غيّرت حركة “مجتمع السلم” وهي الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الجزائر، من نبرة التهدئة التي التزمت بها زمن رئيسها المنتهية ولايته عبد المجيد مناصرة، حيث عادت إلى التصعيد مع حكومة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
وأطلق عبد الرزاق مقري، الرئيس العائد لرئاسة أكبر حزب إسلامي معارض في الجزائر، تصريحات حادة قدّم فيها وصفًا “سوداويًا” للمشهد السياسي والاقتصادي العام في البلاد، مُعربًا عن نيّته في استمرار نهج المعارضة والإحجام عن المشاركة بالحكومة في الظرف الحالي.
وأكد مقري فور إعادة تنصيبه رئيسًا لـ”حمس”، أنّ المشاركة في أي حكومة جديدة خارج أجندة الحزب بمبرر أن ذلك “لن يفي بحاجة التغيير ولا يليق بحزب يفهم السياسة بأنها خدمة وليست مكسبًا”، متهمًا أحزاب الموالاة بتبديد 1000 مليار دولار خلال فترة حكم الرئيس الحالي، عبد العزيز بوتفليقة، لمدة جاوزت 18 عامًا.
وغادر عبد المجيد مناصرة، السبت، موقعه لصالح مقري، بموجب اتفاق سابق ودون انتخابات، ضمن “مشروع وحدة التيار الإسلامي” بعد انشقاق “جبهة التغيير” عام 2008 عن الحزب المركزي للإخوان، وهو ما عُدّ تتمةً لصفقة سياسية أُبرمت خلال الانتخابات البرلمانية التي جرت في الـ4 مايو/أيار الماضي والتي شارك فيها الإخوان بلوائح انتخابية مُوحدة.
وترك مقري منصبه طوعًا في 22 تموز/ يوليو الماضي، عقب حلّ حزب جبهة التغيير، إذ عُرفت حركة مجتمع السلم بليونتها في التعامل مع السلطة وقابلت بعض القرارات الحكومية بالقبول، تماشيًا مع منهج الوزير السابق عبد المجيد مناصرة، الذي حاول جاهدًا جرّ الحزب إلى حاضنة السلطة لكنّ نهاية المهمة أدركته قبل تثبيت التقارب مع حكومة بوتفليقة التي يقودها أحمد أويحيى.
وتختلف علاقة قادة الإخوان بالجزائر، مع حكم بوتفليقة، بين من يُعارض بشدة بقاءه في السلطة مثل عبد الرزاق مقري، ومن لا يرى مانعًا في استمراره بقيادة البلاد مثل عبد المجيد مناصرة، وبين النقيضين يقفُ فصيل ثالث يلعب على الحبلين، في صورة الرئيس السابق للحزب أبوجرة سلطاني والذي يتخذ مواقف متأرجحة بين داعمٍ ومعارضٍ.
وقال مسؤول قطاع الإعلام في حركة مجتمع السلم، الدكتور عبد الله بن عجمية في تصريحات خاصة لــ”إرم نيوز”، إن دمج الإسلاميين في حزب واحد يأتي ضمن مساعٍ سياسية لجمع شتات العائلة الإسلامية المتجذرة في الأوساط الشعبية.
وتابع بن عجمية أنّ “تصوّر الدكتور عبد الرزاق مقري للعلاقة مع السلطة الحاكمة، قد حدّدته مؤسسات الحزب ولا بديل عنها في اتخاذ أيّ موقف مغاير يقبل في الالتحاق بالحكومة دون القبول بشروط الانتقال الديمقراطي”، مشيرًا إلى “رفض دوائر صنع القرار لأي تفاوضٍ يقوم على الندية بين السلطة والمعارضة”.
ويكشف سياسيون جزائريون أن مساعي الوحدة بين فصائل التيار الإسلامي بالجزائر، كثيرًا ما تصطدم بصراع الزعامة بين شيوخ وكوادر الجماعة الإسلامية، والتي تظلّ – في نظر هؤلاء- تهديدًا قائمًا يُعيق تقدم المشاورات السياسية بين مختلف الأطراف لأجل الوحدة والاندماج بعضًا في بعض.