الفصل 1 تجري الأيام مسرعة .. أسرع مما ينبغي

الفصل 1
تجري الأيام مسرعة .. أسرع مما ينبغي
ظننت بأننا سنكون في عمرنا هذا معا وطفلنا الصغير يلعب بيننا .. لكنني أجلس اليوم إلى جوارك ، أندب أحلامي الحمقى .. غارقة في حبي لك ولا قدرة لي على انتشال بقايا أحلامي من بين حطامك .. أشعر وكأنك تخنقني بيديك القويتين يا عزيز ! تخنقني وأنت تبكي حبا ..
لا أدري لماذا تتركني عالقة بين السماء والأرض ! .. لكنني أدرك بأنك تسكن أطرافي وبأنك
( عزيزُ) كما كنت ..
( أحببتك أكثر مما ينبغي ، وأحببتني أقل مما أستحق ! )
تظن أنت بأننا قادرون على ان نبتدئ من جديد .. لكن البدايات الجديدة ما هي إلا كذبة .. كذبة تكذبها ونصدقها لنخلق أملا جديدا يضيء لنا العتمة ، فإدعاء إمكانية بدء حياة جديدة ليس سوى مخدر نحقن به أنفسنا لتسكن ألامنا ونرتاح .
حاولت أكثر من مرة أن أبتدء معك من جديد ، بعد كل خيبة أمل .. بعد كل محنة وكل نزوة .. كنت أحاول لملمة أجزائي لنفتح مجددا صفحة بيضاء أخرى .. نخط عليها سطور حياتنا الجديدة بلا نزوات ولا هفوات ولا كبوات .. لكننا لم نبيتدئ يوما من جديد .. كنا نمارس عاداتنا نفسها ونزاول ممارساتنا الحمقاء عينها .. ونستمر في حياة ندعي بأنها جديدة . لها الطابع واللون والروتين القديم ذاته ..
كنت أحقن نفسي بمورفين البدايات الجديدة هذه لأرتاح مؤقتا ، كنت كمريض يحتضر .. مريض يلجأ إلى المسكنات ليسقط في غيبوبة نوم بانتظار موت رحيم أو شفاء بجود به الشافي فينتشله من الألم .
لا يبتدئ أحد بداية جديدة مع الحبيب . الحب كزجاجة رقيقة يا عزيز .. زجاجة من السهل خدشها ، زجاجة لا يعيدها إلى حالتها الطبيعية شيء بعد أن تخدش .
قلت لي ليلة ( ما الحب إلا ادعاء ) . أحزنتني نظرتك للحب تلك . لكنني اليوم أفكر كثيرا في ما كان يوما بيننا وقد اختلطت عليّ التعريفات والمقاييس والرؤى . أكان حبنا إدعاء يا عزيزا . أكان أكذوبة ؟! . حالة تلبستنا لأننا أردنا أن تتلبسنا لنصبح جزءا من حالة ( حب ! ) رغبنا بأن نصبح جزءا منها .. لست أدري ! يحزنني القول بعد كل هذه السنوات إنني لست أدري .
أشعر أحيانا وكأني لم أعرفك يوما . تختلط عليّ مشاعري فتنهار قناعاتي القديمة وتحل مكانها علامات استفهام وتعجب لا جواب لها ولا رد عليها .
اليوم أحتاج لأن ترجع إليّ من جديد . أحتاج لأن تعود لتفسر لي الماضي ، لتترجم لي سلوكياتك المبهمة .. أحتاج لأن تنير لي طريقا معتما أجبرتني على السير فيه لكنني لا أظن بأنك ستفعل ..
أتدري يا عزيز .. ما زلت لا أدرك ، لا أدرك كيف يتلاعب رجل بامرأة تحبه من دون أن يخاف للحظة مما يفعله نحوها ! .. كيف تلاعبت بي على الرغم من كل ما حملته في نفسي نحوك ! .. لم تكن رجلا أحببته يا عزيز ، كنت لي الدنيا بمن فيها ، فكيف سمحت لنفسك أن تتلاعب وتقوم بما قمت به بهذه الصورة ؟!
بت الآن لا أحلم إلا بالانتهاء مما يجري .. أكذب عليك إن قلت بأنني لا ارجو سحقك ! لكنني منهكة إلى درجة أكاد فيها غير قادرة على سحق نملة ّ ، تحب أنت أن تسحق النملات ، أخبرك دوما بأن الله سيعاقبك فتضحك ملء شدقيك وتقول : أما زلت تصدقين بأننا نتحول يوم ذلك لنملات ، تسحقنا فيه النملات الحقيقيات .. جزاء على ما فعلناه بها في الدنيا ؟ّ
تسخر كثيرا من منطق الجزاء والحساب ، العقاب والثواب !
تفعل كل شيء ولا تأبه لما سيجري يوما .. ولا تفكر بما ستلقي من حساب .. تظن بأنك ستنفذ من كل شيء .. مؤمنة أنا بيوم الحساب أكثر من أي شيء ، ويريحني هذا الإيمان كثيرا ، فلتقل بأنه ما يخفف عني وما أنتظره .
أتظن بأنني قاسية لأنني أنتظر وآمل وأرجو أن تعاقب على ما اقترفته بحقي ..؟ .. أترى في طلبي لإنصاف الله لي حقدا لا مبرر له .؟؟ .
