من سوريا إلى اليمن وليبيا.. “الفشل” عامل مشترك بين كل تدخلات قطر الإقليمية

لعبت قطر أدوارًا سياسية على المستوى الخارجي اعتبر خبراء ومراقبون أنها “تفوق حجمها الطبيعي” في العديد من الملفات الإقليمية .

وحار الخبراء حول الهدف الذي دفع الدوحة للمغامرة بلعب هذه الأدوار التي أدت إلى سفك بحور من الدم  في الشرق الأوسط في محاولة لتمكين ما يوصف بتيار “الإسلام السياسي.”

ورغم ذلك يرصد الخبراء الفشل الكامل الذي منيت به الدوحة في جميع الملفات الإقليمية.

سوريا

يجمع المحللون في أنحاء العالم على أن اندفاع قطر غير المحسوب في دعم الميليشيات والجماعات المتطرفة أدى إلى القضاء على الثورة السورية ومكن إيران وحلفاءها من السيطرة الميدانية على البلد، مع عزوف المجتمع الدولي عن تقديم أي دعم للمعارضين الذي وصموا بـ”الإرهاب” جراء تواجد هذه التنظيمات.

اليمن

انتقد اللواء اليمني المتقاعد قاسم عبد الرب العفيف تدخلات دولة قطر في اليمن، متسائلا: “لماذا لم تدعم قطر كل شرفاء اليمن بدلا من التركيز على دعم الإخوان فقط”، مضيفا: “نحن نعاني من هذه المشكلة لأن الدوحة لا تحترم تطلعات الشعب اليمني”.

وقال العفيف   إن ” قطر بالغت في موقفها ولديها جماعات تسعى لتحقيق مخططاتها في المنطقة وخاصة في الجنوب اليمني، وهذا ليس جديدا وتكرر عبر التاريخ”.

وأكد فشل هذ المخططات التي وصفها بأنها “بمثابة فقاعات هواء”.

دعم الميليشيات الليبية

وفي ليبيا يقول كامل عبدالله الخبير في الشأن الليبي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، في تصريحات لـ”إرم ينوز” إن قطر اصطفت في ليبيا إلى جانب معسكر الإسلاميين وقدمت دعمًا لا محدودًا لهم حتى أنها وفَّرت لهم وسائل إعلام ساهمت في زيادة حدة الاستقطاب داخل ليبيا.

وأشار عبدالله إلى أنّ قطر عملت على توفير غطاء دبلوماسي للسلطات الموازية حينها في العاصمة طرابلس عبر دعمها عودة وإحياء المؤتمر الوطني العام السابق والحكومة المنبثقة عنه برئاسة خليفة الغويل وقبله عمر الحاسي، بالإضافة إلى دعم دبلوماسي في الأوساط الدولية.

وأضاف عبدالله أن دعم قطر داخل ليبيا كان مركزًا على الصقور والمتشددين في طرابلس، وهو ما ساهم في تعقيد الأزمة وعرقل محاولات الوصول الى تسوية سياسية تعيد البلاد إلى مرحلة الانتقال والتحول الديمقراطي.

فلسطين

وفي فلسطين يقول السياسي الفلسطيني الدكتور أسامة شعث، الخبير في العلاقات الدولية والإقليمية، إن قطر تحاول “تمييع” العلاقات بين المؤسسات والأطراف الفلسطينية من خلال إدارة علاقات رسمية مع السلطة الفلسطينية، في حين أنها تدير “علاقات خفية” وغير رسمية مع أطراف المعارضة خاصة حركة حماس، و”بالتالي فإن قطر ربما تكون لديها أهداف من هذا التناقض وهذه التضاربات في العلاقة بين الأطراف الفلسطينية.

وأضاف شعث   أن ثمة غموضا في سياسة أو سلوك قطر تجاه الملف الفلسطيني، لاسيما مع علاقاتها المباشرة بدولة الكيان الصهيوني من خلال مندوب دائم للدوحة يأتي من تل أبيب إلى غزة ويدير العلاقات كوسيط بين حماس وإسرائيل، وهو ما يعدُّ التفافًا على القيادة الفلسطينية الممثلة في الرئيس محمود عباس أبو مازن.

وأشار السياسي الفلسطيني إلى أن ثمة أزمات وحالة تناقض في العلاقات الخليجية بدولة قطر، والقضية الفلسطينية تأتي في سياق هذه التناقضات التي ترفضها دول الخليج وتعيبها على الدوحة التي تظهر تمسكها بالعلاقات الرسمية مع الحكومات الشرعية وتلف ظهرها لإقامة علاقات غير رسمية مع أطراف داخل الدول العربية.

قدرات دبلوماسية فقيرة

الدكتور سعيد اللاوندي أستاذ العلاقات الدولية يشير إلى أن السبب وراء التخبط القطري يرجع إلى افتقارها الموارد الإدارية الخبيرة واعتمادها على قدرات دبلوماسية محدودة بشكل يجعلها تتخبط في سياستها الخارجية، لاسيما فيما يتعلق برؤيتها للتطورات في الشرق الأوسط.

وأضاف اللاوندي لـ”إرم نيوز”، أن قدرات قطر المحدودة على المستوى الدبلوماسي “لا ترشح لتغير كبير في الملفات العربية لصالح الحركات التي تؤيدها” قائلا “إن قطر وداعميها تحولوا إلى منبوذين على المستوى الإقليمي والدولي في آن واحد”.

وتابع: “رغم الظهور الجارف لقطر بسياستها ودعمها وتدخلها في ملفات ونزاعات إقليمية وعربية، إلا أن دورها لم يكن مؤثرًا إلى حد كبير في تغيير معادلة الصراع على الأرض بدليل عدم نجاح أي من تنظيمات الإسلام السياسي في الدول العربية حتى الآن”.

حالة موازية خاسرة

الدكتورة نهى بكر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية قالت “إن قطر لم تحترم رغبات الشعوب العربية وخلقت حالة موازية في أغلب الدول سواء مصر أو ليبيا واليمن وفلسطين من خلال دعم مجموعات غير شرعية، وكأنَّ الحكومة القطرية وصية على الدول العربية”، على حد وصفها.

وفيما أشارت بكر   إلى أن مجلس التعاون الخليجي “بذل مجهودات مضنية لإثناء قطر عن دورها وتقريب وجهات النظر لكنّها تمسكت بموقفها”، معتبرة أن الدوحة “لا تزال تريد أن تزيد من حجمها الإقليمي والدولي محاولة كسب بريق عالمي لا يتناسب مع حجمها الطبيعي”.

وأضافت أن السياسية القطرية “باتت في موقف محرج بعدما تغيرت الإدارة الأمريكية الداعم الأكبر لها في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، إلى إدارة جديدة ترفض الرؤية القطرية الداعمة لتنظيمات إرهابية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *