أصبحت هذه الأيام قضية القاضي الهارب سعيد مرتضوي قضية ساخنة حيث يكاد أن يكون جميع وسائل الإعلام الحكومية وغير الحكومية للنظام الإيراني تتناولها وتتطرق إليها من منطلق مصالحها ووجهات نظرها.
والقضية هي أن قضاء الملالي حكمت على هذا القاضي المجرم والفاسد الذي ارتكب بضع حالات للقتل والاختلاس بقدر الملايين من الدولارات بالحبس التعزيري لعامين لاتهامات عديدة وذلك خلال محكمة صورية خوفا من سخط وغضب المشتكين والمتقاضين.
إني بصفتي محاميا وطبقا لتجاربي ومعرفتي لأداء السلطة القضائية للملالي كتبت آنذاك أنه «لن يعاقب في نظام ولاية الفقيه الفاسدين والمجرمين الحكوميين.لأن جميع الكبار والمديرين للبلاد هم من مجموعة واحدة بل هم آمرو المجرمين».
وأخيرا قال محسني إيجهئي المتحدث باسم السلطة القضائية للملالي إن أمر جلب سعيد مرتضوي لتنفيذ حكم الحبس صدر ولكن للأسف لم يتمكن مأمورو الحكومة من العثور عليه!!
وعقب هذا الموقف الذي استأثر بسخرية من قبل وسائل الإعلام الحكومية، كتب حسامالدين آشنا مستشار الملا حسن روحاني في صفحته الشخصية في تلغرام يقول: «لنكون حذرين حتى لا يصبح مرتضوي، خاوري، ولا يهرب ولا يجعلونه يهرب. وهو مسبب الكثير من الأسرار المكتومة. وسوف يختفي تأريخ القضاء الإيراني لأكثر من عقد في حالة عدم وجوده».
(كان خاوري المدير العام الأسبق للمصرف الوطني الإيراني والدي اختلس أكثر من 700 مليون دولار نقدا من المصرف وأرسلها إلى خارج إيران وهو الآن يقيم في كندا).
وقال محامي سعيد مرتضوي في حوار مع وكالة أنباء تسنيم التابعة للنظام: ليس لديّ خبر عنه منذ 5 إلى 6 أشهر حتى لم يكن اتصال هاتفي بيننا.
وبدوره قال مصطفى همداني محامي قضية مصلحة التأمين الاجتماعي: ليس لدى رجال حماية الـ9 لمرتضوي خبر عنه. وأضاف قائلا: لدى مرتضوي 9 رجال حماية يحمونه كل 3منهم في كل دوام.
ولكن الغريب هو أن حراس مرتضوي ليس لديهم خبر عنه ولا يطلعون على مكانه؟ وبالنتيجة يطرح سؤال نفسه كيف لا يطلعون على مكانه وهم كانوا يحمونه؟
كما أكدت زوجة سعيد مرتضوي وهي طبيبة تشتغل في عيادتها بطهران خلال اتصال هاتفي على أن سعيد في طهران ولكنه ليس في البيت!!
وكان سعيد مرتضوي لبضع سنوات المدعي العام في طهران وقاضي محكمة الجرائم الصحفية وقاضي المجلس الأعلى للقضاء ومجلس العدالة الإدارية ونائب المدعي العام في السلطة القضائية للملالي. وعندما تم رفض أهليته للفساد، عينه رئيس الجمهورية في حينه محمود أحمدينجاد رئيسا لهيئة الضمان الاجتماعي حيث شغل المنصب خلال عامين مختلسا ملايين الدولارات من حقوق العمال وحقوقهم في التأمين والتقاعد.
ومن القضايا القاسية والإجرامية الخاصة لسعيد مرتضوي هو إيقاف عمل المئات من الجرائد والصحف وخلق أجواء الاحتقان والرقابة على الصحف فضلا عن تعذيب المعتقلين المحتجين خلال الانتفاضة السلمية لأهالي طهران في عام 2009. ويترادف معتقل كهريزك للتعذيب مع اسم سعيد مرتضوي.
والجدير بالذكر أن سعيد مرتضوي وفي قضية شكاوى ضحايا انتفاضة عام 2009 في طهران، ارتكب حالات للقتل بحق المعتقلين في سجن كهريزك المرعب وبهذا الاتهام تمت محاكمته في محكمة صورية وحكم عليه بالحبس للمشاركة في القتل.
وإضافة إلى ذلك، حمل الملا علي يونسي مساعد الملا روحاني في شؤون الأقليات وزير المخابرات الأسبق في النظام في عهد رئاسة هاشمي رفسنجاني قبل عام، سعيد مرتضوي مسؤولية قتل السيدة زهراء كاظمي الصحفية الإيرانية الكندية في سجن إيفين. وكانت السيدة زهراء كاظمي قد زارت إيران صيف عام 2003 وبينما كانت تقابل أفراد عوائل السجناء السياسيين أمام سجن إيفين سيء الصيت انهال حراس السجن عليها بالضرب والشتم واقتادوها إلى السجن حيث قضت نحبها تحت تعذيبات سعيد مرتضوي.
هذه هي حقيقة نظام ولاية الفقيه الحاكم في إيران والفاسد من قمة الرأس حتى أخمص القدم. وطالما يبقى هذا النظام في السلطة لن يعاقب أي فاسد حكومي. لأن كل كبار النظام بدءا من خامنئي نفسه حتى باقي العناصر لهذا النظام فاسدون ومجرمون. لأن الکلب لا یعض أذن اخیه في هذا النظام الفاسد. وتسود العدالة عندما يسقط هذا النظام على أيدي الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية وتستقر العدالة والمساوة من قبل قضاء شعبي ووطني يستند إلى أجندة المقاومة الإيرانية وورقة عمل السيدة مريم رجوي بواقع عشرة بنود.