بدأت اليوم أعمال الملتقى العربي الأول “إدماج الأسس الدولية لمكافحة الفساد في أعمال الادارة العامة” وتعقده المنظمة العربية للتنمية الإدارية بالتعاون مع نقابة المحاسبين والمدققين العراقية في مقر المنظمة بالقاهرة خلال يومي 13-14 سبتمبر 2017.
افتتح الملتقى الدكتور/ناصر الهتلان القحطاني، مدير عام المنظمة، بكلمة قال أشار فيها إلى أن الفساد وسوء استخدام المنصب العام يعد سلوكا ينطوي على تخطيط وتفكير مسبق وسوء نية مبيته يمارسها بعض الموظفين من ضعاف النفوس بهدف تحقيق مصالح ومكاسب شخصية، ويختلف هذا عن قيم النزاهة والشفافية والتي تعد قيم أخلاقية نابعة من الثقافة والتربية والوازع الذاتي، لذا فإن المشاركة المجتمعية تعد أساس مهم في توحيد الجهد الحكومي لمكافحة الفساد ويتطلب ذلك فتح قنوات اتصال شفافة وتواصل مع الموظفين والمواطنين ومنظمات المجتمع المدني، وكذلك التركيز على النشاطات الوقائية، يتقدمها الجهود المؤسسية التي تستهدف بناء الانسان وتحصينه من الوقوع في الفساد، والتركيز على برامج التوعية وتحفيز الوازع الديني والأخلاقي والقيم المجتمعية النبيلة.
واكد الهتلان على انه من الضرورة العمل على تحويل مدونات السلوك الوظيفي وما في حكمها إلى مدونات ذات أحكام ملزمة كالقوانين والأنظمة، وتضمينها أحكام توضح المخالفات والإجراءات التأديبية التي يمكن اتخاذها في حال الإخلال بأحكامها، يتقدم ذلك التعامل مع مفاهيم الشفافية والنزاهة بشكل مترابط وتضمين هذه المبادئ بشكل أكثر وضوح في نصوص مدونات السلوك والأحكام الناظمة لتعارض المصالح وإجراءات الإنفاق العام والإبلاغ عن حالات الفساد
وقال: إن النظر الى موضوع تعارض المصالح باعتباره سلوك بشري وليست جريمة بالضرورة يتطلب رفض الجزء التشريعي القائم على مكافحتها وهذا يعني الاسراع نحو تطبيق إجراءات الحكومة المستجيبة ( المفتوحة) من إتاحة وبناء وتبادل البيانات والمعلومات بين الجهات الحكومية بعضها مع بعض ومع المواطنين متلقي الخدمات وبالتزامن مع نشر إجراءات الحوكمة الإلكترونية التي تعزز الإفصاح في ظل تطبيقات الحكومة الإلكترونية كالربط بين إقرارات الإفصاح عن الذمة المالية والحركة البنكية (المعاملات البنكية) للموظف العام، وعليه فإننا ندعو إلى الإسراع في إقرار وإصدار قانون الحق في الحصول على المعلومات والنفاذ إليها مع ضمان شرط تماثل البيانات للدلالة على حسن السلوك الوظيفي العام، والعمل على وضع إجراءات عملية للتأكد من إلتزام كافة الجهات للإفصاح عن حالات تضارب المصالح حال وقوعها.
وبهذه المناسبة ندعو إلى تضمين نص في قوانين مكافحة الفساد السارية في الدول العربية يلزم كافة المؤسسات الحكومية بإلغاء كافة الإجراءات المتخذة بحق الموظف العام الذي يبلغ عن شبهات الفساد وفرض عقوبات على الجهات التي لا تلتزم بهذا النص، مع التأكيد على ضرورة عدم اعتبار إبلاغ الموظف عن شبهات الفساد من قبيل إفشاء المعلومات وبالتالي عدم إيقاع عقوبات تأديبية على الموظف في هذه الحالة، وبهذا الاتجاه فإن تضمين نصوص في قوانين مكافحة الفساد السارية في الدول العربية تفيد بأن الابلاغ عن حالات الفساد أمر متاح وبشكل مباشر دون حاجة لالتزام المبلغ بالتسلسل الإداري لأن من شان ذلك عرقلة سهولة التبليغ، كما نرى أهمية وضع احكام تشجيعية للموظف الذي يقوم بالتبليغ عن حالات الفساد او تضارب المصالح.
من جانبه قال القاضي مدحت المحمود رئيس المحكمة الدستورية العليا من هذا المكان من المنظمة العربية للتنمية الإدارية ندعو إلى بذل جهود مضاعفة وقوية من أجل إصلاح القطاع العام والهيئات الحكومية وفق استراتيجية شاملة ومنهج واضح يستهدف تقديم الخدمات للمواطنين ويعبر عن العلاقة المتوازنة بين الدولة والمواطنين”.
