بدأ الزوار اليهود، اليوم السبت، في التوافد على معبد الغريبة بجربة، (550 كيلومترًا) جنوب تونس؛ لأداء موسم الحج الذي يستمر لغاية يوم 6 من شهر مايو/أيار المقبل، وسط توقعات بتضاعف عدد الزوار، وفي ظلّ إجراءات أمنية مشددة.
وقال رئيس الجالية اليهودية في تونس، بيريز الطرابلسي، في تصريحات صحفية، إنه يتوقّع ارتفاع عدد الزوار هذا العام إلى 5 – 6 آلاف زائر، مقابل 3 آلاف زائر خلال السنة الماضية.
إجراءات أمنية استثنائية
ويصاحب حج هذا العام استعدادات أمنية مشددة؛ تحسبًا لأي عملية “إرهابية”، وفق ما أكّدته مصادر أمنية تونسية لموقع “إرم نيوز”.
ودأبت السلطات التونسية على اتخاذ إجراءات أمنية استثنائية خلال موسم الاحتفالات اليهودية السنوية؛ نظرًا للظروف الأمنية والسياسية التي تعيشها البلاد بعد الثورة 14 من شهر كانون الثاني/يناير لعام 2011.
وكان الكنيس اليهودي تعرّض يوم 11 من شهر أبريل/نيسان لعام 2002 لهجوم بواسطة سيارة بها صهريج معبأ بغاز الطهي، وخلفت العملية التي تبناها تنظيم القاعدة 21 قتيلًا، منهم 14 سائحًا ألمانيًا وفرنسيان اثنان و5 تونسيين”.
وأثّرت تلك العملية على أعداد الزوار والسياح الذين يتوافدون سنويًا من إسرائيل وأوروبا ومناطق أخرى من العالم إلى جربة؛ للمشاركة في الاحتفالات.
ويشكل اليهود في تونس أكبر الجاليات اليهودية بالمنطقة العربية، ولكن أعدادهم تناقصت بشكل كبير خلال العقود الأخيرة.
فبينما كانوا حوالي 100 ألف نسمة عند استقلال البلاد عام 1956، تضاءل العدد اليوم إلى أقل من 2000 نسمة يقيمون في جربة وتونس العاصمة وبعض المدن الأخرى.
معبد الغريبة
ويوجد بجزيرة جربة “معبد الغريبة”، الكنيس اليهودي الأكبر والأقدم في أفريقيا الذي يعود تاريخه إلى قرابة 2600 سنة، ويقع في منطقة الحارة الصغيرة التي تبعد قرابة 5 كيلومترات عن مركز الجزيرة، بالإضافة إلى 11 كنيسًا موجودة في منطقة الحارة الكبيرة.
ويحج اليهود إلى كنيس الغريبة بجربة، منذ حوالي 200 سنة، وتؤكد الدراسات أن الجالية اليهودية المتواجدة بجزيرة جربة التونسية تنحدر من المجموعة اليهودية الأولى القادمة من القدس.
ويعد المعبد اليهودي أقدم معبد توحيدي في الحوض الغربي للمتوسط، كما يحتوي على أقدم نسخة توراة في العالم.
طقوس الحج
وتقضي طقوس الحج بإقامة ليلة “براخا الريبي ميار”، و”براخا للريبي سمعون”، أو الليلة الكبيرة كما يسمونها، والبراخا، هي احتفال لروح الربيين “الحاخامات” الذين يتمتعون بشأن عظيم يحظى به المؤمنون من اليهود.
و”البراخا”، هي زبيب ومكسرات وبوخا “مشروب روحي، تؤكل وتشرب بعد أن يقرأ عليها الربيون لتشفيهم من أمراضهم.
وبعد الحصول على البركة من الربيين الذين يجلسون في بهو المعبد، وهم يعتمرون الشاشية التونسية الحمراء، يرددون فقرات من التوراة، يكتب الحاج اسمه أو أسماء أبنائه أو من أوصاه على البيض المطبوخ، ويضع البيض في المغارة ومعه أمنياته، وعليه العودة في اليوم الموالي لاستلام بيضه وأكله حتى تتحقق كل الأمنيات التي في قلبه.
الخرجة الكبيرة
وتنتهي تلك الطقوس عادة بما تسمى “الخرجة الكبيرة”، وهي عبارة عن جولة يقوم الزوار خلالها بدفع “المنارة” إلى الساحة الأمامية للمعبد.
والمنارة مصباح نحاسي كبير، يتم تزيينه بأقمشة متنوعة الألوان بالإضافة إلى قطع 8 من الحلي، ويعتقد اليهود أن تاريخها يعود إلى نحو 100 عام.