-عبد الناصر لايزال فكره ومشروع مازال حيا فى الذاكره العربيه الجمعيه التى تستدعيه فى كل مرحله تواجه فيه الامه العربيه مخاطر خارجيه وتحديات داخليه
-السادات كان له دور فى اجهاض المنجزات الناصريه والاحزاب الناصريه غابت عنها الرؤيه الموحده والمعيار السياسى الناصرى الجامع
على الرغم من مرور مائة عام على ميلاد الزعيم الخالد عبد الناصر الا انه لايزال الزعيم الغائب بجسده الحاضر بمبادئه التى عاش ومات من اجلها فى الدفاع عن قضايا العروبه وحقوق الانسان البسيط فى الحريه والكرامه والعداله الاجتماعيه وقد جسدت الاحتفالات التى شهدتها المنطقه مصر والمنطقه العربيه بتلك الذكرى ان مبادئ عبد الناصر رغم مرور تلك السنوات لازالت باقيه وهدف سوف تظل الجماهير العربيه الى تحقيقها وفى خضم تلك الاحتفالات كان لنا هذا الحوار مع د/ عبد الستار الجميلى الامين العام للحزب الطليعى الاشتراكى الناصرى بالعراق
1- في ذكرى ميلاد الزعيم الراحل عبد الناصر ماذا تبقى من الناصرية خاصة أن معظم انجازات الزعيم الراحل أجهضت بفعل عوامل داخليه وخارجية ؟
· هذا سؤال هام وعادة يطرح في كلّ مناسبة تخص الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، والسؤال بحدّ ذاته إجابة على ما تبقى من الناصرية بعد ما يقارب الخمسة عقود من رحيل عبد الناصر. فالناصرية لم تكن مجرد تجربة وإنجازات إنتهت برحيل قائدها ومنظرها أو إجهاض منجزاتها، ولكنها فكرة ونظرية ومشروع قيد التكوين والإنتاج في كل مرحلة تطرح متغيرات وأسئلة جديدة.. لذلك فإن السؤال لم يُطرح لو لم ينطلق من وقائع أنّ عبد الناصر، رمزا وفكرة ومشروعا، مازال حيّا في الذاكرة العربية الجمعية التي تستدعيه في كلّ مرحلة تواجه فيها الأمة العربية المخاطر الخارجية والتحديات الداخلية.. وفي هذه المرحلة التي نواجه فيها أخطر المتغيرات والأسئلة التي طالت وحدة الوجود القومي للأمة العربية وهويتها ووحدة دولها وأوطانها، في ظلّ فتاوى وتنظير حاكمية التكفير والإرهاب والطائفية والعنصرية والشعوبية والأخويات المتأسلمة وليبرالية الموجة الثالثة من الإستعمار والإحتلال بعد مرحلتي الإحتلال العثماني والغربي. فإنّ الناصرية قدّمت وتقدم الرؤية التوحيدية على المستويين الوطني والقومي، عبر التكامل بين الوحدة الوطنية القائمة على إدارة التنوع ودوائر الإنتماء الفرعية بالتوحيد والمواطنة الجامعة ونبذ كلّ أشكال الإستقطاب والتمييز والتطهير الطائفي والعرقي والأقلوي، والوحدة العربية القائمة على الدعوة السلمية والتطبيق العلمي والإجماع الشعبي وإدراك متغيرات العصر وضروراته، التي تؤكد أن العالم لم يعد مكانا آمنا للدول الصغيرة والمشغولة بسياسة المحاور والتآكل الذاتي والإبادة البينية العبثية كما هوا حال دولنا العربية. ما يطرح جوهر الناصرية الأساسي في ضرورة الوحدة العربية، المستندة على مشروع نهضوي عربي عصري ووحدة وطنية حقيقية وقراءة موضوعية للمصالح العربية العليا، وتحت أيّ شكل دستوري، في مواجهة مجتمع دولي بات أكثر من أيّ وقت مضى خاضعا لمنطق ومعايير المصالح والقوة التي تحميها.