تقول لي دوما إنني إمرأة حقودة .. ترى فيّ إمرأة حاقدة لأنني ارجو من الله أن يداوي جراحي تطبيقا لعدله .. اشعر أحيانا بالشفقة عليك وعلى الرغم من كل شيء .. لم أقصر يوما معك ولم أكن لأتوانى عن ذلك كل ما أستطيع لتصبح رجلا أفضل .. كنت على استعداد لأن أصغر فتكبر .. لأن أفشل لتنجح ، لأن أخبو لتلمع ..
أنام كل ليلة وأنا على يقين من أنني بذلت كل ما بوسعي ..
وتنام كل ليلة وأنت تدرك بأنك لم تفعل بعضا مما أستحقه .. أشفق عليك لأنك أخطأت وعصبت لدرجة أن المغفرة ستأبى أن تحل عليك ! أشفق عليك لأنني وعلى الرغم من حبي لن أسامحك ما حييت .. أشفق عليك لأنك ستحمل ذنبي في حياتك وبين يدي الرب .. أشفق عليك يا عزيز لكنني مع ذلك لن أغفر لك ! ..
***
لا أحبك حينما تدعوني لزيارة روبرت ويأتي لتنشغل عني بأمر
آخر .. لا أدري لماذا تطلب مني المجيء وأنت تدرك جيدا بأنني
سأقضي وقتي في مراقبتك ولا شيء أكثر ! .. لو تدري كم كنت
أشعر بالملل وأنت تراجع دروسك أمامي .. كان روبرت الكهل الكندي
الذي تقطن منزله لأكثر من خمس سنوات يقامر مع زوجته وأصدقائهما في زاوية الغرفة .. وقد كنت منهمكا بمراجعة دروسك ..
أما أنا فقد كاد الملل أن يقتلني ..
ناديتك : عزيز ..
أجبتني : هاه ! ..
عزيز !
هاه !!..
عزيز ؟؟!
هااااااااااه ؟
مللت ..
قلت لي دون أن ترفع رأسك عن أوراقك : عليكِ بالقراءة !
لا مزاج لأن أقرأ ..
أكتبي ..
لا مزاج لي لأن أكتب ..!..
فكري ..
بماذا ؟!
بي !
عبدالعززززززززيز ..
هاه؟
ممكن أن ألعب معهم ؟
رفعت رأسك نحوي وعيناك تشعان غضبا ..
همست لك بخوف : أنت تقامر ..!..
أنا سيء ..!..
قلت لك بعناد : وأنا سيئة ..
حقا ! .. هذه مشكلة .. لأنني لا أحب الفتيات السيئات ..
ضربتك بالوسادة وصمت .. وأعصابي تغلي من تجاهلك …. المعتاد !
***
ما زلت أذكر اليوم الذي تشاجرنا فيه بسبب الدراسة .. كنت أعرف بأنني
سأنهي دراستي في غضون عام وأشهر وسأعود أخيرا الى الوطن .. الوطن الذي لو لم أغادره لم حدث كل هذا ..
أتكون أنت عقابي على مغادرة وطن أحبني ؟ .. قد تكون يا عزيز .. قد تكون ..
كنت أعرف بأن طريق عودتك طويل .. طويل للغاية .. تشاجرنا يومها ، قلت لك بأنك ستحرم من البعثة لأن سير دراستك سيء وأمورك ليست على ما يرام .. قلت لي : جمانة ، اسمعي ! .. بصراحة أنا لن أعودّ .. أفكر بالاستقرار هنا ..
صرخت فيك : ماذا عني .. وأنا ..؟!
هززت كتفيك ببساطة ، فلتبقي يا جمانة ! .. فلتبقي معي إن أردت ..
ما الذي يحدث لك يا عزيز ..؟!..
أحبكِ، وأريدكِ لكنك لا تتفهمين .
تتذرع دوما بأنني لا أتفهم . ولم أفهم يوما كيف يكون ( التفهم ) برأيك ! لست أدري كيف يكون يا عزيز .. ولا أظن بأنني سأفهم .
***
تأخرت تلك الليلة كثيرا يا عزيز ، فأيقظتني باتي فجرا منبهة :
جمانة صديقك لم يعد بعد ..
كدت أن أصيح بها : ليس صديقي يا باتي ، ليس صديقي ..!..
تسكن معهم منذ خمس سنوات يا عزيز ، ولم يفهموا بعد معنى ما بيننا لأننا معا ولسنا معا .. كان هاتفك مغلقا ليلتها كعادتك في نهاية كل أسبوع .. قدت سيارتي إلى منزلك وأنا أبكي .. لم أكن أفهم لماذا تفعل بي هذا .
جلست أنتظرك وكلي مهانة .. قال لي روبرت : لا تقلقي جمانة ! .. عزيز بحبك ..!.. صدقيني جمانة ، كنت مثل عزيز في شبابي .. قلتسألي باتي ..
كنت أصرخ في أعماقي ، اصمت يا بوب اصمت ..
جئت مترنحا ، تجر قدميك كثقلي سجين .. صاح فيك بوب معاتبا : عزيز .. تأخرت كثيرا .. قلقنا عليك ..
لم ترد ، نظرت نحوي بانظفاء .. اقتربت مني وجلست على الأرض أمامي واضعا رأسك على ركبتي : جمانة أريد أن أنام !
أين كنت ؟
أنا منهك .. أريد أن أنام ..
عبدالعزيز ..!..
صحت وأنت تبكي .. أحبك .. أرجوك ..!..
حملتك أنا وبوب إلى فراشك ، نمت وأنت تمسك بيدي ..
كانت عيناك تدمعان وأنت نائم ، جلست بجوارك حتى بزوغ النور ،
كنت أبحث في ملامحك عن شخص أكرهه لكنني لم أجد سوى رجل أحبه وأكره حبي له .. أكرهه كثيرا ..!
***
لقد كان لقاؤنا الأول في الثالث والعشرين من سبتمبر ، في
عيدنا الوطني .. دخلت المقهى الذي أصبح فيما بعد ملتقانا الدائم ..
كنت تقرأ وحيدا في أحد الأركان ، جلست إلى الطاولة المقابلة لك .. واضعة ( شماغ ) حول رقبتي كـ شال . جذبك ( على ما يبدو ) الشماغ فأطلت النظر إليّ ، أشرت بيدك إلى عنقك وسألتني بالإنجليزية وبصوت عال : أتفتقدين وطنا يقمعك ؟
أجبتك بالعربية ، أيفتقدك وطن تخجل منه ..؟
ابتسمت : أنت سريعة البديهة !..
قلت لك بلا مبالاة : وأنت جاحد ..
تجاهلتني : كيف عرفت أنني عربي ؟ .. سألتك بالإنجليزية ..
أشرت إلى الكتاب العربي الذي كنت تقرأه .. بدون أن أنطق .. لم أخبرك بأن ملامحك عربية للغاية .
قلت لي بعد صمت : اسمي عبدالعزيز ، كالموحد .
وأنا جمانة ..
سألتني باستفزاز : كجنية ؟
تجاهلتك وتشاغلت بتفتيش حقيبتي ، فسألتني : لماذا تضعين شماغا ، هل أنت مسترجلة ؟ ..
رفعت رأسي نحوك مندهشة : نعم ..؟!..
هل أنت مسترجلة ؟ lesbian ..؟
سألتك : وهل أبدو لك كمسترجلة ؟
قلت ببراءة : لا ، لكنك قد تكونين ولهذا أسال .
كنت مستفزا لي في لقائنا الأول يا عزيز ، كيف ورطت نفسي
مع رجل يستفزني منذ اللحظات الأولى !.. كان حوارنا تافها للغاية ..
مع إيماني بأنه ( من الممكن أن تؤدي أتفه المقدمات إلى أخطر النتائج ) كما كان يؤمن مصطفى محمود الذي أؤمن به كثيرا إلا أنني انسقت خلف المقدمة التافهة كالمسحورة فلماذا نسيت ما تعلمته منه ..؟!..
أتدري يا عزيز .. !.. دائما ما كنت مؤمنة بأن لا خير في رجل يكره وطنه .. فلماذا آمنت بخيرك ..؟! لماذا تجاهلت كل ما كنت أؤمن به ليلتها ؟! لماذا يا عزيز ..؟!..
***
حينما قررت السفر إلى الرياض وقضاء الصيف مع عائلتي قبل عامين .. حجزت لي مشكورا ، لكنك ابيت أن تطير معي لترى أهلك ..
رجوتك كثيرا أن تسافر معي لكنك رفضت ، غضبت كثيرا ، لذا لم أودعك وركبت الطائرة وأنا أقاوم دموعي .. لتفاجئني بالمقعد المجاور لمقعدي وعلى وجهك ابتسامة خبيثة .. أشرت إلى ساعة يدك : تأخرت وأخرتينا ، كنا بانتظارك ؟
لكزتك بمرفقي وأنا أهمس : ما الذي تفعله هنا ؟
لكزتني : هذه ليست طيارة الوالد !..
ضحكت فقبلت كفي بحب واحتضنتها بين كفيك القويتين : خشيت الا تعودي ، هكذا أضمن أن تعودي معي .
سحبت يدي : ولد ..! .. كيف لم أرك في صالة المسافرين ..؟..
لمعت عيناك بشقاوة : رأيتك أنا .. لكنني حاولت التخفي عنك قدر الإمكان ..
لم أنتبه لوجودك !
قلت وأنت تربط حزامك : على فكرة جمانة ، أين ستقضي شهر العسل عندما نتزوج ..؟
أممم . موريشيوس ..!..
غمزت : أجميلات هن فتيات موريشيوس ..؟
مثيرات يا حبيبي
حسنا ، سنقضي شهر عسلنا في موريشيوس ..
ثرثرنا لساعات طوال حتى وصلنا إلى لندن .. كانت الرحلة طويلة للغاية
فنمت حينما غادرنا هيثرو على كتفك حتى وصلنا إلى الرياض .. كنت نصف نائمة عندما طلبت من المضيف أن يأتي بغطاء لزوجتك .. مست كلمتك شغاف قلبي يا عزيز ..
لا أدري كم بقيت نائمة .. حتى أيقظتني : حبيبتي .. استيقظي .. !..
ماذا ؟
نحن على مشارف الوصول ..
SO?
بنت ! .. أتنزلين لأرض المطار سافرة ؟
وضعت ( طرحتي ) على رأسي وأكملت نومي على كتفك ..
همس بأذني : جمانة ، سنعود قريبا .. كوني مطيعة حتى نعود .
كانت عيناك ونحن نغادر المطار معلقتين بي على الرغم من أن حشدا من أصدقائك يحيط بك … لم تغادر صالة المطار حتى غادرتها أنا مع عائلتي .. يومها شعرت بالكثير من الدفء يا عزيز وغرقت في غيبوبة عشق لم أستيقظ منها أبدا ..
***
لا أدري ما هي أسباب خصومتكما الدائمة أنت وهيفاء صديقتي الكويتية التي أسكن معها ..
كنا نتناول غداءنا في أحد المطاعم الإيطالية ، عندما اتصلت تدعوني على الغداء ، أخرتها معتذرة بأنني أتناول غدائي معك .. قالت لي : جمون .. هذا الرجل لا يستحقك ..
أبعدت الهاتف عن أذني وقلت لك : عزيز ، هيفاء تقول بأنك لا تسحقني ..
قلت وأنت تقلب طبق الفوتشيني ، قولي لها : موتي !! .. اسأليها لماذا لا تموت بالمناسبة ؟؟ ..
كنت أضحك بجذل وهي تشتمك على الطرف الآخر ، سألتك بعد أن اغلقت : حرام لماذا تكرهها ؟
قلت بعصبية : لأنها غبية .. تغار عليك مني .. مريضة .. شاذة ! ..
أغلقت فمك بيدي … عييييييييب ! ..
جمانة ، انتبهي .. هيفاء ستدمر ما بيننا .. أقسم بربي أن فعلت سأبكيها دما ..
لن تفعل ! .. لا يستطيع أحد غيرك أن يفعل ..
لكنك ظللت تردد طوال اليوم بمزاج سيء ( غبية .. شاذة ) ..
أعرف اليوم بأن حبي لك كان أعمى يا عزيز .. وأن هيفاء رأت فيك ما لم أره .. ويا ليتها دلتني ! ..
***
أتذكر تلك العجوز الهندية غريبة الأطوار ..؟
إلهي كم أربعتنا ..!! .. كنا نتحدث على قارعة الطريق بعد يوم طويل في الجامعة عندما مرت بقربنا إمرأة في السبعينات من عمرها ، اقتربت منا ما أن سمعتنا نتحدث بالعربية ..
أعرب أنتم ؟..
أجبتها أنت وقد أخذتك العروبة على غير العادة : نعم عرب .. من أي العرب ؟
سعوديون !
نظرت إلي نظرة عميقة أخافتني لن أنساها ما حييت .. مدت أصابع متهالكة مسحت بها على شعري : كم أنت متعبة !
نظرت إليك بخوف مستنجدة .. سألتها أنت بدهشة : من هي المتعبة ؟
أمسكت بيدك : صديقتك المتعبة .. تتعبها كثيرا يا ولدي !
نظرت إلي! بارتباك : اشكوتني حتى للذين في الشارع ؟
لم تفهم العجوز .. وقالت لك : صدقني أنت أيضا متعب لكنك تكابر ..
سألتها بخوف : مما أنا متعب ؟
هي متعبة منك .. منك فقط .. وأنت متعب من كل شيء .. نظرت إليّ قائلة : فلتعتني به ..
تركتنا ومشت ، أخذنا نتابعها تبتعد بخوف صامت .. لأول مرة اشعر بانك خائف أكثر مني ..
سألتك : عبدالعزيز .. من هذه ؟
قلت وأنت تنظر إليها : قولي ما هذه ؟!!
ما هذه ..؟
أجبتني بفزع : إما جنية وإما جنية ..!! ييي . حطي رجلك
مسكت يدي وركضنا حوالي الميلين بلا توقف .. ونمنا يومها ونحن نتحدث على الهاتف من شدة الفزع ..
ولدت أنا في السادس من يونيو في منتصف الثمانينات وولدت أنت في الثامن من أبريل في منتصف السبعينات .. كلانا منتصفان ! .. مؤمنة أنا بأن جميع مواليد أبريل كاذبون !.. ولقد كنت تكذب علي! كثيرا يا عزيز . . كاذب أنت كأبريل ، مزهر أنت كربيعه .. أيجتمع خريف الكذب وربيع الفصل معا ؟ صدقني فيك اجتمعنا .. لطالما كنت ربيعي وكذبة عمري التي صدقتها طويلا وأحببت العيش فيها .. لطلاما كان الكذب بنظري شديد السواد ، لكنك كنت تزهي كذبك بألوان لم أعرفها مع سواك .. كنت تتباهى دائما بأنني ( فراشتك ) لكنك كنت كالعنكبوت يا عزيز ، نسجت وخلال سنواتنا معا خيوطا متينة من حولي .. فلم تتمكن الفراشة من انتشال نفسها من بين خيوطك المتشابكة .
أأخبرتك مسبقا بأن أكاذيبك ساذجة ؟! .. أتدرك كم هي مضحكة أعذارك ؟ .. أترى فيّ إمرأة غبية تنطلي عليها أكاذيب رجل ينبض قلبه في صدرها ويحتضر قلبها بين أضلعه التي ضاقت على فؤاد يخفق له وحده ..؟! .. لست بغبية يا عزيزة ، أنا ضعيفة .. ضعيفة للغاية !..
