حتى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، كان الساحل الشمالي المصري، الذي تشغل منطقة العلمين حوالي 25% منه، عبارة عن طرق وعرة تغطيها الكثبان الرملية المزروعة بالألغام، إبان الحرب العالمية الثانية، خلال المعركة الفاصلة التي تسمى “العلمين” بين قوات الحلفاء ودول المحور.
اليوم تقف مدينة العلمين الجديدة، التي دشنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، راغبًا أن تكون “دبي” البحر المتوسط، لتكون مدينة استثمارية اقتصادية ترفيهية سكانية بالدرجة الأولى، تجمع مؤسسات المال والأعمال على البحر المتوسط، الذي يفتقد إطار المدينة الاقتصادية الاستثمارية، على الرغم من أنه مهد للحضارات في العالم، فلن تكون هذه المدينة منتجعًا سياحيًا صيفيًا، تستغل لمدة 3 أشهر في السنة، بل صممت لتكون مدينة للحركة والجذب البشري والتفاعل المالي.
قبل حقبة التسعينيات، كانت الجماجم والهياكل العظمية المتبقية ممن قتلوا في الحرب العالمية الثانية على قارعة الطريق، يشاهدها من يكتب له الحظ العثر المرور على هذا الساحل، وكانت “العلمين” ساقطة من حسابات أي رئيس حكم مصر، على الرغم من أنها طريق حريري لدول شمال أفريقيا، ولكن مشاكل هذه المنطقة التي كانت طريقًا للأموات، وكانت ومازالت منها مساحات تحمل ألغام المارشال “مونتجمري”، التي زرعها للألمان منذ أكثر من 75 سنة، حيث يقدر بحسب التقارير الدولية أن عدد الألغام والأجسام في صحراء العلمين 25 مليونًا، وقد تم تطهير المناطق التي بنيت عليها المدينة الجديدة ومحيطها من الألغام على مدار 20 سنة ماضية، بمجهودات من القوات المسلحة المصرية، ودعم جزئي من جانب مؤسسات دولية مانحة كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
“العلمين الجديدة”، هي أول نموذج على البحر المتوسط وشمال أفريقيا لمدن الجيل الرابع، لتكون منطقة مليونية، مقامة على مساحة 50 ألف فدان، تكون المرحلة الأولى على 20% من هذه المساحة لتستوعب 3 ملايين شخص، وأُنجزت الآن مع التدشين، المرحلة الأولى على ألفي فدان، وبإجمالي مساحات لفنادق تبلغ 300 فدان، بطاقة استيعابية 16 ألف غرفة فندقية، فضلًا عن كورنيش تم الانتهاء منه بالفعل، يبلغ طوله 14 كم، وهو نفس طول كورنيش مدينة الإسكندرية.
في الخمسينيات والستينيات، كانت العلمين منطقة خصبة لعمليات تهريب المخدرات ومحورًا مهمًا لها، ليس في مصر فقط، بل على المستوى الإقليمي لهذه التجارة المحرمة، فكانت حركة صفقات تهريب المخدرات من المغرب والجزائر ومصر وليبيا والسودان ولبنان وسوريا، وصولًا إلى تركيا، وكانت الدولة تعلم ذلك تمامًا، ولكنها تغض النظر، لأنها منطقة غير موضوعة على الخريطة.
خطة المدينة الجديدة، التي تحتوي على مقابر شاهدة على الحرب للألمان والطليان واليونانيين، أن تستوعب 30 مليون شخص، خلال الـ 40 سنة المقبلة، في استهداف لتكون مشروعًا مستقبليًا للعاصمة الثانية، التي هي الآن الإسكندرية، وذلك في إطار خلخلة المدن التاريخية المصرية، على غرار بناء عاصمة إدارية تكون بديلة للقاهرة، التي تنفجر بأكثر من 30 مليون شخص بين سكان ومتنقلين وزائرين.