أظهرت إحصائية قامت بها مؤسسة راجح لعلاج الامراض الخبيثة بدلتا مصر أنه خلال العشرة أعوام الماضية منذ عام 2004 وحتى عام 2014 ارتفعت الاصابات بمرض سرطان الرئة بمحافظتي الغربية وكفر الشيخ بدلتا مصر من الفين حالة الى 10الاف حالة من أطفال وفتيات ونساء وشباب ورجال يعملون بمهنة جمع زهور الياسمين بكلتا المحافظتين ، وتسبب في وفاة 5 الاف شخص يعملون بالمهنة من بين 40 الف شخص يعملون بها وهى نسبة تقترب من 12% ، وهو ما تسبب في انتشار الرعب لدى الأهالي بسبب ظهور حالات وفاة نتيجة الاصابة بتك الامراض الناتجة عن قيام مزارع الياسمين باستخدام عمالة الاطفال والفتيات خلال ساعات الفجر وهى الفترة التي يتم خلالها قيام العمالة بقطف زهور الياسمين ، وهى الفترة التي أثبتت عدد من الدراسات والابحاث العلمية انتشار عدد من الفيروسات والبكتيريا التي تتجمع حول الزهور في فترات البكور وتنتقل الى الاطفال والنساء والفتيات عبر الاستنشاق والتنفس ويتطور الفيروس الذى يتسبب في اتلاف خلايا الرئة ويتحول الى خلايا سرطانية نشطة بسبب عدم الوقاية وعدم العلاج من المرض الذى أصيبوا منه ونظرا لعدم اهتمام اصحاب المزارع والمصانع بصحة العاملين لديهم وعدم توفير الرعاية الصحية الجيدة وطرق الوقاية من المرض والفقر والحاجة الشديدة للعاملين للعمل تسبب في اهمال صحتهم وانتشار المرض بينهم وتفاقمه حتى الوفاة .
وأكد محمد الغندور مدير المؤسسة أن المؤسسة تعمل في الاساس على جمع بيانات دقيقة وعلمية عن المصابين بأمراض السرطانية والخبيثة في محافظات الدلتا الخمس .
وأشار اننا نعمل في محافظات الدلتا منذ 15 عاما وراقبنا انتشار مرض سرطان الرئة بين الاطفال والسيدات عام 2004 فوجدنا أن الاصابة بذلك المرض انتشر بسرعة كبيرة فقمنا بعمل استقصائي عن اسباب انتشار المرض فبحثنا من خلال معاهد علاج الامراض السرطانية في جامعة طنطا ومعهد ناصر فوجدنا عناوين عدد من السيدات والاطفال والرجال والفتيات فقمنا بعمل مقابلات معهم واكدوا انهم اصيبوا نتيجة العمل بمهنة جمع وقطف زهور الياسمين المنتشرة بمحافظتي كفر الشيخ والغربية.
وأشار قمنا بعدها بعمل ملفات عن تلك المزارع والمصانع فوجدن أن ما يقرب من 10 الاف فدان تزرع بزهور الياسمين بالمحافظتين و6 مصانع يتم خلالها انتاج العطور من الزهور وهناك كميات كبيرة تصدر الى الخارج .
وأضاف قمنا بعمل بحث عن العمالة بتلك المهنة فوجدناها تقترب ما بين 35 الف و40 الف عامل بينهم اكثر من 5 الاف طفل تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عاما سواء بنين أو بنات .
وأشار ان المؤسسة قامت بتكليف 30 شاب يعملون معها بعمل بحث كامل عن العمالة استمر ما يقرب من عام ، قاموا خلال ذلك العام بمقابلة ما يقرب من 20 الف عامل ، وهم نصف قوة العمل التقريبية فوجدنا أن 3 الاف عامل مصابين بسرطان الرئة بينهم 300 طفل و 4 الاف عامل مصابين بأمراض ربو وحساسية مزمنة على الصدر.
وقال الدكتور محمد منصور أستاذ الأمراض الباطنة والأورام السرطانية بجامعة طنطا أن نسبة الاصابة بسرطان الرئة بين العاملين بقطف الزهور عامتا خلال ساعات الفجر كبيرة مهما تم من طرق وقاية بوضع الكمامات وغيرها وذلك بسبب انتشار انواع كثيرة من الفيروسات على اوراق الزهور والنباتات فيتم انتقالها الى رئة الشخص الذى يقترب منها عبر الانف والفم وتنشط داخل رئة الانسان حتى تخترق الحاجز البلوري للرئة وتصيبه بإصابات بالغة حتى يتم اتلاف الرئة ويتطور المرض والفيروس الى مرض سرطاني يقضى خلاله على الرئة تماما .
وأضاف أن تعرض الاطفال في سن مبكرة للبرد الشديد واللقاحات والبكتيريا والفيروسات المصاحبة للزهور خلال فترات البرد الشديد خلال ساعات الفجر يتسبب في اتلاف رئة الاطفال وتعرضهم للسرطان بكل سهولة .