2- وهل كان للسادات دورا في إجهاض تلك المنجزات بإبرامه اتفاقيه كامب ديفيد وإتباع سياسة الانفتاح الاقتصادي التي أدت الى إجهاض تجربه القطاع العام ؟
· بالتأكيد كان لإجتهاد وقرارات الرئيس السادات دورا في إجهاص المنجزات الناصرية، عبر إتفاقية كامب ديفيد والإنفتاح الإقتصادي الرأسمالي وإطلاق يد الأخويات التكفيرية المتأسلمة. الأمر الذي وجه ضربة قاسية لقضية العرب المركزية في فلسطين، وفتح باب الإختراق والهيمنة والفساد وزيادة الفوارق الإجتماعية بإزدياد مستويات الفقر بشكل غير مسبوق، وإضعاف الجبهة الداخلية العربية والعبث في فكرة ووجود الوطن والمواطنة وحياة وحقوق وعقول المواطنين، وتعميم حاكميات العنف والإرهاب والطائفية، وبالتالي كانت مدخلا لخلخلة الكثير من منظومات القيم والمحددات والثوابت الوطنية والقومية والمعرفية.
3- هناك انتقادات توجه الى الأحزاب الناصرية والتي تفرغت لصراعات هامشيه دون العمل على الحفاظ على منجزات عبد الناصر ؟
· لهذا السؤال جانبان، الأول يتعلق بالسؤال السابق، والثاني يتعلق بالمعيار السياسي الناصري. ما يتعلق بالجانب الأول: كيف إستطاع الرئيس السادات أن يوجه ضربته الحاسمة في 15 مايو(أيار)1971 لقيادات ناصرية سياسية وتنظيمية وأمنية كانت تمسك بأكثر مفاصل الدولة والمجتمع، وبالتالي إتخاذه لقراراته الخطيرة آنفة الذكر. في ظني أنّ السبب يعود إلى غياب الرؤية الناصرية الموحدة لهذه القيادات وبالتالي غياب التنسيق، وذلك بحكم حداثة التجربة الناصرية، وحجم التحديات والمخاطر التي طرحتها نكسة 5 حزيران 1967 وتداعياتها وآثارها السياسية والفكرية، وعدم تبلور الإطار النظري للناصرية بشكل كامل عند الغياب المبكر للزعيم الخالد. وهذه الأسباب تحيلنا إلى الجانب الثاني حول الخلافات داخل وبين الأحزاب الناصرية، التي تعكس هي الأخرى غياب الرؤية الناصرية الموحدة وبالتالي غياب المعيار السياسي الناصري الجامع والذي في ضوءه تتم عملية تحديد وفرز المواقف. فهناك من ناحية خلافات واسعة وربما جذرية حول الكثير من القضايا التي تعصف بالأمة العربية، فلا يوجد موقف ناصري موحد مما جرى ويجري في سورية وليبيا والعراق واليمن والوطن العربي بشكل عام في مشرقه ومغربه. ومن ناحية أخرى فإن الأحزاب الناصرية هي جزء من الحركة السياسية العربية المعاصرة بكل سلبياتها وإيجابياتها، التي مازالت ومنذ سؤال النهضة تبحث عن شكل من أشكال الوحدة في المواقف السياسية والأطر الدستورية والمؤسسية والمآلات المصيرية. ومن الطبيعي أن تنعكس كلّ هذه المؤثرات على بنية العلاقات داخل الأحزاب الناصرية وفيما بينها، في ظلّ تشتت الرؤية الناصرية المشتركة والمعيار الناصري الجامع، وغياب الإعداد السياسي والفكري والميداني والتراتبية التنظيمية، والنزوع نحو نوع من الذاتية والشخصنة وتجاوز آليات العمل الجماعي لدى البعض.
