يبدو أنه ليس هناك حد للقسوة التي يختار الناس أن يسبّبوها لبعضهم، حتى عالم مهربي البشر المليء بالاستغلال والبؤس، ما زال لديهم ما يقدمونه في هذا المجال.
وفي اكتشافات جديدة، تبين أن المهربين يجبرون المهاجرين على شرب الديزل، ويحقنونهم بطفيليات، وهو شيء يفوق سقف حدود المعاناة البشرية.
وطبقًا لتقرير أصدرته صحيفة “ذا لانست” الطبية، هناك العديد من المهاجرين القادمين من أفريقيا، الذين تمت معالجتهم في مستشفى ميونخ الجامعي، كانوا يعانون من الالتهاب الرئوي الهيدروكربوني، بعدما تم إجبارهم على شرب الديزل، من أجل رحلتهم الشاقة لإيطاليا قادمين من ليبيا.
وتوصل باحثو “ذا لانست” لتلك النتيجة، باستخدام التحليل المقارن من قبل الأطباء الآخرين، الذين قاموا بمعالجة المهاجرين ومقابلتهم، ودراسة حالات رجال من ثلاث بلاد، سافروا على مراكب مختلفة، والذين أشاروا إلى أن المهربين أجبروهم على شرب الديزل، وأعطوهم حقنا لإبقائهم هادئين وصامتين، أثناء الرحلة الطويلة المحفوفة بالمخاطر عبر البحر.
وأضافت الصحيفة، أن معدّي التقرير قالوا إن “التاريخ الطبي الدقيق لشاب صومالي يبلغ 16 عامًا وأقاربه يحمل دلائل على إجبار المهربين اللاجئين على شرب الوقود من أجل إبقائهم هادئين أثناء عبور البحر المتوسط”.
منظمات الإغاثة في صقلية، التي استقبلت المهاجرين عندما وصلوا، أكدت هذه التقارير؛ ما يرسم سيناريو مرعبًا، غالبًا ما يبدأ قبل صعود المهاجرين على متن المراكب الخطرة بوقت طويل.
وفي واحدة من القصص التي رويت للصحيفة، من مهاجر نيجيري وصل العام الماضي، أنه تم إجبار النساء الحوامل على إدخال قسطرة بأنابيب بلاستكية أثناء الرحلة، بسبب الاعتقاد الخاطئ بأن بول الحوامل سمّ للرجال، وذلك نظرًا لأنه لا يوجد حمامات أو حتى مجال للحركة.
فيما أكدت امرأة أخرى، أنه من المعتاد عند المهربين أن يحرموا المهاجرين واللاجئين من الطعام والشراب لعدة أيام، قبل بدء الرحلة، من أجل إيقاف عملية الهضم لإبقاء الناس ضعفاء، لكي لا يشعروا بالرعب ويخافوا المراكب.
فيما قالت امرأة أخرى نيجيرية، اسمها ماري، بعدما وصلت صقلية: “لم آكل لمدة ثلاثة أيام، عندما أحضرونا من المنزل الآمن للشاطئ لكي نصعد المركب”، وأضافت: “الناس لا يعرفون السباحة، وإبقاء الجميع ضعفاء طريقة للحد من رعب الناس”.
وفي الفيلم الوثائقي “نار في البحر”، هناك مشهد يرسم بشكل حي شهادة المسؤولين، وهم يعلقون على رائحة الوقود المنتشرة عند مقابلة المهاجرين، وقد أضاف أحدهم: “لا تشعل عود ثقاب وإلا أحرقنا جميعًا”.
كما توجد تقارير من مهاجرين ناجين من الرحلة، والذين قالوا إنه تم حقنهم بمادة تجعلهم عرضة للطفيليات، لأجل إبطاء القنوات الهضمية أو جعلهم ينامون طوال الرحلة.
وفي دراسة “ذا لانست”، كان هناك شاب أريتيري يبلغ من العمر 18 عامًا، تم تسميمه بوقود الديزل، بسبب تفش حاد للدودة الدائرية، ليموت من انهيار متعدد في الأعضاء أثناء فترة الدراسة، ولم يستطع أن يحكي شخصيًا كيف أصيب.
وأضافت الصحيفة، أن المهاجرين تعرضوا أيضًا إلى سرقة الأعضاء، وقد أعلنت المبادرة العالمية من أجل مكافحة الاتجار بالبشر، أن الأعضاء غالبًا ما تذهب إلى أناس أغنياء، ليس لديهم رغبة في البقاء والانتظار الطويل على قوائم زراعة الأعضاء.
وأضافت المنظمة، أن الأعضاء التي يتم الاتجار بها، غالبًا ما تكون الكلى والكبد وما شابه، وأن كل عضو يمكن إزالته واستخدامه هو عرضة لهذه التجارة المحظورة.
وفي أبريل الماضي، تم العثور على جثث 9 صوماليين على سواحل الإسكندرية في مصر، وقد تمت إزالة العديد من الأعضاء بطريقة جراحية من أجسامهم المشوّهة.
وأكد تقرير ذا لانست الجموح والفوضى الصادمة لتجارة تهريب البشر، رغم أن المقصود من التقرير مساعدة الفريق الطبي المتخصص في معالجة المهاجرين، من أجل مراعاة التسمم الناجم عن شرب وقود الديزل أثناء تشخيص الأعراض التي يمكن أن تُظهر شيئاً آخر.
وكتب معدو التقرير: “عند التعامل مع لاجئ مصاب بالالتهاب الرئوي الهيدروكربوني، يجب أن يؤخذ ما سبق في الاعتبار عند التشخيص، بعد استبعاد كل أسباب الالتهاب الرئوي الأخرى حتى بعد وصولهم بأسبوع”.