يبدو أن المثل العربي الشهير “ما فاز إلا النوم” له جانب من الصحة، على الأقل كأحد الطرق إلى الجمال، وهو ما أكدته دراسة جديدة نشرت في المجلة الطبية البريطانية، حيث استنتج جون أكسيلسون وفريقه بمعهد كارولينسكا في ستوكهولم، أن الأشخاص الذين يفتقرون إلى النوم تظهر حالتهم الصحية أكثر فقرا، وأقل جاذبية جسديا من أولئك الذين ينامون جيدا وبشكل كافٍ.
وقال أكسيلسون إن “النوم هو الجمال الطبيعي للعناية بالجسم، فالنوم أكثر فعالية من أي علاج يشترى”.
وتمثلت هذه الدراسة في عرض صور مختارة عشوائيا على عدد من الأشخاص بعد ليلة من ثماني ساعات من النوم، وبعد 31 ساعة من اليقظة طلب منهم أن يسجلوا على مقياس من 1 إلى100 وضعَهم الصحي، وجمالهم الجسدي، ومستوى تعبهم.
قلة النوم والإصابة بالزهايمر
وتوصلت أبحاث أخرى مؤخرا إلى استنتاج مفاده أن نقص النوم قد يضاعف من خطر الإصابة بمرض الزهايمر والاكتئاب وزيادة الوزن، ولكن في الواقع، يبدو أن خطر الإصابة بكل الأمراض يتضاعف عندما ننام نوما قليلا جدا، لأن الجهاز المناعي يضعف بشدة.
قلة النوم تسبب نفس تأثيرات الشيخوخة
ويقول العلماء إن لقلة النوم نفس آثار الشيخوخة على الجسد وعلى الدماغ، فإذا نظرت إلى نفسك في المرآة بعد سهرة طويلة، أو بعد نوم مضطرب، سترى أن وجهك يشبه جدا لما سيكون عليه بعد عشر سنوات، أو على العكس، سترى أنك نمت نوما جيدا.
وبالمثل، فمن الصعب جدا أن تتذكر أين وضعتَ المفاتيح، مثلا، عندما تنام أقل من خمس ساعات، ناهيك عن أنك ستتعثر في الأشياء، أو تصطدم بشيء من الأشياء، أو أن تفلت منك درجة من درجات السُلم وأنت تصعده، أو تتعثر في الكلمات وتتلعثم، أو تكرّر شيئا قيل أمامك توا.
كل هذا يدعو بالطبع لتحسين النوم، نعم ولكن كيف؟، إذا كنت من بين الـ 40٪ من السكان الذين يجدون صعوبة بالدخول في النوم أو الاستمرار في النوم، أو كليهما معا، فاعلم أن الحل ليس بديهيا، فالحال أنه يجب أن تحصل كل ليلة على ما بين ست وثماني ساعات من النوم الجيد.
لا للحبوب المنومة !
إذا كنت تعاني من الأرق، فقد يغريك البحث عن حل فوري، من خلال تعاطيك للأدوية المنومة، ولكن على المدى الطويل، من المرجح أن تتفاقم مشاكل النوم باستعمالك للحبوب المنومة.
اسأل نفسك
اسأل نفسك: ما الذي تبحث عنه بالنوم بشكل أفضل؟، إنك تريد أن تشعر بحالك على نحو أفضل في اليوم التالي، وأقل تعبا، وأكثر يقظة فكريا، وأن تكون لديك روح معنوية أفضل.
والحال أن ما من أثر من هذه الآثار الإيجابية يمكن أن يتحقق عن طريق هذه الحبوب المنومة الكيميائية، فجميعها تُحدث الأثر المعاكس، أي خطر أكبر من الغفلة، والنعاس الثقيل، والشعور بالتعب العام، فهذه المنتجات تصعقك، ولا تُريحك، بل لقد ثبت أن النوم الذي تحدثه الحبوب المنومة هو نوم مضطرب، تتخلله الكوابيس، ويقطعه استيقاظ متكرر.
النوم والوقاية من السرطان
هناك مادة يفرزها الجسم أثناء النوم، فهذه المادة مضادة للالتهابات، وتقي من اضطراب الأعصاب، وتحمي ضد السرطان.
لكن كيف تنام جيدا؟
من خلال تكيفك مع نظامك الغذائي قليلا، وتحسين امتصاص جسدك للمغنسيوم، والتعرض للمزيد من الضوء الطبيعي، ستتحسن نوعية نومك.
نصائح لتحسين النوم
النوم في العتمة الكاملة
عندما يضرب الضوء جفنيك فإنه يعطل إنتاج السيروتونين والميلاتونين (هرمون النوم)، ويبلبل إيقاع الساعة البيولوجية في الغدة الصنوبرية (التي تدير الساعة البيولوجية)، وإذا كنت مضطرا للذهاب إلى المرحاض، حاول ألاّ تشغل الضوء، وإذا رأيت في الأمر مخاطرة ضع في المرحاض لمبة ليلية صغيرة.
الاستغناء عن التلفزيون قبل النوم
والأفضل من ذلك، ألا تلفزيون في غرفتك، التلفزيون يثير الدماغ، وهو يزعج أيضا الغدة الصنوبرية، لنفس الأسباب المذكورة أعلاه، ناهيك عن أن التلفزيون والإنترنت يجعلانك بسهولة تذهب إلى فراش النوم ساعة أو ساعتين متأخرا عن الموعد المطلوب.
ارتداء الجوارب في السرير
القدمان هما الجزء الأقل ارتواء في الجسم، وغالبا ما يكونان الجزء الأول الذي يشعر بالبرودة خاصة في الشتاء، والحال أنه ما إن تشعر بالبرد حتى يبدأ الجسم في التحرك لكي يتدفأ، وهنا خطر الاستيقاظ الذي يؤدي إلى انخفاض جودة نومك، وقد أظهرت إحدى الدراسات أن وجود القدمين الدافئتين يُحسن من نوعية النوم.
النوم في جو معتدل الحرارة
لا ينبغي أن يكون الجو في الغرفة أكثر دفئا من 18 درجة مئوية، الكثير من المنازل حرارتها عالية جدا، ولكن إذا كانت الحرارة أقل من 15 درجة مئوية، فقد يزعجك البرد.
إبعاد المنبه
المنبه وغيره من الأجهزة الكهربائية يجب أن تكون بعيدة عن سريرك، لأن أصواتها والثنائيات التي تومض يمكن أن تعكر نومك، ناهيك عن أن النظر إلى الأرقام على المنبه (الساعة 2:00، أو 03:15، أو 4 صباحا …) لن تزيدك إلا قلقا واضطرابا.
احفظ سريرك للنوم فقط
إذا كنت تستخدم سريرك لمشاهدة التلفزيون أو العمل، فإن هذا النشاط سوف يضاعف صعوباتك في الحصول على الاسترخاء والنوم، لذا حاول تجنب تلك النشاطات في سريرك.
مارس الرياضة البدنية
لاحظت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد الطبية أنه بعد برنامج لمدة 16 أسبوعا من التمارين المعتدلة، أصبح الأشخاص الخاضعون لهذه التجربة ينامون في المتوسط 15 دقيقة قبل الوقت المعتاد، وفترة أطول بـ 45 دقيقة، ومع ذلك، لا تمارس الرياضة قبل النوم لأنها تبقيك مستيقظا.
لا تأكل السكريات
لا تأكل السكريات قبل الذهاب إلى النوم، فهي لا تثير عند البعض العصبية وحسب، ولكن قد تسبب أيضا ارتفاعا في السكر في الدم في غضون ساعات قليلة، وهو ما قد يوقظك، ومع ذلك، يمكنك أن تتناول طعاما بروتينيا جيدا قبل بضع ساعات من النوم، فسوف يساعدك ذلك على إنتاج الميلاتونين (هرمون النوم).