باشر القضاء بتونس النظر في ملفات ضحايا الثورة الشعبية التي اندلعت في ديسمبر2010 وأسفرت عن سقوط نظام زين العابدين بن علي في 14 يناير 2011، لكن دون حضور أي من المتهمين أو توقيفهم.
وهذه هي المرة الأولى التي ينظر فيها القضاء بقضية مقتل متظاهرين على يد رجال الأمن خلال الاضطرابات التي رافقت الثورة.
وانعقدت جلسة في قاعة صغيرة بالمحكمة الابتدائية في محافظة سيدي بوزيد (وسط) التي انطلقت منها الانتفاضة بعد أن أحرق بائع متجول نفسه. وتوافد ممثلو منظمات المجتمع المدني وأفراد عائلات الضحايا لحضور الجلسة وسط أجواء من التأثر الشديد، والاستماع إلى الإفادات حول مقتل متظاهرين اثنين، أحدهما مهندس والآخر طالب.
وردد المحتجون تزامنا مع دخول القضاة قاعة الجلسة هتافات بينها “أوفياء أوفياء لدماء الشهداء”.
كما باشر القضاء المتخصص بمحافظة القصرين (غرب) المجاورة لسيدي بوزيد، النظر في ملف مقتل عشرين شخصا في المنطقة خلال الفترة الممتدة بين نهاية 2010 وبداية 2011. وتدفق إلى قاعة المحكمة حشد آخر. وحمل أقارب الضحايا صورا ضخمة للمقتولين.
وهذه هي القضية السادسة التي ينظر فيها القضاء التونسي المتخصص في الملفات المقدمة من هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة بالعدالة الانتقالية، وقد خصصت الملفات الخمسة الأولى لقضايا الموت تحت التعذيب وكان ضحيتها يساريون وإسلاميون ومعارضون لنظام زين العابدين بن علي السابق.
ولا تعلق عائلات الضحايا آمالا كبيرة على هذه المحاكمات التي يتولاها قضاة متخصصون بعد تحقيقات قامت بها هيئة الحقيقة والكرامة، خاصة بعد خيبة الأمل التي خلفتها أحكام القضاء العسكري السابقة، والتي وصفها محامون وأقرباء الضحايا بـ”المتساهلة” و”غير المقبولة”.
وقالت مباركة، والدة القتيل محمد العماري، في سيدي بوزيد :”إن شاء الله تعطينا العدالة الانتقالية حقنا وتكشف عن قتلة أبنائنا”.
وقتل الطالب محمد العماري (25 عاما) بالرصاص خلال التظاهرات التي قمعها الأمن في 24 ديسمبر 2010، وكان أول ضحية تسقط بعد 8 أيام من إضرام البائع المتجول محمد البوعزيزي النار في نفسه.
وأعلنت هيئة تحقيق تم استحداثها في فبراير 2011 أن حوالى 338 تونسيا قتلوا وجرح 2174 آخرون، وغالبيتهم في العاصمة تونس وفي منطقة الوسط الغربي في البلاد، خلال الانتفاضة الشعبية.
ولم يحضر المتهمون إلى قاعة المحكمة في سيدي بوزيد. وكشفت هيئة الحقيقة والكرامة أن هناك 11 متهما في هذه القضية، بينهم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، الفار إلى السعودية، ووزير الداخلية آنذاك رفيق الحاج قاسم الذي لا يعرف مكان وجوده، ومسؤولون في أجهزة الأمن التونسية.
وتم إرجاء جلسة المحاكمة في سيدي بوزيد إلى تاريخ لم يحدد، بعد حوالى ساعتين من انعقادها، من دون أن يتم الاستماع إلى أي من الشهود.
وطلب محامون من القاضي منع متهمين من السفر خارج تونس خشية فرارهم من البلاد. وطالبوا بإصدار مذكرات توقيف في حقهم.