جلست وحدها داخل أحد مقاهي مدينة الغردقة، منسية هي، ترى المشاة المسرعين، ولا تُري، فالأعين تتفحص فقط، جسدًا، ساكنا فوق مقعد، آشعة الشمس تتغزل في خصلات شعرها الذهبية، بستان ورد خديها كان مطمع الـ«غزاة».
ها هي «ماريا» فتاة الثامنة عشر عاما، وحيدةً، هكذا جاءت من بلادها أوكرانيا، وهكذا صارت، تتكئ على منضدة أمامها، تضع رأسها بين يديها، تشكي حالها، بعدما احتضن الألم جسدها، وصار المرض «العاشق» الذي يأبى الرحيل، استسلمت للإعياء الذي أنهك جسدها «الرقيق».
صفحة «Hurghadians» الخاصة بالتنشيط السياحي لمحافظة البحر الأحمر، على «فيس بوك»، كانت لديها خيوط الحكاية، فروت أن ماريا تواجدت في أحد المقاهي وبدا عليها الاضطراب الذهني، وتملك منها الإعياء، وقت أن تواجد «وليد الأمير» الذي يعمل في مجال السياحة بالغردقة.
وتقول «Hurghadians»، إن «وليد» كان من الممكن أن يتركها لكن «أخلاق ولاد البلد» دفعته لمساعدتها، فتدخل لمساعدة الفتاة وتوصل إلى رقم هاتف عائلتها في أوكرانيا من خلال مصري روسي إلا أن عائلتها قال له إن «السفارة هتتصرف» على حد قوله.
بعد مفاوضات، وافق المستشفى على استلام الحالة، وتم إعطاء الفتاة مهدئات وجلسة أكسجين إلى أن بدأت تتنفس طبيعيا واعتدل ضغطها.
وذكرت الصفحة أن السفارة الأوكرانية استجابت لـ«وليد» في اليوم التالي، وجاء رد من القنصل إلا أنه كان مطلوب مبلغ التذكرة، وتذكرة الطبيب المرافق الذي سيصطحب الفتاة إلى بلدها.
وأوضحت أن «وليد» بدأ في جمع مبالغ مالية هو وأصحابه وكانوا يزورون الفتاة في المستشفى يوميا، وتدخل أحد فاعلي الخير الذي رفض ذكر اسمه وتكفل بباقي ثمن التذكرة.
وتابعت «Hurghadians»: «هناك الكثير ساعد في هذه الحالة.. مصريون وأجانب من الغردقة والمستشفى وكذلك الطبيب المرافق والتمريض، دون أن يعرفهم أحد إلا أن الجميع ساعدها بدون تفكير نظرا لسوء حالتها».
بعدما تحسنت حالتها، طارت الفتاة برفقة طبيبها المصري «حسن حمدي»،- مدير مستشفى رويال بالغردقة-، إلى مطار كييف، واستقبلتهما عائلتها بالأحضان، وسط فرحة عارمة.
«وليد الأمير»،- 33 عاما-، بطل القصة، لم يكن في أفضل حالاته عندما قرر مساندة الفتاة، دون أن يدير وجهه، وجمع التبرعات لها، فهو ترك مصر الجديدة مقر إقامته، منذ 6 أشهر، بعدما أغلق شركة الدعاية والإعلان الخاصة به في القاهرة، بعد موجة زيادة الأسعار، وحضر للغردقة للبحث عن فرصة عمل.
وأضاف في تصريح لـصحيفة «فيتو»، أن الفتاة الأوكرانية كانت في حالة إعياء شديد، وصلت لحد الموت، وأنه قام بواجبه تجاهها فقط، حيث إن أي شخص آخر كان سيقوم بنفس فعله، خاصة أنها ليست مصرية.