وصلت جرائم الكراهية الناجمة عن التمييز والتعصب ضد المسلمين في أوروبا، خلال العام 2015، إلى مستويات مثيرة للقلق، بحيث بلغت نحو ستة آلاف و811 جريمة في عدد من الدول الأوروبية، بحسب تقرير أوروبي.
وأشار التقرير الصادر عن “مكتب المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان” التابع لـ”منظمة الأمن والتعاون في أوروبا”، إلى زيادة تلك الجرائم إلى حد كبير، أبرزها الاعتداء على المحجبات وإضرام النار في المساجد ودور العبادة.
ويستند التقرير المعنون بـ”تقرير جرائم الكراهية 2015″، في رصد الحالات التي ذكرها، إلى سجلات الشرطة وبيانات منظمات المجتمع المدني، في عدد من البلدان الأوروبية.
وتم تصنيف الجرائم الواردة في التقرير تحت بنود “جرائم الكراهية ضد المسلمين”، و”الاعتداء على الأشخاص”، و”التهديدات”، و”إلحاق الضرر بالمال”.
ولفت إلى أن “الأحكام المسبقة على المسلمين تمتد لمئات السنين، إلا أن عوامل مكافحة الإرهاب، والأزمة الاقتصادية العالمية، والتعدد الديني والثقافي، رفعت حدة جرائم الكراهية ضدهم في الآونة الأخيرة”.
وجاء في التقرير أن “الخطاب المعادي للمسلمين، ناجم عن الوصف الذي يدمج الإسلام بالإرهاب والتطرف، وعن تشكيل المجتمعات المسلمة تهديدًا للهوية الوطنية، وأن ثقافة المسلمين توصف بأنها الوحيدة التي لا تنسجم مع حقوق الإنسان والديمقراطية”.
ويصنف التقرير الوضع الأخير لجرائم الكراهية ضد المسلمين في الدول الآتية، حسب الزيادة:
بريطانيا
أكثر جرائم الكراهية بين البلدان الأوروبية حدثت في بريطانيا، وتحديدًا في انجلترا وويلز، حيث وقعت ألفان و581 حالة اعتداء خلال 2015.
منظمتا المجتمع المدني “MEND” و”Tell MAMA” المعنيتان بتدوين جرائم الكراهية، ذكرتا بضع جرائم، منها، محاولة دفع امرأة محجبة أمام القطار، وتعرض أخريات لهجمات بأسلحة صيد، إضافة إلى إضرام النار في المساجد، والهجوم بالقنابل على “المركز الثقافي الإسلامي” والإضرار بالمقابر والأماكن المقدسة للمسلمين، وفقاً للمنظمتين.
ألمانيا
ألمانيا التي لا تصنف الاعتداءات المعادية ضد المسلمين في قوائم جرائم الكراهية لديها، شهدت العام الماضي (2015)، ألفين و447 حالة “عنصرية وكراهية ضد الأجانب”.
وتصنف ألمانيا اعتداءات الكراهية تحت عناوين “معاداة السامية”، و”الحكم المسبق ضد الأديان”، و”الحكم المسبق تجاه المثليين والمعاقين”.
وشهدت البلاد خلال العام 2014، ألفين و39 حالة “عنصرية وكراهية الأجانب”.
ويشير التقرير نقلًا عن منظمات مجتمع مدني، أن أبرز حالات الاعتداء التي شهدتها ألمانيا خلال العام الماضي، هي الاعتداء بالضرب على أشخاص، وإضرام النار في المساجد، إضافة إلى اعتداء متطرفين يمينيين على شخص من الديانة السيخية ظنًا منهم أنه مسلم.
فرنسا وهولندا
شهدت فرنسا خلال العام الماضي زيادة تقترب من ثلاثة أضعافها في جرائم الكراهية ضد المسلمين مقارنة بالعام السابق عليه؛ إذ بلغت 460 جريمة في 2015، مقابل 153 عام 2014.
وتم تصنيف تلك الجرائم على النحو التالي، “الاعتداء بالضرب”، و”إضرام النار”، و”إلحاق الضرر بالممتلكات”، و”أعمال تخريب وتهديد”، بحسب التقرير.
وبالنسبة لهولندا التي شهدت زيادة كبيرة، ذكر التقرير أن الشرطة سجلت 439 جريمة كراهية ضد المسلمين العام الماضي، و24 خلال العام السابق عليه.
السويد
سجلت السويد خلال العام الماضي 369 جريمة كراهية ضد المسلمين، 247 منها على شكل تهديد، و76 حالة تخريب وإضرار بممتلكات، و46 حالة اعتداء، وفق التقرير ذاته.
