في مشهد نادر، تجاوز العلم المغربي حدود الكرة الأرضية، وهام في الفضاء السحيق لدقائق. لم يصل العلم إلى هذا المستوى عبر الاستعانة بمركبة فضائية أو برنامج حكومي يبتغي الوصول إلى القمر، بل عبر تقنية بسيطة لمهندس مغربي ضرب بها عصفورين بحجر واحد: الأول هو تحقيقه لسبق إيصال الراية المغربية إلى الفضاء، الثاني هو تعريفه من خلال هذه الطريقة، بموقعه carte.ma الذي خصّصه للتجوال الافتراضي، كما هو الشأن بخدمة “ستريت فيو” التي يقدمها عملاق الانترنت جوجل.
مروان لمحرزي علوي، البالغ من العمر 28 سنة، وخريج المدرسة الوطنية للصناعة المعدنية، تحدث لموقع CNN بالعربية أن فكرة إرسال العلم المغربي أتته بعد إطلاق موقعه خلال العام الماضي، إذ فكّر في فيديو إعلاني فريد يميّز موقعه عن بقية المواقع الموجودة في العالم العربي، إلّا أن إخراج الفكرة إلى الوجود اعترتها الكثير من المعيقات: “بغضّ النظر عن الصعوبات التقنية، أهم مشكل واجهنا كان أخذ التصريح لإجراء هذه العملية، لذلك ارتأينا تغيير مكان إطلاق العلم من المغرب إلى إنجلترا، حيث حصلنا على التصريح خلال أسبوع واحد”.
ولشرح طريقة تصوير إرسال العلم إلى الفضاء، قال مروان: “قمنا بربط كاميرا بمنطاد ذو ارتفاع عالي، يعتمد على غاز الهليوم، نظرًا لكثافته الصغيرة مقارنة مع الهواء، وقد مكنت دافعة أرخميدس في الهواء من دفع المنطاد باتجاه الأعلى متغلبة بذلك على قوة الجاذبية الأرضية لتصل إلى طبقة الستراتوسفير وتتجاوز طبقة الأوزون”.
استطاع الفيديو أن يحصد منذ إطلاقه بداية فبراير/ شباط الماضي حوالي 200 ألف مشاهدة، إذ شاركه الكثير من المغاربة مشيدين بهذا السبق الحقيقي، إلّا أن الفيديو يبقى وسيلة لإشهار carte.ma، المشروع الذي يعدّ أوّل موقع في العالم العربي يسمح بزيارة شوارع بعض المدن بتقنية ثلاثية الأبعاء، ويتيح للزائر اكتشاف أهم المعالم السياحية والفنادق والمطاعم بصور بانورامية قبل اتخاذ القرار بزيارتها. وقد بدأ الموقع في البداية بأربع مدن مغربية، واستطاع اليوم أن يصل إلى عشر مدن.
تميّز مروان لمحرزي علوي في مساره منذ العام 2012، عندما طوّر مجموعة من التطبيقات والألعاب التي احتلت مراكز متقدمة في متجر جوجل، ومنها تطبيق خاص بمشاهدة القنوات التلفزيونية، ليأتي عام 2014، ويتوّج عبر carte.ma بجائزة أحسن موقع مغربي التي تقدمها شركة محلية تعنى بالانترنت. كما عُرف، ابن الصحراء الشرقية، ببث سلسلة ساخرة على اليوتيوب أسماها بـ”المؤامرة”، تهدف إلى إظهار كيف من اليسير خلقُ نظريات المؤامرة من تأويلات معيّنة لبعض الحقائق. وقد نالت هذه السلسلة شعبية كبيرة في المغرب، إذ تجاوزت آخر حلقاتها سقف 500 ألف مشاهدة.
“أطمح إلى توسيع دائرة موقع carte.ma ليشمل كل المدن المغربية ويصل إلى بعض الدول في المنطقة التي لا تستفيد من خدمة جوجل سترتيت فيو” يتحدث مروان بكثير من الثقة، فهو يعمل بجد يوميَا من أجل إشهار أكبر لمبادرته، دون أن يعيقه في طريق تحقيقها، مشاريع أخرى يقوم بها بشكل موازٍ، ومنها عمله على إنتاج سلسلة تلفزيونية ستبث على قناة مغربية في شهر رمضان القادم.