ضعيفة لدرجة أنني أرتضي تصديق كذبك .. حينما كنت تقضي ساعات الليل بطولها على الهاتف مع ( أخوتك ) في الرياض ، كنت أحاول تصديقك في كل ليلة .. كنت أدرك بأنك تكذب عليّ لكنني حاولت من أجلك أن ( أتفهم ) .
في مرة كنت تردد فيها على مسامعي ( كوني متفهمة ، أنت لا تتفهمين ) ، أدرك بأن أنثى جديدة دخلت بيننا ، وإن كنت تعود إلي في كل مرة نادما .. كوني متفهمة في قاموسك تعني أنك تخون ، ويأتي لا بد من أن أكون غبية أو أن أتجاهل ..
في أحد شجاراتنا صرخت في وجهي : جمانة اسمعي .. أنا رجل لعوب .. أشرب وأعربد وأعاشر النساء . لكنني أعود إليك في كل مرة .. جمانة هذا أنا .. عرفتك في الثلاثين من عمري .. فات وقت التغيير يا جمانة .. لا أستطيع أن اتغير .. أحبك أنت .. أرغب بك أنت .. لكنني لا أتغير ..
ولم تتغير ..
***
أتصدق بأن من أقسى خياناتك لي كانت حينما أخطأت باسم ! .. ناديتني مرة باسم إمرأة أخرى .. قد لا تكون اللحظة الأبشع لكنها كانت موجعة للغاية يا عزيزي .. ما أصعب أن تنادي إمرأة باسم أخرى على الرغم من أنها تكاد أن تنادي كل رجال الدنيا باسمك .. أتدري ما الأكثر إيلاما ؟ .. إنكارك لهذا ..!! .. ما أسهل إنكارك يا رجل .. تنكر كل شيء ببساطة وكأن شيءا لم يكن .. دائما أنت ( لم تفعل ) ودائما أنا ( أفتعل ) المشاكل . .
صرخت في وجهك لحظتها : أتحاول أن تشككني بعقلي ..؟
أجبتني : وهل أنت عاقلة حتى أشكك بعقلك ؟؟ أنت مجنونة .. مجنونة خام .. مجنونة رسميا !..
أنهكتني .. أنهكتني كثيرا يا عزيزي !
قلت لك مرة : أنت تنهكني .. أشعر وكأنني في مخاض طويل .
أجبتني واثقا : سيأبى رحمك أن يلفظني يا جمان .. فلا تحاولي !
أتقتلني يوما يا عزيز؟! .. أأموت متعسرة في ولادتي بك . أم أموت متسممة برجل يسكنني ، يرفض وجوده جسدي ولا قدرة له على لفظه ؟ .. إلهي كم أحتاج لأن أنتزعك من أحشائي !
كنا نلعب الشطرنج في بيتك حينما سألتني : جمانة : أتدرين الفرق بين حبي لك وحبك لي ..؟
أخبرني أنت عن الفرق ؟
أنا أحب كل ما فيك .. أحبك كثيرا عندما تضحكين ، أحبك حينما ترفعين أحد حاجبيك تشككا وتعقدينها غضبا ..
أتعرفين أنهما يصبحان شبيهين للرقم 88 ؟
معلومة سخيفة ..!
استرسلت : أما أنت .. فتحبينني وتكرهين كل ما فيّ ..!..
تشعرينني دائما بأنك متورطة بي يا جمانة ..
أنا متورطة بك بالفعل ..
ابتسمت : اسمعي .. دعك من هذا الآن . إن فزتِ في اللعبة سألتزم بكل ما تقولين مدة شهر كامل .
سالتك بحذر : وإن فزت أنت ..؟
لمعت عيناك : سأحظي بـ ..KISS
هذا ما كان ينقصنا !..
قلت بالإنجليزية موجها حديثك لروبرت الجالس أمام التلفاز :
بوب ، أتصدق بأنني مغرم بها منذ 4 سنوات ولم أقبلها البتة ..!!
قال لي بوب : I’m proud of you .
ضحكنا معا .. قلت له : هي تدعي بأنني أشككها بعقلها .. وأنا
أؤكد لك بأنها تشككني برجولتي .
قال بوب : دعكِ منه يا صغيرة .. صديقك هذا محتال فاحذري
قلت لي يوما : لا تصدقي شاعرا أبدا .. كل الشعراء كاذبون ،
بيئة الشعراء قذرة للغاية .
المضحك في الأمر أنك شاعر وكاتب .. لكنك غالبا لا تناقش معي هذا ،
تتجنب دوما مناقشة مقالاتك معي .. أو أن تقرأ لي قصيدة ..
لا أقرأ لك إلا من خلال الإعلام وتعلل هذا دائما بأنه
أمر يحرجك .. يحرجك أن تقرأ لي شيئا !..
نشرت قبل أشهر مقالة عن أخلاقيات المغتربين ، وعن ضرورة
تحصين من يجب إرسالهم دينيا وأخلاقيا قبل السفر ، اضحكتني يا رجل !
***
كنا متخاصمين عندما اتصلت بي باتي : جمانة ، ما أكثر مشاكل
صديقك !.. نحن في المستشفى ..
ما الذي فعله هذه المرة ؟
تبرع بغسل أرضية المطبخ بالصابون فوق وانكسرت رجله ..
ارتفع صوتك بجانبها : قولي لها إنني سأموت وهي السبب ..
قلت لباتي : باتي .. لن أتمكن من الحضور فبلغيه سلامي ..