وأضاف “كذلك ندعو إلى إصلاح النظام القانوني، يتقدم ذلك الشئون المدنية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة، وإصدار التشريعات التي توفر الحماية المناسبة للقطاع الخاص واستثماراته” .
كما أكد على الحاجه للاهتمام السياسي والمؤسسي لتنفيذ صارم ودقيق لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، كما ندعو لتعزيز مبادرات الشفافية في تقديم الخدمات العامة، وقيام منظمات المجتمع المدني بدورها في تحسين ممارسات الحكومة والإدارة الرشيدة . والحقيقة لسنا الوحيدين الذين نسعى لإيجاد لأسس لتطوير الجانب الإداري في القضاء، وإنما بقية الدول أيضًا تسعى في هذا وهناك دول ربما سبقتنا في هذا المجال، فالإنسانية متكاملة ويمكن أن نأخذ ونعطي منها.. هذا المقصود من معنى الأسس الدولية، فالأمم المتحدة وغيرها وضعت أسسًا معينة لتسريع حسم الدعاوى، ويمكن أن نستفيد من هذه التجربة في الدول العربية، ولا يوجد عائق أمام الدول العربية لتطبيق هذه القوانين لأنها جوانب إدارية بحتة لا تتعارض أو تمس معتقداتنا وغيرها من القيم والُمثل العربية
من جانبه أشار الدكتور/ رافد النواس، نقيب المحاسبين والمدققين بالعراق إلى أن ظاهرة الفساد سمة بارزة من سمات العصر الحديث للتي تواجه مختلف دول العالم بغض النظر عن مستوى نمو الدولة او تقدمها أو غناها او فقرها باتت من أكثر الظواهر انتشارا وتهديدا لمستقبل دولنا حيث تتخذ أشكالا وألوانا مختلفة فهي تنخر في جسم الدولة وتأتي على مقدراتها المالية والاقتصادية وتتلف منظومتها الإدارية من خلال الكثير من الانحرافات والتجاوزات التي تمارسها إدارة المؤسسات والأفراد على المال العام.
وأضاف “دون تردد نجزم أن السبب الرئيس في تفشي هذه الظاهرة هو ضعف الإرادة السياسية في محاسبة ومعاقبة الفاسدين والمفسدين وربما انخراطها هي ذاتها في الفساد فضلا عن ضعف تطبيق التشريعات اللازمة التي تحمي المال العام وتتيح الافلات من العقاب ناهيك عن تأثيرات اشكال التخلف من طائفية وعنصرية وفئوية وتحزب على تأمين أغطية متسخة للفساد”.
وهكذا تحاول جميع الدول جاهدة إلى وضع منهجيات وأسس ومعايير قانونية وإدارية ومالية للرقابة على تصرفات المؤسسات والأفراد في مواجهة شرسة لهذه الظاهرة من أجل الحد منها بكل الطرق الممكنة حيث تتخذ كل التدابير اللازمة للحد من تداعيتها الاقتصادية والسياسية والمالية والاجتماعية وهذا يتطلب وضع الاطر والتشريعات القانونية وبناء المؤسسات الرسمية المتخصصة ودعم منظمات المجتمع المدني لمحاربة هذه الأفة ومعالجتها والتخلص منها او الحد منها على أقل تقدير وفي الوقت ذاته فقد أصبحت التقارير التي تصدرها المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية حول تلك الظاهرة وأثرها على مقدرات المجتمعات محل اهتمام متخذي القرار في جميع المؤسسات التشريعية والقضائية والحكومية وتحظى بكثير من الاهتمام لدى المواطنين والمؤسسات الإعلامية
ونسعى من خلال هذا الملتقى إلى تسليط الضوء على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وكيفية اعمالها على ممارسات الإدارة العامة وحسبنا ان نتمكن من التعاون مع المنظمات العربية والدولية وترصين مكافحة الفساد في بلدنا العراق الذي يعاني من هذه الظاهرة بحيث باتت تهدد مستقبله السياسي والاقتصادي وأوكد رغبتنا باستمرار التعاون وصولا إلى أفضل الممارسات المثمرة ونواتج راسخة بإذن الله.
يهدف الملتقى إلى الإحاطة بالأطر التشريعية لمكافحة الفساد، وسبل قيام هيئات مكافحة الفساد في تقديم الدعم اللازم لإدماج الاسس والقواعد الدولية في أعمال مكافحة الفساد والممارسات الادارية للإدارة العامة، وفي مقدمتها التدابير الوقائية واسترداد الأموال والمتحصلات، فضلاً عن أشكال التعاون القضائي الدولي.