تحتاج البنوك في قطر إلى تقديم عائد أكبر إذا أرادت عودة طبيعية للسوق، إذ إن نصف قاعدة المستثمرين التقليديين تقريباً قطعت علاقاتها معها، بعد اندلاع أزمتها مع بعض جيرانها في الخليج العربي ومصر.
وتدرس بنوك قطرية، منها “بنك قطر الوطني” و”البنك التجاري” و”بنك الدوحة” خيارات تمويل تشمل قروضا أو إيداعات خاصة أو سندات مقومة بالدولار.
غير أن المستثمرين والمحللين يقولون إنه على البنوك رفع نسبة العائد للتعويض عن المخاطرة السياسية في المنطقة وإثارة الاهتمام، بحسب وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية.
وأدى قطع دول عربية وخليجية العلاقات مع قطر إلى انخفاض الودائع الأجنبية في شهر حزيران/ يونيو إلى أدنى مستوياتها خلال عامين تقريباً، وارتفاع قياسي في معدل العرض بين البنوك في قطر لمدة ثلاثة أشهر.
وفيما يتعلق بتكاليف اقتراض البنوك القطرية التي تخطط للاستفادة من السوق، قال ماكس ولمان، وهو مستشار استثماري مخضرم مقره لندن “رغم أن تكاليف الاقتراض سترتفع، إلا أن تقديم الحكومة للدعم يعني أن الفائدة لن ترتفع كثيرا”.
وقد يكون هناك اهتمام من قبل بعض المستثمرين الآسيويين، نظراً لأنهم شاركوا في بعض الصفقات السيادية الأخيرة في الشرق الأوسط.
ركود في قطر
وقال بعض المستثمرين “إذا كانت العروض جذابة من منظور العائد يمكننا شراءها، فحالياً هناك ركود في قطر لأن الفائدة لم تكن جذابة، وبالنظر إلى أن فائدة سندات بنك قطر الوطني المقومة بالدولار في شهر أيلول/ سبتمبر، بلغت في العائدات ذروتها عند 3.8 %، وهي حالياً حوالي 3.1 %، اعتقد أن صفقة مدتها 5 سنوات بفائدة تتراوح بين 3.5 و3.75 % ستكون جذابة”.
وقالت مارينا ديفيز، المحللة الائتمانية الكبيرة في لندن بشركة “بايونير إنفستمنت مانجمنت” “حتى لو قدمت 200 نقطة أساس فوق المتوسط، لن أقرضها بهذه النسبة، لأنها لن تغطي مخاطر المزيد من التدهور”.
وأضافت “نحن لا نتحدث عن السعر فحسب بل عن توافر مثل هذا التمويل لأن النظام المصرفي يواجه زيادة في تدفقات الأموال إلى الخارج، وفي الوقت الراهن إذا لم يتمكنوا من جمع المال، ستقوم السلطات بتوفيره كما كانوا يفعلون حتى الآن”.
وذكرت أن “الديون قصيرة الأجل للبنوك ضخمة، ولا يبدو أنها ستجدد، ورغم تعويض الحكومة للعجز في الوقت الحاضر، إلا أنها توفر ما يكفي من العملات الأجنبية للتعويض عن التدفقات الخارجية فقط”.
وتابعت “مع ذلك، نحن لا نعرف مدى سيولة التمويل السيادي، ويمكننا أن نتوقع أن جودة الأصول للبنوك قد تتدهور، لذلك أعتقد أن المستويات الحالية لا تعكس مخاطر الائتمان لهذا النظام”.
ارتفاع معدل الخطورة
أما رامي جمال، المدير المالي في شركة “أموال” بالدوحة، التي تشرف على أصول بقيمة 270 مليون دولار، فأشار إلى أن معدل الخطورة في السوق ارتفع بالفعل، بعد أن خفضت شركة “موديز لخدمات المستثمرين” تقييمها للبنوك القطرية.
وقال جمال “أصبح التسعير معتمداً على العملة ومدة الدين، وإذا كان بنك قطر الوطني يتطلع إلى بيع سندات مدتها 5 سنوات بالدولار الأمريكي، على سبيل المثال، فإن السوق لن يقبل أي شيء أقل من 3.50-3.75% فائدة، فبنك قطر الوطني لديه الكثير من السندات قصيرة الأجل التي ستكون مستحقة في العامين المقبلين”.
وقال فيليب غود، المقيم في زيوريخ، والذي يساعد في إدارة 9.4 مليار دولار في شركة “فيشش أسيت ماناجيمنت”: “إن المستثمرين الآسيويين يمكن أن يساعدوا البنوك القطرية على إبقاء عائداتها منخفضة نسبياً”.
وأوضح قائلاً “أتوقع أن يجدوا شركاء يعطونهم التمويل بأسعار منخفضة جداً، فالمستثمرون الآسيويون متحمسون لاستثمار الأموال في الشرق الأوسط، ولا أشك في أنهم سيحصلون على الفائدة نفسها السابقة”.
وأضاف “لا أتوقع أي فائدة إضافية مما يبدو عليه السوق اليوم، فقد سبق وتمت إعادة التسعير بالفعل”.
نسبة بدل المخاطر
وقال طارق قاقيش، العضو المنتدب لقسم إدارة الأصول في شركة “مينا للخدمات المالية” في دبي “إن تدهور الاقتصاد وإمكانية زيادة تخفيض الديون طويلة الأجل لدولة قطر سيدفع المؤسسات المحلية إلى دفع نسبة كبدل للمخاطر”.
وأضاف “على المدى القصير، سيؤدي علم النفس دوراً كبيراً في تسعير إصدارات السندات الجديدة إذ إن المستثمرين غير متأكدين من حجم المشكلة، والأهم من ذلك مدى استمراريتها”.
وبين أنه “مع انخفاض الودائع وارتفاع متوسط نسبة القروض مقارنة بها، أتوقع أن تحاول معظم البنوك الاستفادة من السوق ورفع نسبة بدل المخاطر إلى 15-20 نقطة أساس”.