أجابتني بضجر : إلهي ما أسخفكم ..! .. إلى اللقاء ..
اتصلت بي : هيه لا يربط ساقي بفخذي سوى بنطلوني ، ألن تأتي ..؟
لا .. لن أفعل ..
تعالي واشمتي ، لا يفوتك المنظر ..
كلا
Common!
قلت بعناد : لا
سأموت ..!..
أحسن !..
تعالي لتوقعي على جبيرتي .. لا بد أن تدشني حفل التوقيع ..
لا ..
قلت بنفاذ صبر : تعالي قبل أن أغضب !
وجئتك بعد أن قاموا بتجبير رجلك ، قلت متألما : يا بنت الذين ! كله منك .. دعيت عليّ ؟
أرأيت ..؟..أول الغيث قطرة ..
قولي أول الغيث كسرة ..
كن رجلا معي ولن يكسر فيك أي شيء ..
كيف أكون رجلا وأنت تحرمينني من ممارسة رجولتي ؟
قلة أدب !
المعذرة .. آثار المهدئ ..
مسكت يدي بيدك ووضعها على جبينك ، قولي أنا آسفة ..
أأنت من يخطئ وأنا من يعتذر ؟
أنا مكسور ..
وأنا مكسورة الخاطر ..
أأنادي الطبيب ( ليجبر ) خاطرك ؟ ..
لديهم كل ألوان الجبائر
أأسميها خفة ظل ؟
تقريبا .. قولي أنا آسفة ..
انا آسفة ..!
قبلت كفي : سامحتك ..!!.. أتدرين بأنني لم اصرخ ..؟
حقا ..؟
ولم أبكِ..
بطل !
طارت رجلي ولم أتأوه حتى !..
مسحت على شعرك .. فخورة أنا بك .. فابتسمت بفرح ..
قلت لك : أتدري يا عزيزي . . أحيانا أرى في عينيك طفولة بريئة .. لا تتناسب مع طبيعتك ..
أنا ( أنقط ) براءة يا حبيبتي ، لكنك تظلمينني ! .. كل شيء عزيز .. كل شيء عزيز
ضحكت وضحكت أنت .
جمان ، ضحكتك جميلة ، خففي من الـ 88 .. ودعيني أعيش حياتي .. كلها ثمان ، تسع ، عشر سنوات .. وسأنضج ..
سألتك بخسرية : ومن سينتظرك ؟
أنت .. وش وراك !
ضربت كتفك بقبضتي ..
ما رأيك أن تكسري كتفي أيضا ..!..
ليتني فعلت يا عبدالعزيز ! .. بودي لو فعلت ..
***
خلال الصيف الذي قضيناه في السعودية ، تشاجرت مع أخي
الأكبر ، كنت أنت وقتها في القصيم ، اتصلت بك باكية .. أجبتني بين حشد من الناس ، كانت أصواتهم عالية جدا ..
لم تكن تسمعني جيدا .. كنت أبكي وكنت تصرخ .. ماذا ؟ هيه .. لا أسمعك ..!.. ثوان ..
كنت أسمع صوت خطواتك وأنت تمشي .. قلت لي ما أن ركبت سيارتك .. اشتقت للكتكوت مفترس !
لم أتمكن من الإجابة .. كنت أبكي .. قلت لي ممازحا : من أغضب الكتكوت ؟ ..
ازداد نحيبي على الرغم مني ..
الله ! .. الله ! .. ليه مشغلة الونان ؟ .. من زعلك ؟
أنت .. أنت منشغل عني بأصدقائك ..
يا حياة الشقاء .. مسكين أنا .. كل شيء أنا ، كل شيء أنا !
لو كنت تحبني لما انشغلت عني !
قلت لي : جمانة .. أنا في القصيم … المكان الوحيد في العالم
الذي يجب ألا تخشي عليّ وأنا فيه ..!.. جمانة لا يوجد هنا سوى النخيل .. لن أخونك مع نخلة !
أشتاق يا وجعي أشتاق .. لكنني لا أستطيع التحدث معك هنا
وأنت تدركين ذلك ّ..
أنت تهملني !
أسف ، أخبرني .. من الذي أغضبك ..؟
خالد ..
ماذا فعل النسيب ؟
يقول إنني سطحية ..
المجرم !..
أتسخر مني ؟
لا يا بيبي ، سأهشم رأسه حينما أعود إلى الرياض .. لا أحب الذين يغضبون حبيبتي ..
كيف تضربه وأنت لا تعرفه ؟
لا بأس يا قمري ، سأتعرف عليه وسأضربه ..
أمممم . حسنا ..
بعض الكذب لذيذ أحيانا .. أدرك بأنك لن تفعل وتدرك أنني
أدرك بأنك لن تفعل .. وعلى الرغم من هذا ، مستمتعة أنا بحمايتك المزعومة لي وسعيد أنت بلجوئي إليك ..
يقول نزار ، طفلين كنا في محبتنا وجنوننا وضلال دعوانا ..
طفلين كنا يا عزيز .. حتى في ضلالنا ..
***
كنت أحدثك عن محاضرة اليوم بحماسة وكنت تهز رأسك بتركيز ، فجأة سرحت بنظرك عني وانخفضت جالسا في مقعدك ..
أمسكت بيدي دون أن تنظر إليّ : جمان .. لا تلتفتي خلفك .. أتدرين من يجلس خلفك ..؟
سألتك بفضول : من ..؟
خمني ..
اتخبرني أم التفت ..؟
دكتور سلطان . زوج الدكتورة منى الثوار ..
Wo what ?
أجبتني بابتسامة خبيثة : أنظري لمن يجلس معه .
التفت ببطء .. لأجده جالسا في أحد الأركان مع شقراء ، ممسكا يدها بحميمية واضحة !..
وجع !!
ضحكت بصوت خافت .. بسم الله عليك ..
أمسكت هاتفي بانفعال .. والله لأوريه !..
سحبته من يدي وهمست : أنطقي بلا هبال ! .. وش دخلك أنت فيهم ؟
يا سلام ! .. الرجل يخون زوجته !..
لا شأن لكِ بهذا .. إن سمعت ( فقط سمعت ) أن احدا ما عرف بما حصل .. سأعرف إن أنت من نشر الخبر ..
وما تخاف أنت ؟؟..
شغل الحريم وخراب البيوت لا أحبه ..
من يخاف على بيته ، لا يقحم إمرأة أخرى في حياته يا عزيز ،،
أوووش .. لا أريده أن ينتبه إلينا ..
أمحرج أنت من أن ينتبه إلينا ..؟
هززت برأسك نافيا : لا .. كل السعوديين هنا يعرفون أننا مغرمان ببعضنا فما أسرع أن تنتشر وتلاحظ هذه الأمور .
إذن ؟
لا أريد إحراجه يا عبقرية ..
طبعا ، زميل كار .
أووووووووش !
على فكرة ، أنتم الرجال تساعدون بعضكم بعضا في خياناتكم ونحن النسوة نساعد بعضنا في كشف تلك الخيانات ..
ما الذي ترمين إليه ؟
أقصد .. لو حدث ورأتك إحدى صديقاتي مع فتاة ما .. أؤكد لك بأنني سأعرف .
أولا ، متى تتخلصين من هذه الخصلة ؟
أي خصلة تقصد ..؟
أن تحاسبيني على أخطاء غيري ، في كل مرة يخطئ فيها أحد أصدقائي توقعين العقوبة عليّ وكأني الفاعل ..
هذا غير صحيح ..
تجاهلتني : ثانيا ، أؤكد لك بأن صديقاتك لسن بحاجة لرؤيتي بصحبة فتاة ما ليفسدن ما بيننا ..
والمقصود ..؟
صديقاتك يسعين شاكرات لمحاولة تفريقنا بدون سبب يذكر ..
لأنك لا تستحقني ..
عقدت حاجبيك : لماذا تستمرين معي إن كنت تعتقدين بأنني لا أستحقك ؟
أجبتك بخوف : أممم .. لأنني أحبك .
اسمعي ، هذا أنا ولن أتغير .. إن كنت تواجهين مشكلة في هذا .. إتركيني وأكملي الطريق مع غيري ..
ما أبسط أن تنهي كل شيء يا عزيز !!
أجبتني بغضب : نعم ، أسهل شيء عندي في الحياة ، أيش عندك ؟
قلت لك بقهر : حسنا عبدالعزيز ، أعدك أن تندم ..!.. حملت حقيبتي وهممت بالمغادرة ..
ناديتني بصوت خافت :: جماااااانة ..
التفت نحوك .. فأشرت بيدك .. أترين الحائط ..؟ .. ذلك الحائط ! خلف سلطان مباشرة .
التفت إلى سلطان .. الذي كان منشغلا بالحديث مع فتاته .. أها ..؟
طقي رأسك فيه !..
***
I’m so tired of being here..
Suppressed by all my childish fears
And if you have to leave,
I wish that you would just leave..!
Because your presence still lingers here
And it won’t leave me alone..
ليتك ترحل ! .. أصدقك القول بأنني أود ان ترحل .. كم أرجو
موتك يا عزيز ..!.. أتظنه كرها مني ؟ .. ام ترى في امنيتي حقدا وقسوة ؟ .. صارحتك مرة بهذا
، قلت لك : اتمنى ان تموت ..
رفعت حاجبيك بدهشة : أعوذ بالله ..
ارتاح وترتاح .. أبكي عليك خيرا من أن ابكي منك ..
ما الذي فعلته ..؟
أتدري يا حبيبي ، منطقيا حينما تتعرض إمرأة للخيانة تكره حبيبها وقد تكره كل الرجال ايضا ..
وماذا عنك يا ذكية ..
انا كرهت النساء بسببك ، اصبحت أشعر بأن كل إمرأة تطمع بك ،
أصبحت أخشى النساء .. أرى في كل إمرأة لصة قد تسرقك مني ..
والحل برأيك ان أموت ..؟
بكل تأكيد
ماذا عن الحور العين ..؟.. الأ يوجد في الجنة حور عين ..؟
وهل تظن بأنك ستدخل الجنة ..؟
ضحكت ملء شدقيك : أستغفر الله ، أنت مجنونة ..
يعجبني طموحك يا عزيز ..
ويعجبني جنونك يا جمانة ..
جنوني فقط ؟
( بلا دلع ) واسمعي ، لو طرأ أمر ما في حياتنا ولم نتزوج ،
أتتزوجينني في الجنة..؟
أممم .. سأتزوجك ( إن ) دخلت الجنة ..
