النظام السوري يقترب من بسط سيطرته على كامل أحياء دمشق‎

يوشك النظام السوري على بسط سيطرته على كل أحياء دمشق بعد ست سنوات من النزاع الدامي الذي ألحق دمارًا كبيرًا بالمناطق الواقعة على أطراف العاصمة وتسبب بحركة نزوح كبيرة.
ومنيت الفصائل المعارضة في الأيام الأخيرة بعد إجلاء مقاتليها من أحياء برزة والقابون وتشرين التي شهدت أولى التحركات الاحتجاجية ضد النظام في العام 2011 وأصبحت منذ العام 2012، أبرز معاقلها في دمشق، بخسارة ميدانية كبرى تضاف الى سلسلة إخفاقات ميدانية.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن “مع سيطرته على هذه الأحياء الثلاثة، بات النظام يسيطر تقريبًا على العاصمة بأكملها. لم يبق للفصائل في شرق دمشق إلا جزء من حي جوبر المدمر بمعظمه”.
وفي جنوب العاصمة، تتواجد الفصائل المعارضة في حي التضامن ومخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين الذي يسيطر تنظيم “داعش” المتشددعلى أجزاء منه.
من جانبه قال، الباحث الفرنسي المتخصص في الجغرافيا السورية فابريس بالانش “استعاد النظام حلب وهو في طريقه للسيطرة على دمشق بشكل كامل، ما يعني أن الفصائل المعارضة لم تعد بديلًا سياسيًا أو عسكريًا” عن النظام الذين “لم يعد مهددًا على الإطلاق وليس بحاجة إلى تقديم أية تنازلات”.
ولطالما شكلت السيطرة على كامل دمشق مسألة حيوية بالنسبة إلى سلطة الرئيس السوري بشار الأسد.
في 15 تموز/ يوليو 2012، تمكن الآلاف من مقاتلي الفصائل المعارضة من السيطرة على أحياء عدة من العاصمة السورية في إطار عملية “بركان دمشق”. إلا إن القوات الحكومية تمكنت من استعادة السيطرة على هذه الأحياء بعد أسبوعين.
ومؤخرًا، تمكنت فصائل مقاتلة أبرزها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا) في 19 آذار/مارس من شن هجوم مباغت انطلاقًا من حي جوبر، وتمكنت من الوصول غلى ساحة العباسيين حيث دارت معارك شرسة، قبل أن تتصدى القوات الحكومية لها وتجبرها على الانسحاب.
ومنذ اندلاع النزاع في آذار/مارس 2011، بقيت دمشق إلى حد ما بمنأى عن الحرب والمعارك، وتكاد الأضرار التي لحقت بها لا تقارن بحجم الدمار في مدن رئيسة أخرى أنهكتها الحرب على غرار حلب (شمال) وحمص (وسط).
عزل الغوطة الشرقية
ويقول محمد علوش، القيادي في جيش الإسلام، فصيل إسلامي معارض يحظى بنفوذ في أطراف دمشق وريفها، لفرانس برس “يستقوي النظام بالأجنبي الروسي والطائفي الإيراني على شعب شبه أعزل”، معتبرًا أن عمليات الإجلاء الأخيرة من أحياء دمشق “ليست انتصارًا للنظام بل هي غدر وخيانة.. وتخالف الاتفاقية التي وقعتها الدول في أستانة”.
ووقعت روسيا وإيران، حليفتا الأسد، وتركيا الداعمة للمعارضة، مذكرة في أستانة في الرابع من الشهر الحالي، تقضي بإنشاء أربع مناطق “تخفيف التصعيد” في 8 محافظات سورية يتواجد فيها مقاتلو الفصائل، لكنها لا تشمل دمشق.
ويعتبر علوش أن “النظام يخطط لابتلاع حي جوبر في المرحلة المقبلة ومن بعدها الانتقال إلى الغوطة الشرقية” التي تعد معقل الفصائل المعارضة في ريف دمشق وتحاصرها قوات النظام مع حلفائها لا سيما حزب الله اللبناني منذ سنوات.
وتمكن حزب الله الذي بدأ القتال الى جانب دمشق في نيسان/أبريل 2013، من التمركز في منطقة القلمون الحدودية مع لبنان، بعد قطع كل طرق الإمداد من لبنان إلى دمشق والغوطة الشرقية.
ويقول مدير أبحاث الشرق الاوسط في جامعة اوكلاهوما جوشوا لانديس لفرانس برس “عبر وقف مصادر الإمداد بالسلاح والمقاتلين والتموين من لبنان، تمكن النظام وحلفاؤه من شل قدرات الفصائل المعارضة في دمشق”.
ويقول الباحث المتخصص في الشؤون السورية في مؤسسة “سانتشوري فاونديشن” أرون لوند “يبدو المستقبل قاتمًا جدًا على المدى الطويل”، خصوصًا أن الأحياء الثلاثة التي سيطر عليها النظام في الأيام الأخيرة في دمشق “كانت تضم أنفاقًا تستخدم كطرق إمداد الى الغوطة الشرقية”.
ويوضح أن “من شأن خسارتها أن تضعف الفصائل وتخول النظام الاستحواذ على المزيد من وسائل الضغط عليها”.
وتنتقد الفصائل المعارضة اتفاقات المصالحة التي تبرمها الحكومة السورية وتعدها بمثابة “تهجير قسري”، لكن دمشق تعتبرها الطريق الأمثل لتسوية النزاع.
ويقول المستشار الحكومي لشؤون المصالحة أحمد منير محمد “هذه المصالحات.. نقطة تحول في النزاع”، مؤكدًا أنها “انتصار كبير للدولة السورية على الصعيد الوطني والعسكري والاجتماعي والاقليمي”.
وينفي محمد أن يكون إجلاء آلاف السكان والمقاتلين من دمشق ومحيطها بمثابة تغيير ديمغرافي بدليل أن “من يرغب  بتسوية وضعه بقي في منزله. أما من خرج فكان ذلك بناء على طلبه”.
في المقابل، يقول علوش إن “عملية تهجير أحياء دمشق برزة والقابون وتشرين بعد استهدافها بمئات الصواريخ.. جريمة ضد الإنسانية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *