أبدت مصر في الآونة الأخيرة اهتمامًا متزايدًا بالبحث والتنقيب عن النفط والغاز في البحر الأحمر، في أعقاب اكتشافات تاريخية حققتها في البحر المتوسط أخيرًا.
وتعقد مصر آمالاً على اكتشافات موازية في المنطقة التي تعتبر “بكرًا” بعدما انتهت من ترسيم الحدود مع المملكة العربية السعودية، وشرعت في دعوة الشركات الأجنبية لإجراء اختبارات وتجارب للبحث عن كنوز بترولية في المنطقة.
ووقعت مصر والسعودية اتفاقية ترسيم للحدود البحرية بين البلدين في نيسان/ أبريل من عام 2016، التي صادق عليها مجلس النواب المصري في حزيران/ يونيو لعام 2017.
ويرى خبراء ومراقبون أن البحر الأحمر منطقة واعدة بالثروات البترولية من النفط والغاز الطبيعي، والتي ظهرت بوادرها بعد الانتهاء من ترسيم الحدود البحرية، وأعطت الاتفاقية الضوء الأخضر للبحث والتنقيب وطرح المناقصات؛ ما يؤمن مستقبل مصر فى الطاقة خصوصًا بعد إعلان وزير البترول المصري رغبة بلاده في توقيع مذكرة تفاهم مع السعودية للتعاون في مجالات البترول والتعدين وأنشطة الاستكشاف قريبًا.
محورية مصر للطاقة
وقال أستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعة الأمريكية في مصر، عضو الجمعية المصرية للبترول الدكتور جمال القليوبي، إن مصر والسعودية “لديهما مناطق استكشافية هي في حقيقتها اكتشافات اقتصادية تجارية؛ ما يتسق مع ما يتم الاتفاق عليه من عقود شراكة مصرية سعودية للتنقيب في المياه الإقليمية بالبحر الأحمر”.
وأضاف أن مصر “كانت لديها الأسبقية في عملية البحث والتنقيب بالبحر الأحمر قبل السعودية، وذلك من خلال دخول الشريك الإيطالي المتمثل بشركة إيني، عبر حفر إحدى الآبار أمام منطقة بني ياس عام 2006، وهي المسافة الواقعة بين رأس علم وحلايب على عمق مياه يصل لـ 850 مترًا”.
دراسات استكشافية
وأكد القليوبي أن “هناك دراسات استكشافية تفيد بتواجد مواد هيدروكربونية صخرية محملة بالزيوت الخام في هذه المنطقة”، لكنه أرجع تأخر البحث والتنقيب في هذه المنطقة، إلى “عدم توافر نقاط التسهيلات، ولبعد المسافة عن نقطة منطقة رأس شقير ومنطقة خليج السويس التي تتجمع فيها أكبر خطوط الإنتاج من حقول خليج السويس”.
وأضاف أن “هناك سببًا آخر لتأخر التنقيب في هذه المنطقة وهو تضاريسها الصعبة، فضلاً عن عدم القدرة آنذاك على الدخول فى مناطق قريبة من الخط الملاحي الدولي، بسبب عدم قوة الملاحظة والردع والتأمين والذي تمر من خلاله نسبة كبيرة من حاويات البترول بما يقدر بحوالي 38% من حجم حركة تجارة البترول عالمياً والتي تمر في الخط الملاحي للبحر الأحمر مروراً بقناة السويس ثم للبحر المتوسط”.
ولفت القليوبي إلى أنه “بعد ترسيم مصر الحدود البحرية مع السعودية من خط 22 جنوبًا إلى 34 شمالًا بمساحة مصرية مفتوحة تصل لأكثر من 55 ألف كيلو متر مربع، أتاحت عملية البحث والتنقيب والتوسع بعدما كان يسري العمل بنقطة نهاية منطقة شرم الشيخ وحتى رأس شقير”.
وأكد القليوبي أن “الشركة الصينية التي يتم استخدامها لعمليات المسح السيزمي الديموغرافي في منطقة البحر الأحمر، أوشكت على الانتهاء من عمليات المسح بنسبة 85% في هذه المنطقة والمتبقي منها سيتم الانتهاء منه خلال الشهرين المقبلينن إذ سيتوافر لدى مصر دراسة متكاملة عن قطعة الامتيازات المحددة لمصر للتنقيب شمال الصحراء الغربية إلى منطقة سلاسل البحر الأحمر ممتدة حتى حلاليب وشلاتين”.
وتابع أنه “بمجرد الانتهاء من عمليات المسح السيزمي في حزيران/ يونيو المقبل، سيتم طرح هذه المناطق للمناقصات وتقسيمها إلى بلوكات والتي تطرحها الحكومة من خلال المظاريف المغلقة”.
واقترح القليوبي أن “يتم تقسيم جزء من هذه المناطق، البالغ عددها نحو 18 بلوكاً بعد الانتهاء منها بدعوة الشركات الأجنبية ذات الثقة كالشركات المتاحة والتي تمت الاستعانة بها فى حقل ظهر وشمال الإسكندرية غرب الدلتا وأبوقير، على أن يُطرح جزء منها من خلال التسويق بأحد البنوك الاستثمارية العالمية وتسويقها على مستوى الشركات العالمية، وجزء يتم طرحه على الجانب الروسي بدعوة الشركات الروسية مثل: لوك أويل، وجازبروم وروس نفط لعمليات البحث والتنقيب، والشريك الفرنسي توتال الفرنسية، ونوفاتيك الروسية”.
منطقة واعدة
وفي هذا الإطار، قال وزير البترول الأسبق المهندس أسامة كمال، إن “اتفاقيات التنقيب عن البترول بين مصر والسعودية دعمتها ترسيم الحدود البحرية بين البلدين وهي اتفاقيات إطارية تتعلق بالمشاركة والتقسيم وتأمين الآبار مثلما حدث مع حقل ظهر بعد ترسيم الحدود مع قبرص”.
وأضاف أن “منطقة البحر الأحمر واعدة بالاكتشافات البترولية”، متوقعًا أن “تكون هناك فرص للاكتشافات البترولية أكبر من البحر المتوسط؛ ما يعزز فرص مصر في تحولها لمركز إقليمي لبيع وتداول الطاقة عالمياً”.
وأعلنت مصر أخيرًا عن اكتشافات غاز جديدة واتفاقات بالبحر المتوسط، كان آخرها الحقول الجديدة بغرب الدلتا شمال الإسكندرية.
وأعلنت شركة “إيني” عن اكتشاف حقل “ظهر” بمنطقة امتياز شروق بالبحر المتوسط والذي يغطي نحو 100 كيلو من مساحة الامتياز.