أنا جاد ..
لا أظن بأنني سأفعل ..
لماذا ..؟
هناك .. سيكون بإمكاني إنتزاعك من قلبي يا عزيز ..
وهل تنتزعينني من قلبك يا جمان ..؟
لا أدري ..
شبكت أصابعك أمام وجهك .. أتدرين يا جمان ؟.. لا أظن
بأنني سأتمكن من أن أتزوج إمرأة غيرك ..
رجل مثلك ، شعاره في الحياة ( إمرأة واحدة لا تكفي ) لا قدرة
له على الإرتباط بإمرأة واحدة لفترة طويلة ..
ابتسمت .. إلهي كم أنت حمقاء ..
حمقاء ومجنونة وماذا بعد ..؟
أم 88 ..
سخيف ..!..
جمان .. أنا أحبك أكثر مما تتخيلين .. لن تصدقي هذا .. أدرك
ذلك ولن أدخل معك في جدال ..
طبعا !..
أريدك أن تفهمي أمرا واحدا فقط .. أنا احبك بطريقتي ، قد لا تروق
لك لكنها طريقتي ..
قلت لك : No Comment
أحسن !..
رفعت يدك ومررت بسبابتك على وجهي .. كنت تمررها على
ملامحي وكأنك ترسم عليها : أريدك كثيرا ، أكثر من أي شيء ..
أعرف أنك لا تفهمين معنى بعض تصرفاتي .. أنا نفسي لا أفهم
بعضا منها .. لكنني متأكد بأن الأمور ستجري على ما يرام بيننا ..
رفعت سبابتي ورسمت بها على ملامحك كما كنت تفعل :
أتعدني ..؟
أعدك أن تكوني لي ..
قلت بغضب : أرأيت ..؟.. قلت أعدت أن تكوني لي .. لم تقل اعدك ان أكون لك ..
وما الفرق .. ؟
الفرق كبير .. هذا حديث اللاوعي ..
حبيبتي ، الا تلاحظين أنك تفتعلين المشاكل ..؟
لا .. لا ألاحظ ..
حسنا .. لاحظي في المرات القادمة إذا سمحت . على أي
حال .. أعدك أن أكون لك هنا وفي الجنة ..
غمزت لي : انتزوج يوما في الجنة ..؟
ابتسمت لك : قد تفعل ..
جمان أنظري حولك !..
نظرت لمن حولي .. كانوا زبائن المقهى ينظرون إلينا مبتسمين !..
فضحكنا خجلا ..
***
في زيارتي الأولى للعائلة التي تسكن معها خلال بداياتنا معا ..
قال لي روبرت بعد أن تعارفنا : أنتم شعب جميل للغاية !.. أحببنا
شعبكم عندما تعرفنا على عزيز وسنحبه أكثر من أجلك ..
استطردت باتي : كما أن موسيقاكم جميلة .!.. يملأها الحنين ..
سألتها بدهشة : لمن استمتعت ..؟
أشارت بيدها إليك : اسمتعنا إلى عزيز ..!.. إنه رائع ..
لم تكن قد أخبرتني بعد أنك تجيد العزف على ( العود ) ، ولم
أتخيل يوما أن اجد ( عودا ) في هذه البلاد .. تسربت حمرة خجلة إلى وجهك :
أنا مبتدئ ..!.. أعزف كهواية .. لست بمحترف ..
قلت : أريد أن اسمع منك ..
حاولت أن تتهرب خجلا لكن ياتي وروبرت كانا لك
بالمرصاد .. أحضرت عودك من غرفتك واحتضنته : ماذا ستسمعين ؟
أي شيء ! ..
أممم . حسنا سأسمعك شيئا لا أظن بأنك قد سبق لكِ أن سمعتيه .. سأسمعك ( ليلة القبض على فاطمة ) ..
لم أكن أعرف مقطوعة ( عمر خيرت ) هذه ولم أسمع بها قبلا .. فسألتك بدهشة : من هي فاطمة ..؟؟
أجبتني بعفوية : خادمتنا التي هربت !..
طوال حياتي يا عزيز .. لم أبك بحرقة إلا بسببك ولم أضحك من أعماقي إلا معك .. أليست بمعادلة صعبة ..؟
قلت لي مرة : جمان .. أتدركين كم انت ثقيلة ظل .. ؟
أجبتك بغضب : نعم ؟؟
ببراءة : دمك ثقيل !..
قلت غاضبة : ولماذا تحبني إن كنت ترى أنني ثقيلة ظل ؟ ..
أممم .. لا أدري .. أحب تفاصيلك الأخرى ..
والحق يقال .. إنني ثقيلة ظل ! .. نادرا ما يضحكني غيرك .. في كل مرة أغضب فيها منك ..
كنت تحاول إرضائي بطرفتك ( السخيفة ) التي تضحكني كثيرا ..
حينما أكون غاضبة .. تسألني : جمان .. يوجد عجوز رجلاها
متلاصقان ، ليه ؟ .. قولي ليه ..؟.. اسألي ليه ..؟.. ترى ما راح أقفل
إاذا لم تسألي ليه ..
اسألك بملل : ليه ؟
تقول ضاحكا : فيها السكر ! ..
في كل مرة يا عزيز ، أضحك على سخافة الطرفة وتضحك
أنت على ضحكي عليها .. ونرضى ! .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *