كبيرة من شمال سوريا، ويشير السكان والمجموعات الحقوقية أنها مرتبطة بجهود لإنشاء منطقة كردية شبه مستقلة داخل البلاد.
وقال سكان قطان إن قوات الأمن الكردية في قطان دفعت داعش إلى خارج القرية في غضون ساعات، وبعد ذلك جمعوا جميع المقيمين الذكور في القرية ممن أعمارهم تتجاوز الـ18 عاماً واعتقلوهم واقتادوهم إلى معسكر للنازحين داخلياً في ضواحي كركوك، ثم أحضرت القوات الكردية جرّافات وهدمت معظم المنازل، أما المنازل التي لم تدمر في القرية فقد علمت بعبارة “انتباه: هذا منزل كردي”.
ويقر العديد من المقيمين في قرية قطان وقريتين متضررتين غيرها أن بعض القرويين تركوا منازلهم للانضمام لداعش عام 2014، إلا أنهم يقولون إنهم تعاونوا مع السلطات الكردية فعلى سبيل المثال نبهوهم من توغل تنظيم داعش إلى قرية قطان الشهر الماضي، ويقولون إنهم يتم معاقبتهم جماعياً بسبب السلوك السيئ للبعض.
وبعد أن أخبرت القوات الكردية في الـ 23 من تشرين الأول/ أكتوبر سكان بلدة قرة تبة المجاورة بترك منازلهم والانتقال إلى مخيم للنازحين الداخليين، رفض الكثيرون.