وأشار أن سرطان الرئة ينقسم إلى قسمين رئيسين، هما: سرطان الخلايا الصغيرة ويمثل 20 في المائة من الحالات، وسرطان الخلايا غير الصغيرة ويمثل 80 في المائة من الحالات، ويتسبب في إعاقة معظم المرضى عن العمل والإنتاجية. وتنقسم الحالات المرضية لسرطان الخلايا غير الصغيرة إلى أربع مراحل، حيث تزيد فرص الشفاء كلما كان اكتشاف المرض مبكرا، إذ يتم التدخل الجراحي بالنسبة لحالات المرحلتين الأولى والثانية. وبالنسبة للمرحلة الثالثة فهناك بعض الحالات غير المتأخرة يمكن التعامل معها بالعلاج الكيميائي والإشعاعي، أما حالات المرحلة الرابعة فتكون صعبة الشفاء، وهنا يأتي دور العلاجات المناعية والكيميائية وأخيرا العلاجات الموجهة الحديثة التي تستهدف الخلية السرطانية مباشرة.
وأضاف تتركز الأعراض في الكحة، مع ظهور دم مصاحب لها، وضيق في التنفس، ونقص الوزن، وآلام في العظام، وآلام في الكبد.
وأكد أنه قام بالكشف على 50 مريض خلال 80 مريض أصيبوا بمرض سرطان الرئة منذ عام 2008 وحتى الأن وعندما سألتهم عن عملهم أجابوا بأنهم يعملون بقطف زهور الياسمين من مزارع رجال الاعمال فجرا .
وأكشف أنه عندما تحدث معهم أكدوا له انهم لا يمتهنون مهنة اخرى غير تلك المهنة وانهم شعروا بالتعب منذ بدء العمل بها .
وأكد أن مشكلة المرض أنه حتى بعد استئصال الورم السرطاني جراحيا فإن 4 من بين كل 10 ممن أجريت لهم جراحة استئصال سرطان الرئة يعاودهم المرض خلال 5 سنوات .
وقال على محمود يبلغ من العمر 30 عاما يسكن في منزل ريفي بسيط يتكون من طابق واحد مبنى بالطوب اللبن بقرية الشباسية بمركز بلطيم كنت بعمل باليوم بمزرعة زهور الياسمين بمركز طنطا بمحافظة الغربية وكنت أتقاضى 40 جنيها يوميا جراء قطف زهور الياسمين وساعات العمل منذ الساعة الخامسة صباحا بعد ساعات الفجر مباشرتا وحتى الساعة الثامنة صباحا ورغم قيامنا بارتداء ملابس ثقيلة وكمامات على الانف والفم إلا ان الجو يكون دائما برد ومع وجود قطرات الندى بكثافة على الزهور والورود كانت تسبب لنا مشاكل في التنفس والعطس المستمر ومع مرور الوقت تعبت وذهبت الى الطبيب لكى أكشف فاكتشفت أنى مريض بسرطان في الرئة وربو وحساسية مفرطة واكتشفت أن كل ذلك من وراء عملي في جمع الزهور والورود .
وأشار ذهبت الى قسم الاورام بمستشفى جامعة طنطا من اجل الكشف والعلاج وتم اجراء جراعه استئصال للورم السرطاني في الرئة ، وبعد عام من العملية رجعت الى العمل مرة اخرى ولكن بعد اربعة أعوام من عودتي الى العمل ، فوجئت بنفس أعراض التعب والمرض مرة اخرى من كحة شديدة ، وتقيئ دماء من الفم والتنفس بصعوبة شديدة ، فرجعت الى الطبيب فطلب إجراء اشاعات وتحاليل ، وفوجئت بعودة المرض مرة أخرى والأن اتناول العلاج ولكن لا يوجد أي تحسن في حالتي الصحية .
وقال محمود حنفي يبلغ من العمر 15 عام يسكن قرية الشين بمركز قطور بمحافظة الغربية أن والدة متوفى وهو عمرة 10 أعوام وهو ووالدته يعملون بمهنة جمع زهور الياسمين عند صاحب مزرعة كبيرة تزرع 200 فدان بزهور الياسمين يتم تصديرها لدول أوربا من اجل صناعة العطور .
وأكد أن عشرات الأطفال من سنة واصغر منة واكبر منة يعملون معه وأنه أصيب بمرض سرطان الرئة من عام وأنه يتم علاجه بمعهد ناصر للأورام بتناول العلاج الكيمائي .
وأضاف أنه أصيب مع بدء عملة بالكحة ثم تطور الأمر الى أصابته بربو وحساسية مفرطة فى الرئة فكنت لا أبالى نظرا لفقرنا الشديد ولكن عندما أصبحت أتقيئ دماء من فمي قمت بالذهاب الى مستشفى جامعة طنطا وهناك علمت إصابتي بسرطان الرئة .
وقالت مرفت المصري مسئول الاعلام بجمعية رسائل الغد الحقوقية لجمعيات المجتمع المدني بمركز الغربية أن مرض ازدياد العمالة التي تعمل بقطف زهور الياسمين تسببت في انتشار الامراض المختلفة بمحافظة الغربية وأدت الى غضب عارم بين الأهالي .
وأشارت أن الجمعية قامت بعمل دورات تعويه كثيرة لعدد اكثر من 400 شاب وفتاة وقامت بعمل ميداني لتوعية الشباب في اكثر من منطقة بالمحافظة والمنطقة المجاورة من أجل توعية الفتيات والشباب والسيدات والأطفال بمخاطر عمل جمع الورود عامة وزهور الياسمين بالتحديد فى فترات الفجر والصباح على الصدر والرئتين والبشرة والجلد وطرق الوقاية من الامراض وطرق ايجاد فرص عمل اخرى من خلال التدريب .
وأشارت أن الجمعية قامت بتدريب أكثر من 380 شاب وطفل وفتاة على مخاطر العمل بتلك المهنة وقامت بتدريبهم على مهن اخرى من خلال الاتفاق مع عدد من رجال الاعمال والمصانع ومنهم من اصبح لهم مصدر رزق .
وأشارت ان الالاف من العمال اصيبوا بأمراض خبيثة مختلفة من هذا العمل .
وقال ابراهيم الخضري رجل أعمال من مركز مطوبس أنا أمتلك مزرعة بها 300 فدان مزروعة ، بزهور الياسمين وأقوم بقطفها وتصديرها الى دولة فرنسا .
وأضاف العامل يحصل على مستحقاته كاملة ولكنى لست مسئول عن مرض العامل فأنا اقوم بإعطاء العمال كمامات تضع حول الانف والفم وأطلب منهم أن يرتدوا ملابس ثقيلة ومنهم من يستمع ومنهم من لا يستمع .
وأضاف أنا عندما سافرت الى فرنسا وجت اصحاب المزارع هناك يقوموا بجلب ملابس خاصة وكمامات وطرق وقاية عبارة عن ملابس معينة وعندما سألت عليها اكدوا انها طرق للوقاية من امراض تسببها لقاحات الزهور وفيروسات تنقل من الزهور الى رئة العامل وعندما طلبت كمية منها للعاملين عندي وجدتها باهظة الثمن فجلبت كمية منها ولكن الجمارك طلبت جمارك كبير كثيرة على تلك الملابس فوجد أن ارباح بيع الزهور سوف تكون قليلة جدا وربما تتلاشى بسبب ما طلبته الجمارك المصرية مع ثمن الملابس الأصلية .
وأضاف قمت بشراء 200 قطعة تكلفت 100 الف يوروا والجمارك طلبت 100 الف جنيها فوجت أننى سوف أخسر كثيرا ومع ذلك أعطيتها للعاملين عندما يقوموا بجمع الزهور ، ولكنهم لم يرتدوها كما قلنا لهم .
وأضاف الملابس بليت بسبب سوء استعمال العاملين لها ولم اقوم بشرائها مرة اخرى نظرا لغلاء أسعارها جدا وطلب الجمارك مبالغ باهظة جدا.
وأضاف أنه بالفعل اخبره عدد من العمال اصابتهم بمرض سرطان الرئة وساعتهم في تكاليف علاج المرض.
أشار أنه لا يعلم هل إصابتهم ناتجة عن عملهم فجرا بقطف الزهور ام لا ؟
وأضاف لا يمكن جمع الزهور الا في فترات الفجر حتى لا تصاب بضرر ويتم الحفاظ عليها في محافظ خاصة بها حتى يتم تصديرها واستخراج العطور منها وهى بكامل كفاءتها .
وأكد أنه علم من علماء متخصصين في الزراعة أن ارتفاع درجات الحرارة في مصر هي ما تجعلنا نقوم بقطف الزهور فجرا أما في دول أوربا فإنفاض درجات الحرارة يجعلهم يقومون بجمعها في فترات الصباح وليس الفجر وهو ما يجعل اصابة العمال بالمرض قليلة جدا نظرا لنشاط البكتريا والفيروسات واللقاحات المسببة للأمراض في فترات الفجر .
وأضاف أن ارتفاع تكلفة شراء الملابس والكمامات من الخارج وطرق الوقاية وسلبية العمال وعدم اهتمامهم بصحتهم وانخفاض اسعار تصدير الزهور الى الخارج هي عوائق امام طرق الوقاية من الامراض الناتجة عن قطف الزهور .
وأشار أن الحكومات الاوربية يدعمون الزراعات العطرية جدا ويصرفون للمزارعين اموالا كثيرة في صورة دعم لها يقوموا من خلالها بتغطية تكلفة الانتاج والعمالة ، وفى مصر المزارع هو وحدة من يتحمل كل شيئا تكلفة الانتاج والزراعة والعمالة والتصدير والضرائب مطالبا الدولة بمساعدة الفلاح والمزارع والعامل .
وقال الدكتور حسن رفعت الأستاذ المساعد بقسم زراعة النباتات العطرية بكلية الزراعة بجامعة طنطا أن النباتات العطرية عامتا وزهور الياسمين خاصتا لا يحبذ الاقتراب منها خلال فترات الفجر لأنها يخرج منها لقاحات وروائح لا تقدر الجيوب الانفية والرئة عليها نظرا لأنها تكون مصحوبة بألاف الفيروسات المضرة التي تضر رئة الذى يتعرض لها.