أثار الخامنئي في خطابه يوم الأول للشهر الأول في العام الإيراني الجديد زوبعة في فنجان بأن العقوبات قد أحدثت”فرصا كبيرة جداً“ لنظام الملالي.
وأكد في الخطاب نفسه على أنه يرفض ما تمليه مجموعة 1+5 لا سيما الولايات المتحدة وأضاف: ”إنهم بحاجة إلى هذه المفاوضات، آمريكا بحاجة كبيرة إلى المفاوضات النووية!“.
وجعل خليفة الرجعيين لمواصلة المفاوضات ما يسمى بالشرط والشروط، بأنه ” لا بد من رفع العقوبات أثناء الحصول على الاتفاق فورا، أي رفع العقوبة هي جزء من الاتفاق وليست شيئاً منضماً له“ فيما أكد على أنه ويجب أن يكون الاتفاق في مرحلة واحدة فقط.
يجدر بالذكر أنه وما حدث في بيان ”لوزان“ جاء خلافا لما كان يطمحه ويرغبه الخامنئي وضد شعاراته في مدينة ”مشهد“، وقد أملي على النظام ما كان ينبغي إملاءه.
ولم يكن نظام الملالي والمفاوضون هم يحددون الشروط لرفع أو تجميد العقوبات، بل مجموعة 1+5 كانت هي التي حتمت على النظام شروطها.
وها هو السؤال المطروح، لماذا ورغم خطاب الخامنئي في مدينة ”مشهد“، إضطر النظام إلى أن يخطو خطوة نوعية إلى الوراء فيما يخص بالمجال النووي و إضطر إلى أن يرضخ لبيان ”لوزان“؟
وكان تراجع النظام في مفاوضات ”لوزان“، في وقت امتنع فيه نظام الملالي عن الرضوخ لتفاوض جاد في المجال الذري منذ أعوام طويلة. ذلك لأنه يرى الموضوع الذري والحصول على السلاح النووي أحد أسباب بقائه.
في الحقيقة أن المأزق الاقتصادي، وآثار العقوبات الاستنزافية والوضع المحتقن الذي يعيشه الشارع الايراني ، قد أجبر النظام على أن يأتي إلى طاولة التفاوض وبالتحديد خطا أول خطوة التراجع في مفاوضات جنيف بشهر كانون الأول/ ديسمبر عام2013 فرضخ لشروط مجموعة 1+5 المفروضة عليه.
غير أن وبالطبع هذه كانت الخطوة الأولى لمجموعة 1+5 وهذا الحد من المذلة والرضوخ لشروطهم من قبل النظام لم يكن كافيا ومن جهة أخرى حاول النظام أيضاً وبإطالة المفاوضات أن يرفض اتخاذ خطوة جادة في طريق تجرع السم.
وكان الحساب الأساسي لنظام الولاية أيضاً أنه وبالتعويل على تصدير الإرهاب والتطرف والتدخل في العراق وسوريا واليمن وعلى حد وصف الولي الفقيه وقادة الحرس بالتعويل على ”عمق الاستراتيجية“ يستطيع أن الامتناع عن اتخاذ خطوات جادة في طريق التراجع بالمجال النووي وحسب المعروف، ينال تنازلات بطوق النجاة للنجاح في العراق واليمن على طاولة التفاوض.
وعلى ذلك كان الخامنئي وفي خطابه بمدينة ”مشهد“ يلهم القوات المحبطة للنظام كأن مجموعة 1+5 هي التي تحتاج إلى التفاوض مع النظام.
إلا أن وبعد هزيمة النظام في تدخلاته بالمنطقة (العراق واليمن) وتأثيراتها المؤثرة على الملف النووي للنظام، قد خسر النظام فعلاً طوق نجاته بحيث وأخيراً أجبرت آثار هذه الهزائم وكذلك التحذيرات والضغوط المتواترة للكونغرس ومجلس الشيوخ الإمريكي في مجال تصعيد العقوبات، على أن يخطو خطوة نوعية نحو تجرع كأس السم النووي.
كان التراجع للنظام فظيعا إلى درجة بحيث ليس لم تتحقق أي شرط من شروط الخامنئي للمفاوضات فحسب بل رضخ مفاوضو النظام لكل شروط الطرف المقابل وها هم القلقون في النظام يصفون مواد بيان ”لوزان“ عنوان ”لوزان شاي“.
وكتبت وكالة قوات القدس الإرهابية ”تسنيم“ في 2نيسان/ أبريل 2015: بأن ”الاتفاق بلا رفع العقوبات خال من أي جدوى لبلدنا“.
وكتب ممثل الخامنئي الحرسي شريعتمداري في مذكرة اليوم لصحيفة ”كيهان“ 4نيسان/ أبريل2015 في شأن انتهاك الحدود الحمراء للخامنئي في اتفاق ”لوزان“: ”يكفي نظرة قصيرة إلى نص اتفاق ”لوزان“ ليوضح بأن الامتيازات التي قدمتها إيران مكرمة للطرف الغربي هي شفافة ويمكن قياسها، غير أنه ما تولى الطرف الغربي غير واضح ومتعددة الجوانب وقابل للتفسير بحيث يعد ”وعدا مؤجلا“ أوضح شرح لهم“.
وأضاف الحرسي شريعتمداري قائلاً: إنه ”كان من المفترض أن يتم الاعلان بصراحة بأن إيران لن ترضخ لاتفاق في مرحلتين ولكن السادة وافقوا في البدء على اتفاق مع إطار ملزم وأجلوا الجدال والاتفاق عن التفاصيل إلى وقت لاحق! لماذا أغمضوا عيونهم عن الخط الأحمر الذي يمثل الغبن لاتفاق جنيف؟!“.
في الحقيقة والى جانب التراجع المذل للملالي، فالأمر المشهود في أقوال ولهجة أوباما وجون كيري هو تعاملهما الفوقي والاستخفاف بالنظام وهو ناجم عن ضعف النظام، ضعف ناتج عن الظروف الإقتصادية المتدهورة ومأزق النظام في تدخلاته عن طريق الميليشيات التابعة له في عملية تكريت وكذلك مواجهة التحالف العربي إزاء مداخلاته في اليمن وهزيمته.