أبناؤنا في خطر داهم.. وفي أزمة حقيقية.. تتصاعد بمرور الوقت وتتفاقم.. بل وتتعقد إلى مستوى ينذر بالشر المحدق.. كيف لا؟؟!!… وهم بين الإرهاب والمخدرات محاصرون!!!… وهم بين الإفراط والتفريط يعيشون!!!.. وهم بين التشدد والتغييب ينهلون!!!.
إنهم في حقيقة الأمر بين الذهول والذبول.. بين الرفض وعدم القبول..
صحيح أن هذه ليست بالحالة العامة بين الشباب والأبناء.. بيد أنه هناك شريحة لا يستهان بها انزلقت بين هذا الاتجاه أو ذاك.. تحتاج منّا إلى وقفةٍ جادةٍ وجديدةٍ.. ونظرةٍ فاحصةٍ وبعيدةٍ.. وإلى حلولٍ سريعة ومفيدة.. وإلى تعاونٍ وتكامل… بين جميع مؤسسات الدولة.. بل من المجتمع بأسره… كلٌ في تخصصه.. لا بد أن تمتد يد العون لهم لتحول دون سقوط المزيد منهم..
هالتني هذه الكميات من المخدرات التي تجتاح الأسواق المصرية.. والحرص البالغ لغزوها في هذه الآونة وبالذات!!.. لولا العيون الساهرة من أبناء مصر المخلصين على حدودها وفي مداخلها وأطرافها لكانت الكارثة المحققة بلا مقدمات!!..
لقد توقفت قليلًا أمام هذه الأرقام والأحجام.. التي تم ضبطها خلال هذه الأيام.. فقلت لنفسي لصالح من ؟؟.. أن تغيب عقول الشباب!!.. وأن تسلب من واقعها بكل ما فيه من آمال وآلام !!!… لتعيش في أوهام وأحلام!!.. مدمرة بل ومميتة.. بلا ضمير وبلا دين وبلا رهبة من أسرة أو من قدوة أو من قانون مهما كان ولا حياء ولا حتى خشية من رب الأنام!!..
لمصلحة من؟؟!!.. جلب هذه الكميات من المخدرات بأنواعها المختلفة.. وتأثيرها البالغ الخطورة على عقول أبنائنا.. فضلًا عن حياتهم!!..
إنها لأرقام صادمة.. وحقائق مخيفة.. تدق ناقوس خطٍر عظيم.. من الواجب أن ننتبه له جميعًا.. فلقد دفعتني هذه الأرقام لتكرار السؤال من جديد.. لمصلحة من؟؟!!…
وإذا كانت هذه الكميات الهائلة قد ضبطت.. فإن نسبًا تصل إلى أضعافها قد دخلت البلاد بفعل ضعاف النفوس من مروجي هذه القاذورات.. وممن يسهلون لهم دخولها إلى أرض الكنانة مصر!!!…
وفي المقابل.. ألا يكفي وقوع أبنائنا أو بعضًا منهم في شباك الإرهاب والتطرف.. وأخيرًا حبال الخيانة الوطنية المؤلمة المؤسفة.. وأصبحوا في مهب الريح ليكونوا خنجرًا يطعن في صدر الأمة.. ومعول هدم للمجتمع بجميع طوائفه..
إن أبناءنا فلذات أكبادنا تمشي على الأرض.. تحتاج من أسرنا كما تحتاج من مؤسسات الدولة المعنية الاهتمام بهم.. والتدخل السريع ولو كان على غرار مشرط الجراحين.. حتى يوقفوا هذا النزيف الغزير.. الذي يستنزف قواهم!!.. وعقولهم!!.. وجوارحهم!!.. ليصل إلى حياتهم!!!..
