ر
رير صحيفة التيار عثمان ميرغني لنشره مقالا يتهم اسرة الرئيس السوداني عمر البشير بالفساد، كما أصدرت المحكمة حكما على كاتب المقال الذي نشر عام 2012 بالسجن ثلاث سنوات مع وقف التنفيذ.
وتدين الشبكة العربية لإعلام الأزمات الحكم الجائر والذي يؤكد الإختلال في موازين العدالة ويقدح في نزاهة القضاء السوداني الذي إبتعد كثيراً عن تطبيق العدالة، وأصبح أداة طيعة في يد السلطات الأمنية، وتأتيه القرارات جاهزة وماعليه إلا تلاوة الحكم، والدليل على ذلك الأحكام القاسية التي تصدرها المحاكم في الصحفيين على مدى ربع قرن من الزمان.
إنّ الشبكة العربية لإعلام الأزمات تؤكد على حق أي جهة (أفراد ـ مؤسسات) في اللجوء لساحات العدالة حال تضررت من النشر الصحفي، لكن شريطة أن تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة والإنصاف، وعدم الإنحياز لطرف دون الآخر كماهو سائد الأن في محاكم التفتيش، وكثير من المحاميين يواجهون المشقة والعنت في قضايا النشر إضافة إلى التماطل في إنتظار صدور حكم الإستئناف.
إنّ جهاز الأمن والمخابرات لايمثل جهة الإختصاص في هذه القضية وليس الجهة المعنية في المقال، لينال بذلك حقاً لايستحقه، في الوقت الذي يكون قد أوقع عقوبة سابقة على الصحيفة المعنية بالإيقاف لعدة أيام بعد مصادرة الصحيفة من المطبعة، بينما الشاكي الحقيقي في هذه القضية هي أسرة الرئيس السوداني.
إنّ الفساد في السودان أصبح “حديث المدينة”، سلوكاً عاماً وممارسة عادية تم تقنينه وشرعنته، بعد أن غزا كل مؤسسات الدولة وتربع على عرش الخدمة المدنية والعسكرية، وأصبح محمي من السلطات الأمنية والقضائية، بتوفير الحصانات للمفسدين ضد أي مسائلة أو محاسبة، وتثبت ذلك تقارير المراجع العام، كما ظلّ السودان يتزيل قائمة الدول في مؤشر مدركات في الفساد، بل أصبح معروفاً أن كل من تثبت إدانته بجريمة فساد تتم ترقيته في موقع آخر وبإمتيازات أفضل، حتى أصبح الفساد في أعلى مستويات الدولة.
إن الصحافة في السودان على أعتاب مرحلة جديدة بعد البطش والقمع الذي تمارسه السلطات الأمنية، لندخل مرحلة الأحكام الرادعة والسجن لأشهر طويلة أو دفع غرامات باهظة، كما أن الصحفييين في السودان يواجهون تحديات كبيرة وخطيرة تتعلق بالدفاع عن الحريات الصحفية والحفاظ على مهنيتهم وحقهم في النشر الصحفي، وتمليك المعلومة للقارئ، ودورهم الفاعل في مكافحة الفساد الذي يمثل جزءاً من مهامهم المهنية، بالكشف عن الفساد والمفسدين، بإعتبارهم يمثلون سلطة رابعة واجب عليهم الحفاظ على تعزيز الشفافية وتحقيق النزاهة وسيادة حكم القانون.
والشبكة العربية لإعلام الأزمات تعبر عن قلقها الزائد إزاء الهجمة الشرسة على الحريات الصحفية وحرية الرأي والتعبير، ومحاولات السلطات الأمنية لتكميم الآفواه وتركيع الصحفيين بإستمالتهم بالإمتيازات والحوافز أو قمعهم وإستهدافهم.
إنّ الشبكة العربية لإعلام الأزمات تجدد الدعوة بتشكيل جبهة قوية موحدة لمواجهة التحديات والإنتهاكات التي يتعرض لها الصحفيين في السودان بشكل يومي، تدعو للدفاع عن الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير ووقف إنتهاكات السلطات السودانية التي تنفذها عبر جهاز أمنها أو قضائها.