لم يعد مبررا انتظار ما لا ينتظر من النظام الايراني ردا على الصفعة او بالاحرى الكارثة التي الحقتها عاصفة الحزم بالمشروع الامبراطوري الايراني ،فليس ثمة غير الهيستيريا والتخبط والاذعان لانقلاب المعادلة في المنطقة العربية على احلام الملالي بامبراطوريتهم او خلافتهم التي تمتد لتشمل عامة الدول العربية وبعض مناطق افريقيا وبخاصة نيجيريا التي تمكن الملالي من تشييع خمسة ملايين نيجيري فيها ،باتوا اثر انهياراسعار النفط ، وهبوب عاصفة الحزم وبداية نهاية الحلم الامبراطوري الايراني وانكشاف الهوان والضعف المحيق بولاية الفقيه يهددون بالارتداد الى دياناتهم ومذاهبهم الاولى ،الامر الذي يعني القاء مليارات من التومانات في البحر ودفنها في صحارى وغابات افريقيا ،بمعنى ان الاستثمار الايراني التبشيري صار يشبه عمارات القاهرة التي يبنيها المقاولون الفاسدون، حيث يجري تسليمها اليوم لتنهار غدا ،اذ لا اسس حقيقية وواقعية ولا مصداقية لعمليات التشيع التي تنفذها ايران هناك وتهدر فيها مقدرات الشعوب الايرانية على امل بناء الجدار الامبراطوري والخلافة الايرانية ،سوى الوهم الذي لا مردود من ورائه الا الخيبة ، ومن هنا نعرف سر الهستيريا التي امسكت بتلابيب خامنئي وتصريحاته ضد السعودية ،والتي اراد منها استعادة بعض الاحساس بالقوة وشحن المعنوات المنهارة داخليا ،ولم يكن من رد سوى هذا فكما قلنا لم يعد هناك من مبرر لانتظار ما لا ينتظر من النظام الايراني غير الهستيريا والصراخ ولن يعقب ذلك غير الاذعان لمجريات واقع الحال وبتلاع – الموس – في مسرحية ادعاء الانتصار ما دام النظام باقيا في ايران كابوسا على صدر الشعب الايراني ،لكن هذه التصريحات العدوانية الهستيرية لم تجد من يهتم لها خارج ايران وفي داخلها اثارت ردود فعل مريرة ابسطها ذلك التراشق الناري بن اجنحو او اقطاب النظام المتصارعة ويقولتقرير من الداخل الايراني نشره موقع منظمة مجاهدي خلق انه وعقب تصريحات الخامنئي في 9نيسان/إبريل نشهد اليوم، استعداءا إعلاميا أكثر من أي وقت مضى يتمحور حول الأزمة اليمنية لجأ إليه النظام الإيراني للهجوم على السعودية. ولايصعب علينا أن ندرك حجج إثارة هذه الزوبعة في فنجان من قبل الولي الفقيه عداوة للسعودية. وكان الخامنئي قد رأى في حلمه بأنه لو استولى على اليمن لفتح أمامه أبواب إمبراطورية إقليمية تمكنه من أن يضع النقاط على كل الحروف في هذه المنطقة من العالم وهذا ما أشارت إليه مرارا وتكرارا عناصر النظام الإيراني ووسائل الإعلام التابعة له دون أي مواظبة على دماثة الأخلاق وأدب المعاملة بينما أشبعوا الكلام في أهمية «باب المندب» أي معبر دولي جيو سياسي واستراتيجي يكتسي أهمية بالغة. لكنه يبدو أن غارات التحالف الإقليمي قد جعلت رهان النظام على اليمن منذ السنة المنصرمة، في مهب الرياح فيما أن «عاصفة الحزم» أقضت مضاجع قادة نظام ولاية الفقيه الذين يحلمون بتشييد قصور ذهبية راقية في المنطقة!
ومما لاريب فيه هو أن كل حرب دعاية تأتي في مقدمة حرب عسكرية لذا فإن السؤال الذي يطرح على بساط البحث هو هل يعد تنشيط المدافع الإعلامية للنظام الإيراني، مقدمة للخوض في حرب عسكرية؟ خاصة في الوقت الذي قال فيه الولي الفقيه قطعيا: «سوف تمرغ أنوف السعوديين في الوحل والتراب!» واستكمالا لما تفوه به الخامنئي، وصفت صحيفة كيهان التابعة للولي الفقيه خلال افتتاحيتها الصادرة في 12نيسان/إبريل، تصريحات الخامنئي بــ «شيء أبعد مما تعوده الدبلوماسيون أحيانا».
وكافة التحاليل التي تحظى بلغة المنطق فضلا على موازين القوى الموجودة وطوق أزمات يضيق الخناق على النظام، كل ذلك يدل على أن حرب الدعاية هذه والتلاسن والتشاحن تأتي بهدف التستر على مأزق مستعص يعاني منه النظام الإيراني الذي لم يعد ينعم بفاعلية منشودة. و أثارت صحيفة كيهان التابعة للخامنئي زوبعة في فنجان، و أذعنت بولادة «جبهة عربية إسلامية من أهل السنة تجمع بين الدول العظمى نسبيا كتركيا وباكستان ومصر والسودان» معترفة بأن النظام الإيراني يواجه «تحديا جادا» يقتاده إلى العزلة والتفرد. وقد أظهرت هذه التصريحات بوضوح الشمس أن موازنة القوى الموجودة تعود تداعياتها بالضرر للنظام الإيراني سياسيا وعسكريا بحيث أنه كلما خاض في هذه الأصعدة فإنه لن يجني نصيباً سوى الهزيمة والفشل والعزلة المضاعفة.