إن عقول أبنائنا أمانة في رقابنا جميعًا.. تستوجب علينا أن نهب للحفاظ عليها.. وواجب الوقت واللحظة والظروف والمرحلة يفرض نفسه لحمايتهم بل يقتضي منّا أن نسعى جميعًا لتنمية هذه العقول.. وتفجير تلك الطاقات الهائلة في نفوسهم.. لتعود بالخير على أمتنا جميعًا…
وإذا كنا نتحدث في هذه الأيام عن التعليم.. وما انتهينا إليه من «البوكليت».. لمواجهة نظام الغش الإلكتروني.. الذي يمثل عارًا نتحمل جميعًا تبعاته..
فإن أبناءنا في مسيس الحاجة إلى نظام تعليمي جديد.. باعتبار أن التعليم هو الأمل الذي نضع عليه الخروج من المأزق.. وينبغي أن نتفق على ذلك…
نظام تعليمي جديد يساهم في الحفاظ على أبنائنا عقولًا وأجسادًا وأرواحًا وآمالًا وأهدافًا.. ليكون بمثابة الجدار العازل الذي يعصم أبناءنا من الذلل أو السقوط في براثن التشدد أو المخدرات..
وإذا كنا نتحدث عن الاستفادة من تجربة اليابان في التعليم.. والتي قفزت بهذه الدولة التي عانت من ويلات الحروب كثيرًا.. إلى صفوف الدول المتقدمة.. وبلغ مستواها في التنمية حدًا يضرب به المثل.. عندما استغلت تنمية الموارد البشرية.. ويصبح الإنسان رغم جفاف الموارد الطبيعية والصناعية… نموذجًا يضرب به المثل في الصمود والصعود إلى أرقى المستويات.. وأرفع الدرجات.. هذه التجربة التعليمية في اليابان التي تعرف اختصارًا بــ«بتوكاتسو»… إذ أنها تساهم في تنمية شاملة للطفل وتهتم بتشكيل وبناء شخصيته منذ نعومة أظافره.. وتمكنه من ممارسة الأنشطة الاجتماعية المختلفة.. وتنمية مهاراته..
فإن التعليم في بلادنا يحتاج إلى أكثر من ذلك باعتبار أنه جزء لا يتجزأ من ثقافة المجتمع وتاريخه وهويته..
يحتاج إلى أن يعكس اهتمامات المجتمع ويصوب الأخطاء القاتلة فيه.. التي جعلت أبناءنا لقمة سائغة للمتشددين أو المنحرفين..
يحتاج إلى أن يصد هذه الهجمات الوحشية.. التي تأتيه من كل ناحية.. لتفترس عقول أبنائنا وتمسخ شخصيتهم وتحول بينهم وبين وطنهم الأم…
إننا في حاجة إلى تعليم يُلبي حاجات المجتمع المختلفة.. من هنا باتت العناية بعقول أبنائنا دين!!.. ودَينٌ في رقابنا جميعًا.. ومسئولية نسأل عنها في الدنيا كما سنسأل عنها في الآخرة.. فكلنا كما قال النبي: «كلكم راع وكلم مسئول عن رعيته»..
إننا في حاجة إلى تعليم ينمي الشعور بالانتماء ويعظم الولاء للوطن.. يساعد على الابتكار ويفتح الطريق أمام الإبداع في كافة الميادين ومختلف المجالات…
إننا في حاجة إلى تعليم يؤصل للثوابت.. ويعمق من الإحساس بالقيم.. ويرسي المبادئ والأخلاق.. ويحفظ للأمة تاريخها ومكانتها.. فالتعليم هو الورقة الرابحة.. الذي يحقق الوعي.. ويقطع الطريق على الإرهاب والانحلال..
من هنا تأتي الأهمية القصوى بالسعي الحثيث نحو تعليم يُلبي هذه الاحتياجات كافة.. ويحقق سائر التوازنات.. تعليم يشبع الروح ويغذي العقل ويقوي السواعد والبدن.. ويُعلي من قيمة الأخلاق والقيم.. آمالنا كبيرة في تحقيق هذا المستوى المرجو للتعليم لنخرج من هذا النفق المظلم الذي يهدد البلاد ويقوض نشاط العباد..