مع اضطراد المتغيرات في الواقع السوري لصالح الثورة الشعبية السورية ومعارضي دكتاتورية الاسد والاحتلال الايراني بدأ ملالي ايران حملة توسيع احتلالهم عبر توسيع ركائزه الطائفية المتمثلة بالمدارس الدينية الطائفية التي تعد على وفق جميع القراءات حقولا خصبة لتجنيد المرتزقة والارهابيين والتطرف الطائفي ،وهذا تقرير مركز حول توسع الملالي حراكهم للتحكم بمركز القرار في سوريا .
فقد سعت إيران منذ توغلها في سوريا للتحكم في مركز صنع القرار وإدارة الأمور بنفسها، من خلال ميليشيات تتبع لها ورجال متنفذين، وفضلاً عن الجانب العسكري حاولت إيران تثبيت وجودها بين مؤيدي النظام وحلفائه لاسيما في الساحل السوري عبر التأثير المذهبي، وافتتاح الحسينيات، وتقديم الخدمات الاجتماعية، مستغلة حالة الفقر في الريف المؤيد للنظام نتيجة تحول معظم الشبان إلى مقاتلين في صفوف المليشيات وقوات الأمن.
وتبرز أهمية الساحل السوري بالنسبة لإيران لكونه مركز الثقل الرئيسي الذي يعتمد عليه نظام الأسد في حربه، كما أن قسماً كبيراً من المؤيدين فيه رحبوا بالتدخل الإيراني في سوريا.
بدايةً سعت إيران لجذب بعض الميليشيات المحسوبة على النظام من رجال “الدفاع الوطني”، حيث شكلت بدعم مباشر من قادتها العسكريين ميليشيات “صقور الصحراء” التي يتزعمها محمد جابر، والذي أعلن ذلك صراحة في أحد تصريحاته. كما انتشرت في الساحل ميليشيات باسم” الحسين” يقودها بشكل مباشر حسين الأسد، ويتقاضى أفرادها رواتب مرتفعة مقارنة بنظرائهم من الميليشيات الأخرى.
وفي شكل آخر من أشكال التمدد ومحاولة السيطرة والاحتلال والتحكم افتتحت إيران مطلع العام 2014 مجمع “الرسول الأعظم” في حي شريتح باللاذقية، وهو مركز رئيسي تموله إيران بشكل مباشر، وتتبع له عدد من المدارس الأخرى في ريف اللاذقية منها ثانوية “الرسول الأعظم” في قرية عين العروس بريف القرداحة، وأخرى في قرية البهلولية، فيما كانت آخر المدراس قد اسسها الملالي قبل أشهر قليلة في قرية رأس العين بريف مدينة جبلة.
وتُعلّم هذه المدراس وفق عضو” لجان التنسيق المحلية” بمدينة جبلة فراس العمر أسس المذهب الشيعي، وتتبع بشكل مباشر لوزارة “الأوقاف” في حكومة النظام، حيث تخصص دروسا للصغار والكبار، وتقام بين فترة وأخرى نشاطات اجتماعية يشرف عليها فريق “كشاف الرسول الأعظم”.
ووفقاً لـ ” العمر” يشرف على هذا المجمع الناشط الدكتور أيمن زيتون، المنحدر من بلدة الفوعة، وهو من خريجي قم الإيرانية، ويتقاضى المدرسون رواتب مرتفعة تصل إلى 75 ألف ليرة سورية شهرياً، كما يخصص لأبناء الشهداء الذين قاتلوا مع نظام الأسد مبلغ 5000 آلاف ليرة سورية شهرياً.
ويؤكد عضو لجان التنسيق أنه وبالإضافة إلى هذه الأنشطة برزت خلال الآونة الأخيرة زيارات المشايخ إلى إيران بتشجيع من مركز الرسول الأعظم، وذلك “لإعادتهم للمنهج الصحيح حيث ينظر الإيرانيون إلى العلويين باعتبارهم بعيدين عن أي التزام ديني”.
ويوضح العمر أن “المشكلة لا تكمن في المدارس بحد ذاتها، بل بالطريقة والمحفزات التي تحاول من خلالها إيران السيطرة على عقول الفقراء وجذبهم بالمال والمساعدات”، مضيفا أن” أفكار الثأر للحسين والمظلومية هي ما تركز عليه هذه المدارس وهو ما يجعل الأمر خطيراً ويأخذ صبغة طائفية”.
وفي السياق ذاته تلعب الجمعيات الخيرية التي انتشرت بكثافة مؤخراً في الساحل السوري دوراً دعوياً، وتعتبر جمعية “المرتضى الخيرية” التي تتلقى أموالها بشكل مباشر من قبل إيران مثالاً واضحاً على ذلك، كما تنظم جمعية البستان الخيرية المملوكة من قبل رامي مخلوف مجموعة من الأنشطة الاجتماعية ورعاية لأسر قتلى النظام.
وقال مصدر مطلع في المجال الإغاثي بمدينة جبلة اشترط عدم ذكر اسمه إنّ “جمعية البستان أنشأت قبل أشهر قليلة صندوقاً مخصصاً لدعم المرأة تديره سيدات من حزب الله، ومركزه حي العمارة بمدينة جبلة”، ووفق المصدر “نظمت الجمعية العديد من الفعاليات والاحتفالات الخيرية للسيدات حيث تركز هذه الأنشطة بشكل أساسي على مظلومية الشيعة” .
جدير بالذكر أن شعبية إيران وحزب الله في الساحل السوري تضخّمت بشكل كبير بين موالي النظام منذ حرب أيار في العام 2006 حيث تتصدر منذ ذلك الحين صور الأمين العام “لحزب الله” “حسن نصرالله” الأماكن العامة ووسائل المواصلات إلى جانب بشار الأسد، لكن وفي الآونة الأخيرة باتت صور” الخامنئي” تنتشر إلى جانب الرجلين السابقين في تأييد واضح للسياسة التي تتبعها إيران في سوريا.
ويرى ناشطون في الساحل أن إيران إنما تسعى من خلال أموالها واستغلالها لحاجات الناس إلى فرض ثقافتها لتصبح لاحقاً الوصية عليهم مثلما يحدث حالياً في كفريا والفوعة، ويَستدل البعض على رأيه هذا بالقول إن “نفوذ إيران وأذرعها في الساحل باتت تضاهي سلطة الأسد وهو ما ثبتَ فعلياً في العديد من الحوادث التي نشبت بين أفراد هذه المليشيات والمؤسسات الحكومية”.
ولعل وضع الساحل السوري المعقد والذي يشهد حضور النفوذين الروسي والإيراني يجعل منه ساحة للصراع على مختلف المستويات، وهو ما يبدو واضحاً في مظاهر إجتماعية عدّة كالرايات والأعلام التي ترفع.
لكن ورغم ذلك فإن نجاح إيران في الساحل ليس بهذه السهولة حتى وإن استطاعت الدخول على خط التأثير عسكرياً، فللجانب الاجتماعي محاذيره وتناقضاته لاسيما مع اختلاف عادات وتقاليد أهل الساحل السوري عما تحاول إيران إرساءه.