4- في ظل التطورات الراهنة من سيطرة القطب الواحد هل ترى أن عبد الناصر كان سيكون أكثر مرونة واقل ثوريه فى مواجهه التطورات ؟
· أولا لم تعد هناك قطبية أمريكية أحادية في هيكل النظام الدولي وموازين القوى فيه بعد إستعادة روسيا لدرورها كقطب دولي والصين كقطب آخر، وتراجع الدور الأمريكي سياسيا وإقتصاديا وإستراتيجيا على مستوى العالم كلّه. فالنظام الدولي الآن يجمع بين الثنائية القطبية ( روسيا وأمريكا) والتعددية القطبية (روسيا ومعها الصين والكثير من دول آسيا وأفريقيا وأمريكيا اللاتينية وأوربا، وأمريكا ومعها بعض دول أوربا الغربية وتوابعهما من الدول).. وعلى فرض أن القطبية الأحادية هي السائدة وأنّ عبد الناصر مازال حيّا، فكيف سيتصرف؟ هذا سؤال ربما يدخل في باب الغيب. لكن مع ذلك يمكن الإشارة إلى أنّ عبد الناصر صاحب مدرسة سياسية ومشروع نهضوي عربي، وكلاهما يتضمنان مجموعة من المبادئ والقواعد والثوابت والمحددات، تجمعها منظومة من المنطلقات والوسائل والأساليب والأهداف. وأعتقد أنّه في ضوء هذه المنظومة فإنّ المتغير الناصري الأساسي المفترض في مواجهة القطبية الأحادية سيتناول الوسائل والأساليب، دون المنطلقات التي تتعلق بوحدة الوجود القومي للأمة العربية، والأهداف التي تتعلق بحرية الوطن والمواطن والكفاية في الإنتاج والعدالة الإجتماعية في التوزيع وتكافؤ الفرص والوحدة العربية ودولتها العربية المنشودة. من قبيل مثلا إتباع الوسائل السياسية والديمقراطية في التعامل مع مسألة السلطة والحكم من حيث التعددية والتداول السلمي للسلطة. وسيتناول أيضا بعض مفردات الخطاب الناصري في ضوء ثورة المعلومات والإتصالات والخريطة المعرفية الجديدة وتقدم أولويات جديدة على أجندة ومطالب الشعوب والعلاقات الدولية، كحقوق الإنسان الفردية والجماعية والديمقراطية وغيرها.
5- طرحت عدد من التيارات السياسية الناصرية فكره عقد مؤتمر يجمع التيارات الناصرية في العالم العربي للعمل على إحياء مبادئ الناصرية ومواجهه التطورات الراهنة فهل ترى أن هذا المؤتمر بات ضروريا وما موقفكم من تلك الدعوات ؟
· أعتقد أن الأمر لا يتعلق بالعواطف والنوايا والشعارات، فلدينا تجربة سابقة في جمع أغلب القوى الناصرية في إطار المؤتمر الناصري العام ووصلنا إلى مرحلة مقبولة من التنسيق والفعالية، لكن سرعان ما تراجع المشروع وتلاشى بفعل الخلافات التي دبّت بين أطرافه وقبوله أن يكون طرفا في الخلافات بدلا من أن يكون مظلة جامعة حتى للمختلفين. لذلك وكما قلنا فيما سبق أنّه في غياب الرؤية الناصرية المشتركة والمعيار الناصري الموحد فإن الخلافات الجذرية سرعان ما تعصف بأي تجربة لتضيف فشلا جديدا. فالمواقف الناصرية مختلفة جذريا الآن من الأحداث في ليبيا وسورية واليمن والعراق وفلسطين والأوضاع في الخليج العربي ومصر وتونس والجزائر والسودان والساحات العربية بشكل عام، والموقف من نظامي إيران وتركيا وحماس وحزب الله وغير ذلك من القضايا والملفات. بل إن بعض القوى الناصرية إنحاز طائفيا لهذا الطرف أو ذاك من طرفي المشهد الطائفي المقيت بما يتعارض مع الناصرية تجربة وفكرا ومشروعا نهضويا جامعا لكل أبناء الأمة العربية وساكنيها.. لذلك فإن الأمر يحتاج إلى جهود سياسية وفكرية وتنظيمية طويلة للوصول إلى رؤية ناصرية مشتركة ومعيار ناصري موحد وجامع، يقوم على إدارة الخلاف في الرأي في ضوء قراءة موضوعية للمصالح العربية العليا قبل المصالح الحزبية والشخصية، وقبول التعددية في الآراء والتكامل مع التيارات السياسية العربية الأخرى، وإحترام الظروف الموضوعية لكلّ ساحة وتجنب الخطابات الأحادية المفروضة والتشكيك والإتهامات والإنقسامات العبثية.
6- إذا انتقلنا الى الأوضاع على الساحة العربية ما هي فرص عقد الانتخابات العراقية وموقفكم منها ؟ وهل تعتقد أنّ تلك الانتخابات سوف تفرز جديدا على الساحة السياسية العراقية ؟
· أعتقد أن الظروف المحيطة بموعد الإنتخابات في العراق مازالت ضبابية ويكتنفها الغموض، على الرغم من رأي المحكمة الإتحادية الذي حسم الجدل حول موعد الإنتخابات، مع أنّ هذه المحكمة قد إنتهكت الدستور وتجاوزت صلاحياتها بهذا الرأي التي تقتصر على تقرير الإنتخابات كقاعدة دستورية وحق دستوري، وليس من حقها التدخل في مواعيد الإنتخابات التي هي حق حصري للبرلمان والحكومة والمفوضية في ضوء الظروف العامة في العراق.. وإذا جرت الإنتخابات فلا نتوقع إختراقا جذريا للمحاصصة الطائفية والعرقية والعشائرية والمناطقية والشخصية والعائلية، وذلك في ظلّ تشكيل مفوضية الإنتخابات وفق نفس المحاصصة السابقة والإصرار على إستبعاد أيّ دور عملي وتنفيذي وإشرافي للقضاء، وفرض قانون الإنتخابات السابق مع تعديلات طفيفة غير جوهرية، والأجندات الإقليمية والدولية.
7- في ظل التدخل الإيراني في الشئون العراقية وسيطرتها على المفاصل السياسية للعراق ما مدى تأثير الاضطرابات الحالية في إيران على السياسة الإيرانية ؟ وهل ستحدّ تلك الأحداث من تدخل إيران في دول الحوار ؟
· أعتقد أنّ خطاب المبالغة في الدور الإيراني في العراق قد إستفادت منه إيران لوحدها في تصويرها على أنّها قوة إقليمية قادرة على التدخل أينما تشاء في العراق وغيره، وهي دائما تشجع هذا المنحى في خطاب الغرائز وتدفع الملايين لكثير من الأصوات ووسائل الإعلام التي تهاجمها على الهواء فقط، فيما تجري الوقائع الحقيقية على الأرض وتحت الطاولات وخلف الستائر لمصالحها ووفق توجيهها.. لذلك فإن إنتفاضة الشعوب في إيران ضد النظام التي نزعت ما تبقى من هيبة لرجال الدين والدنيا في إيران وأسقطت النظام سياسيا، قد كشفت زيف خطاب المبالغة في الدور الإيراني في العراق وغيره، وأعادت حسابات حتى الأطراف العربية المتورطة مع إيران في البحث عن منصات تراجع وخيارات أخرى تجنبها أثمان وآثار مفاجآت وتطورات الأحداث، فالحياة في تطور مستمر ولا توجد أنظمة دائمة أو أشخاص مخلّدين. وكذلك الأمر بالنسبة للنظام الإيراني الذي بدأ يعيد الكثير من حساباته، وإن كان لا يزال يكابر ويتوعد ويهدد عبر فضائياته وشخوصه الناطقة لفظا باللغة العربية، فيما هو يحاول التفاوض تحت الطالة على كثير من الملفات في سورية والعراق ولبنان واليمن والملف النووي مقابل البقاء في الحياة.
8- وما هي أبعاد التدخل التركي في المنطقة بصفة عامة وسوريا بصفة خاصة ؟
· الواقع أنّ نظام أردوغان لا يختلف عن النظام في طهران لا بالدرجة ولا بالنوع، فكلاهما ينطلق من أرضية وأهداف شعوبية معادية للعرب والعروبة، ويتبنان نظاما للفصل العنصري والطائفي، ومشروعين لإعادة بعث إمبراطوريتيهما من مقابر التاريخ. لذلك كان أردوغان وما زال شريكا أساسيا، حاله حال النظام الإيراني، في كل مشروع أو مخطط يستهدف العرب والعروبة، ولذلك أوغل بدماء العرب في العراق وليبيا وسورية ومصر واليمن وفلسطين. وقد جنّ جنونه وهو يرى أوهامه تتداعى هباء منثورا بالضربة القاضية التي وجهها الشعب العربي المصري العظيم بثورة 30 يونيو المجيدة بمؤازرة الجيش العربي المصري الباسل بقيادة القائد العربي الشجاع الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقد كان عدوانه على سورية بالتعاون مع أمريكا والكيان الصهيوني، بإدخال مئات الألوف من الإرهابيين والمرتزقة، خصوصا إرهابيي القاعدة وداعش ومجاميع أوهامه الحرّة، هو محاولة يائسة لتحقيق أطماعه وأوهامه متصورا أن الشعب والجيش العربيين في سورية لقمة سائغة سرعان ما يتناولها عبر تغيير الحكومة وتقسيم سورية وإحتلال أراض عربية أخرى يضيفها الى الأراضي العربية المحتلة سابقا مثل الإسكندرون ومرسين ومرعش وأورفه وغيرها من الأراضي العربية المحتلة تركيا، لكن أوهامة تداعت بصمود الشعب العربي السوري وجيشه الباسل. وهو يحاول الآن، يأسا ونكوصا وهستريا، عبر عدوانه على الأراضي العربية السورية في عفرين أن يعوض فشله وخيبته متصورا أنّه يمكن إعادة التاريخ إلى الوراء.
9- في ظل تصاعد ظاهرة الإرهاب ما هي رؤيتك لأسباب تنامي تلك الظاهرة ومن يقف ورائها وكيفية مواجهتها ؟
· أعتقد أنّ الإرهاب هو ظاهرة عالمية عميقة الجذور في بنية المجتمع الدولي بسبب غياب العدالة والقانون وتعميم الهيمنة السياسية والإجتماعية، الذي شهد هذا المجتمع الكثير من هذه الظواهر في أمريكا والغرب عموما. وفي الإطار العربي والإسلامي فله أسبابه النفسية والبيولوجية والإجتماعية والإقتصادية والسياسية التي تتعلق بالظروف العامة التي شهدتها المنطقة في ظلّ الإحتلال الأجنبي(العثماني والغربي خصوصا) والتخلف والجهل والتفسير الخاطئ لصحيح الدين والعلاقة مع الآخر في الداخل والخارج والتجزئة والفوارق السياسية والمجتمعية والمطالب الفردية والجماعية المشروعة. وهي أرضية مهدت لبروز فتاوى وحاكميات التكفير والطائفية والشعوبية والإجرامية وإضفاء القدسية المزعومة على الأشخاص وآرائهم، وغير ذلك الكثير، وبالتالي توظيف الدين الحنيف ضد طبيعته وروحه في ممارسة الإرهاب والتوحش لمجرمين بطبيعتهم أو نتاج بيئاتهم، هذا من ناحية.. ومن ناحية أخرى فإن أمريكا والغرب التي سبق لها أن إحتلت الوطن العربي أو تهيمن على بعض أجزائه الآن قد درست البيئة العربية والإسلامية عموما، ووظفت الكثير من هذه التيارات قديما وحديثا لخدمة مخططاتها التي تتعلق بالهيمنة ومنع أي محاولات للنهضة والتقدم تهدد مصالحها الإستراتيجية، خصوصا ما تعلق بالإقتصاد وأمن الكيان الصهيوني ومركزيتها السياسية والإقتصادية والحضارية، عبر نشر الفوضى والإنقسام والتجزئة. وليس هناك أفضل من وسيلة الإرهاب والتوحش، الذي يضرب الجميع في الداخل والخارج، لإدامة الفوضى وتحقيق تلك الأهداف. لذلك سرعان ما تلقفت أمريكا والغرب هؤلاء الإرهابيين لتشكيلهم ودعمهم ودفعهم لإحتلال الأراضي العربية في ليبيا وسورية والعراق واليمن وفلسطين ومحاولات إختراق تونس والجزائر ومصر وغيرها من الساحات العربية. فقد أسست أمريكا إرهابيي القاعدة ودعمتهم أوربا الغربية، ولم يعد خافيا بأن أمريكا هي من أسست إرهابيي داعش ( وبلسان الرئيس الأمريكي ترامب) بالتعاون مع أردوغان وقطر والكيان الصهيوني، ودفعتهم لإحتلال الأراضي العربية في سورية والعراق والدول العربية والإسلامية الأخرى. وأدلتنا في العراق من الواقع، فمعارك تحرير الأنبار وصلاح الدين ونينوى شهدت على مرأى الجميع الطائرات الأمريكية تنقل قيادات داعش االرئسيين من مكان المعركة إلى أماكن أخرى داخل العراق وسورية أو إلى تركيا، كما تقوم نفس الطائرات بإلقاء السلاح والعتاد والأغذية عبر المظلات إلى إرهابيي داعش. ما يؤكد أن الإرهاب هو نتاج تزاوج التيارات المتأسلمة وأمريكا والغرب لأهداف مشتركة، ولا يقدح من هذا الرأي العمليات الإرهابية المقنّنة التي تجري في أمريكا وبعض الدول الغربية بين حين وآخر، فيعضها رسائل متبادلة بين أطراف الإرهاب وداعميه، أو هي عمليات فردية من بعض المخدوعين أو المجرمين غير المسيطر عليهم. فيما الكيان الصهيوني ينعم بالأمن والأمن من جهة داعش والقاعدة والأخويات المتأسلمة وتوابعهما من الإرهابيين.
10- في النهاية كيف ترى مستقبل العلاقات العراقية العربية بصفة عامة والعلاقات العراقية المصرية بصفة خاصة ؟ وهل ترى أن الأمر يتطلب تعزيز تلك العلاقات للحد من التدخلات الخارجية بصفة عامة والإيرانية بصفة خاصة في هذا البلد الشقيق ؟
· دعنا نؤكد حقيقية في العلاقات الدولية أنّه في حال إحتلال دولة وإنهيار مؤسساتها خصوصا الأمنية كما حصل للعراق، من الطبيعي أن تحاول الدول المجاورة أن تستغل الموقف للتدخل بكل الوسائل، إمّا لتجنب أيّة آثار وإنعاكسات قد تطالها نتيجة هذا الإنهيار على حدودها الدولية، أو أنّها تجد في ذلك فرصة لتحقيق مصالحها ومطامعها. وهذا ما حدث بالنسبة لإيران وتركيا وغيرهما من الدول، حيث وجدتا في هذا الإنهيار فرصة للتدخل في العراق وتحقيق مصالحهما ومطامعهما المخفية والمعلنة، وعبر كلّ الوسائل السياسية والإقتصادية والإنسانية والميدانية، بما فيها دعم الجماعات الإرهابية والترويج للإستقطاب الطائفي المقيت، والعمل بكل الوسائل من أجل تعطيل أيّ محاولات لإعادة البنية الزراعية والصناعية خصوصا بما يؤمن حاجات المواطن العراقي، بحيث وصل الحال بالسوق العراقية إلى حدّ أنّه من النادر أن تجد بضاعة صناعية أو غذائية بما فيه حتى البصل إلاّ ومصدرها إمّا تركيا أو إيران.. أمام هذا الواقع المؤلم فإنّ أغلب الدول العربية إن لم يكن جميعها إنسحبت من الساحة العراقية( بإستثناء مصر وسورية إلى حدّ ما) تحت تأثير بعض الأطراف الطائفية من طرفي المشهد الطائفي التي كان لها مصلحة في إبعاد العرب عن العراق وإبعاد العراق عن أمته العربية، وتركتها نهبا لإيران وتركيا وأمريكا والكيان الصهيوني. وتعاملت مع المواطنين العراقيين وفق تقسيمات طائفية وهمية لا تمت بأيّة صلة للعروبة والإسلام، دون إدراك أن العرب في العراق (جمجمة العرب) يشكلون ما تصل نسبتهم إلى 87% وجميع عشائرهم بلا إستثناء جذورها من الجزيرة العربية، لتسلمهم بذلك إمّا لإيران أو تركيا. الأمر الذي قاد إلى المرارة والغصة من جهة وخلل موازين القوى لصالح الأجندات الإقليمية والدولية من جهة أخرى.. لكن بعد كلّ هذه التجربة المريرة وبتأثير تطورات الأحداث وإنكشاف الحقائق والدوافع والنوايا وصلابة الهوية العربية وعروبة حقائقها التاريخية والجغرافية في العراق أمام كلّ محاولات التفكيك والإلغاء، وإستعادة العراق لعافيته في كثير من الجوانب وإنتصاره على إرهابيي داعش وداعميه. بدأت أغلب الدول العربية تدرك عدم دقة موقفها وآثاره السلبية ليس على العراق وحده ولكن عليها هي أيضا، خصوصا وأن العراق يمثّل الجناح الشرقي للأمة العربية وحائط الصد الرئيسي لأية مطامع تأتيها من الشمال والشرق، فبدأت العلاقات تعود تدريجيا إلى سابق عهدها، ونأمل أن تتوطد أكثر مع مصر خصوصا التي تشكل قلب الأمة العربية، في كلّ المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية، لاسيما وأنّ مصر تشكل فضائا هائلا للإنتاج والإستثمار والتعليم والثقافة والفنون. لذلك ندعو الدول العربية إلى تعظيم علاقاتها وأواصرها بالعراق في كلّ المجالات، من أجل إعادة الثقة وتفعيل الروابط العربية المشتركة وبما يؤمن كبح جماح التدخلات الخارجية التي إشتغلت طويلا على إبعاد العراق عن أمته العربية وإبعاد العرب عن العراق.. ونأمل أن لا نرتفع بسقف الأماني عبر المطالبة بفتح الحدود العربية أمام المواطنين العرب بالهوية العادية دون جواز السفر.