أعاد اعتداء عشرات من الأتراك على مئات اللاجئين السوريين في أحد مخيمات إزمير جنوب غرب تركيا إلى الأذهان، سلسلة من أعمال العنف المتبادل بين المواطنين الأتراك واللاجئين السوريين التي تندلع بين الحين والآخر في الولايات التركية الجنوبية.
وتسبب الاعتداء بفرار نحو 500 لاجئ سوري من مخيمهم في منطقة “توربالي” التابعة لولاية إزمير- معقل مؤيدي حزب الشعب الجمهوري، أكبر الأحزاب التركية المعارضة- بعد إقدام عشرات الأتراك الغاضبين، على ضربهم بالعصي والمناجل ما أسفر عن إصابة نحو 30 شخصًا.
وتسبب شجار بين لاجئين سوريين وأتراك نتج عنه طعن شاب تركي، بقيام أفراد عائلته بمهاجمة مخيم اللاجئين القريب، وعقب اندلاع الشجار تدخل أهالي الحي وقاموا بتحطيم خيام اللاجئين، وتدمير ممتلكاتهم، وفقًا لما نقله موقع “روسيا اليوم” اليوم الإثنين.
ونجحت بعض الحوادث الفردية في أكثر من مرة في خلق وإذكاء نار الاحتقان بين الأتراك واللاجئين. وتعيد مواجهات إزمير إلى الأذهان عددًا من أعمال العنف شهدتها مدن جنوب تركيا خلال الأعوام الأخيرة؛ كأحداث أورفا، وعنتاب، ومرعش.
وفي العام 2014، استمر التوتر بين الأتراك واللاجئين السوريين على مدى حوالي أسبوع في عنتاب، بعد مصرع مواطن تركي واتهام سوري بارتكاب جريمة القتل ضده، ليعمد بعض المشيعين الغاضبين حينها إلى التهجم على حي “أونالدو” الذي وقعت فيه الجريمة.
كما أجلت بلدية عنتاب بعض العائلات السورية المقيمة في الحي، في عربات مصفحة، إلى أحياء أخرى.
وانتشرت قوات الأمن والشرطة التركية في المناطق ذات التواجد السوري؛ وبشكل خاص في الأحياء المحيطة بجامعة عنتاب، و حي “قرطاش” درءًا لأي أعمال انتقامية، بعد أن عمد مواطنون أتراك إلى الاعتداء على محلات السوريين وسياراتهم الخاصة.
وسبق أن نظم شبان أتراك عام 2014، في مدينة قونيا جنوب غرب تركيا، مظاهرة ضد الوجود السوري في بلادهم منددين بتبني حكومتهم سياسة الباب المفتوح لاستقبال اللاجئين السوريين.
وفي العام ذاته؛ شهدت مدينة “كِلس” الجنوبية، اشتباكات عنيفة مماثلة، أسفرت عن جرح بضعة أشخاص وتحطيم عدد من السيارات. بعد شجار بين مجموعة من سكان حي “أكرم تشيتين” في كِلس مع عدد من اللاجئين السوريين القاطنين هناك، ما أدى إلى إصابة 6 مواطنين أتراك بجراح، ليتم إسعافهم إلى مستشفى المدينة الحكومي لتلقي العلاج. ليعمد بعدها مواطنون غاضبون إلى تكسير عدد من السيارات التي تحمل لوحات سورية.
كما شهدت بلدة “هسّا” التابعة لولاية لواء إسكندرون/هاتاي جنوب تركيا، أحداث مشابهة، أسفرت عن إصابة 3 سوريين ومواطن تركي، وترحيل السوريين إلى مدينة أخرى.
ولم تقتصر الأحداث الدامية بين الأتراك واللاجئين، على مدن الجنوب، إذ وصلت إلى العاصمة أنقرة، لتعمد السلطات إلى ترحيل السوريين من حي “آلتن داغ” بعد مواجهات مع أتراك، عام 2014.
وتُظهر دراسات تركية، ارتفاع عدد القضايا التي تورط بها لاجئون سوريون في عموم البلاد، منذ بدء تدفق السوريين إلى تركيا.
وتسبب وصول أعداد اللاجئين السوريين في تركيا إلى أكثر من 2.7 مليون، دخلوا الأراضي التركية منذ العام 2011، في تغييرات اجتماعية وديموغرافية، كثيرًا ما أثارت حفيظة مواطنين أترك، وأصوات معارضة للحكومة، بسبب ارتفاع نسبة العرب بخلفياتهم الثقافية والاجتماعية، بالإضافة إلى مخاوف الأتراك من التبعات الاقتصادية لوجود السوريين، وانعكاسه على أوضاعهم المعيشية في ظل وصول نسبة البطالة بين الأتراك إلى حوالي 12%.
كما يتهم مواطنون أتراك، جيرانهم السوريين، بأنهم تسببوا بمشاكل عميقة في بنية المجتمع التركي بمخالفتهم عاداته وأعرافه؛ ويأتي على رأسها تعدد الزوجات لدى بعض السوريين.