فيما شهدت البلاد 281 جريمة كراهية في 2014، 197 منها على شكل تهديد، و60 حالة اعتداء بالضرب، و 24 حالة تخريب.
وأوضح التقرير أن منظمات مجتمع مدني في السويد، ذكرت أن شخصًا قتل طالبين مسلمين بالسيف بدوافع الكراهية العام الماضي.
كما تم إضرام النار بمسجد كان يتواجد فيه لاجئون، ما أدى إلى إصابة 5 منهم بجروح، فيما تم تعليق أعضاء خنزير على جدران مساجد، بحسب المنظمات.
النمسا، الدانمارك، بلجيكا، إيطاليا
شهدت النمسا العام الماضي 85 جريمة كراهية ضد المسلمين، فيما وقعت 41 حالة خلال العام 2014.
وقالت منظمة المجمتع المدني “ZARA”، المعنية بتدوين حالات العنصرية والتمييز، إنه تم الاعتداء على امرأتين محجبتين بإطلاق كلب تجاههما.
وذكرت المنظمة ذاتها، أن “المركز الثقافي الباكستاني” ودورًا للحضانة ومساجد ونساء محجبات، تعرضوا أيضًا لاعتداءات.
أما الدنمارك فشهدت العام الماضي 41 جريمة كراهية بدوافع معادية للمسلمين.
وذكرت “المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون للاجئين” أن امرأة محجبة تعرضت في الدنمارك للاعتداء بالضرب بتهمة “الإرهاب”، إلى جانب إضرام النار في مركز إسلامي، فضلًا عن حالات تخريب لبعض مقابر المسلمين في البلاد.
وبالنسبة لبلجيكا التي لم تعلن رسميًّا عن جرائم الكراهية التي شهدتها خلال 2015، فإن منظمات المجتمع المدني، أوضحت أن البلاد شهدت 20 جريمة كراهية ضد المسلمين خلال 2015، و10 أخريات في 2014.
وذكرت “المجموعة البلجيكية المناهضة للإسلاموفوبيا” أن الجرائم تمثلت بالاعتداء بالسكاكين، والأسلحة، وقيادة السيارات تجاه المارة، والاعتداء على طالب رفض تناول لحم الخنزير.
وفي إيطاليا، سجلت 369 حالة “عنصرية وتمييز”، فيما سجلت منظمات المجتمع المدني 10 جرائم كراهية، منها الاعتداء على محل جزار يبيع اللحوم الحلال، وكذلك الاعتداء على المساجد والنساء المحجبات.
تويتر
وعلى صعيد متصل، ذكرت دراسة أن 215 ألفاً و247 هو عدد “التغريدات” التي نُشرت باللغة الإنجليزية على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، بمحتويات تسيء إلى الإسلام أو تحرض عليه أو تربط بينه وبين الإرهاب بشكل مباشر أو غير مباشر، في شهر يوليو/ تموز الماضي وحده.
وأوضحت الدراسة التي صدرت في أغسطس/ آب الماضي، عن مركز “ديموس” البحثي البريطاني (غير حكومي) أخيرًا، أن لبريطانيا نصيب الأسد من تلك التغريدات، وذلك في تصاعد غير مسبوق لـ”الإسلاموفوبيا” في أوروبا على الموقع العالمي.
وركزت الدراسة الإحصائية على الفترة بين مارس/ آذار إلى يوليو/ تموز 2016، والتي شهدت عددًا من الحوادث الإرهابية في الغرب، أبرزها هجوم “نيس” ومقتل كاهن كنيسة بمدينة “روان” في فرنسا.
كما قارنت بين تفاعل المغردين مع تلك الحوادث على الموقع الذي يعكس إلى حد كبير، تفاعل الناس مع مختلف الأحداث وتأثرهم بمختلف وسائل الإعلام.
وأشارت الدراسة إلى نشر ما معدله 289 تغريدة معادية للإسلام كل ساعة، أي ما يصل إلى 7 آلاف واحدة في اليوم، خلال يوليو/ تموز، وهو المعدل الأعلى منذ إطلاق المركز عملية الرصد أواخر فبراير/ شباط الماضي.
يشار إلى أن ظاهرة “الإسلاموفوبيا” (والتي تعني الخوف من الإسلام) بدأت في الظهور بقوة بعد هجمات الـ 11 من سبتمبر/ أيلول 2001، غير أن وتيرتها زادت خلال الفترة الأخيرة مع ارتفاع العمليات الإرهابية التي تقوم بها الجماعات المتطرفة التي تأخذ من الإسلام ستارًا لها.