ومن هذا المنظور، يتمعن بعض المحللين والمراقبين لشؤون المنطقة في تصريحات الخامنئي وحرب الدعاية هذه والمشادة الكلامية الدائرة واصفين إياهما بــ«حرب باردة» لاسيما في الوقت الذي تقف الجارتان الكبيرتان لإيران أي تركيا وباكستان مع السعودية جنبا إلى جنب. و جعلت زيارة أردوغان لطهران ورسالته التحذيرية، قادة النظام الإيراني حذرين من عدم تجاوزهم حدود السجال هذا وتلك الحرب الباردة.
لكن في المقابل وتكريسا على مواقفهما صرح الرئيسان التركي والباكستاني (اردوغان ونواز شريف) في مكالمة هاتفية تبدو أنها خاطبت الخامنئي والنظام الإيراني، بأن «أي نوع من خرق الأراضي السعودية سوف يلاقي ردود أفعال حازمة من قبل تركيا وباكستان» (وكالة أنباء رويتر- 11نيسان/أبريل)
ولتسليط الضوء على هذه الحقيقة يكفينا أن نلقي نظرة على تجمع نمطي لميليشيات الباسيج والأشرار النظاميين أمام سفارة السعودية في طهران والذي استأثر باهتمام بالغ لدى الصحف التابعة للنظام الإيراني مما يعني أن الملالي قد عرفوا في قرارة نفسهم فحوى الرسالة حق المعرفة.
وطبقا لما نشاهد في مقاطع فيديوئية لهذا التجمع، إن نظام الملالي قد نشر رجال الأمن الداخلي المزودين بمعدات مكافحة الشغب في عدة طوابير لحماية مبنى السفارة خوفا من ارتكاب الأشرار النظاميين أعمال شغب تجعل الملالي في موقع الحرج.
ومن وقت إلى آخر، تنشر أنباء عن إرسال النظام الإيراني الأسلحة إلى الحوثيين. كما أنه ورد في الأيام القليلة الماضية خبرعن إلقاء القبض على ضابطين تابعين لقوات الحرس بدرجتي عقيد ونقيب في مدينة عدن وكانا يقاتلان بجانب الحوثيين. وعلى الرغم من أن خارجية النظام الإيراني نفت هذا الخبر لكن مساعدات النظام الإيراني الواسعة للحوثيين خلال السنوات الأخيرة، لم تفته شاردة ولا واردة. ولم تبق أجواء للشكوك بأن النظام الإيراني سوف يتشبث بكل قشة للحيلولة دون كنس أزلامه في اليمن. إذًا فينبغي أن نرى المحاولات السياسية الدبلوماسية الواسعة للنظام الإيراني منها زيارة «ظريف» لـ «عمان» و«باكستان» في هذا الإطار لكنه من الواضح أن هذه الإجراءات والتدخلات شيء يختلف كل الاختلاف مع الحرب العسكرية، وبغض النظر عن جعجعات فارغة متوارية خلف ستار رقيق فإن عناصر النظام الإيراني يحذرون في وسائل الإعلام بعضهم بعضا من أنه « ألا ترتكبوا أخطاءا وتخوضوا في الحرب والمواجهة العسكرية في اليمن!» وعلى صعيد ذي صلة كتبت صحيفة «ابتكار» في افتتاحيتها في يوم 11نيسان/أبريل قائلة: «ليس من الضروري أن تصرف إيران وقتا وطاقة للتصدي أمام هجمات السعودية».
وتواصلا لهذا النهج التحذيري، أكدت صحيفة «شرق» الحكومية في عددها الصادر في 12نيسان/أبريل قائلة: «هذا من البديهي أن مواجهة الدول وتصعيد الخلافات لم يشكلا جزءا من سياسات الحكومة الإيرانية… فعلينا أن نولي اهتماما بأن السعوديين هم جارنا»…
وعلى سبيل النموذج لمح «أحمد شيرزاد» كونه أحد عناصر زمرة رفسنجاني-روحاني بالأزمة النووية وقال: «في هذه الظروف الراهنة لا يصلح لنا زيادة تخاصم ونزاع جديد للعلاقات الإيرانية السعودية». (صحيفة «آرمان»- 11نيسان/إبريل)
ومن المثير للتأمل والتبصر هو موقف اتخذه رفسنجاني بنبرة تفوح منها رائحة مواقف الخامنئي رغم أنه يحاول دائما ان يعرض نفسه كوسيط يخفف حدة التوتر بين النظام الإيراني والسعودية لكنه وفي الوقت الحالي يحرص بمحاذاة الولي الفقيه على ابداء رد الفعل على السعودية. ولافت للنظر أن اتخاذ هذه المواقف ناجم عن حقيقة أن الفشل الاستراتيجي للنظام الإيراني في اليمن وما يتداعى عنه، تذهب أبعاده أبعد من مصالح هذا الجناح أو ذاك مما جعل رفسنجاني يشم في هذه المرة رائحة أخطار تهدد هيكلة النظام الإيراني كله))
ومرة اخرى نقول على وفق فكرة صموئيل بيكيت في مسرحيته في انتظار غودو الذي ياتي ولا ياتي ،اننا فيالحالة الايراني في انتظار ما لاينتظر من ايران من ردود على عاصفة الصحراء وانقلاب الموازين والمعادلات في المنطقة العربية بما يؤشر اعتاب مرحلة يكنس فيها النظام الايراني وعملاؤه من المطقة العربية ،وهو نفس توقع حلفاء ايران المرعوبين هذه الايام من انكشاف حقية الاسد الورقي لملالي طهران .