على مسرح مصغّر، وجمهور متحمس للمشاهدة، تنزل العروس السودانية إلى الأرض المخصصة لها في بيت أسرتها دون ارتباك، أو خوف، لتقديم عرض في الرقص وفنونه أمام زوجها بحضور أصدقائه وأهله، احتفاءً بنهاية مراسم الزواج، وبدء حياة جديدة.
وهذه العادة يُطلق عليها السودانيون “رقيص العروس”، وهي موروث في البلاد منذ قديم الزمان، وضرورية في بعض المناطق الريفية، حيث تظهر العروس بفستان يصمَّم خصيصًا لهذا الغرض، لإظهار مفاتن جسدها.
والعروس على هذا المسرح، لا ترقص على أصوات الموسيقى المتعارف عليها، وإنما لديها طقوس خاصة تتأقلم معها صاحبة المهمة خلال فترة التدريب المكثف، وترقص على أنغام “الدلوكة” وهي تُخرج أصواتًا مثل الطبول، مصحوبة بأغانٍ معينة ترددها النساء بصوت جماعي.
ويقول الباحث النفسي، ورئيس قسم علم النفس في جامعة أفريقيا العالمية في السودان، نصر الدين الدومة، إن عادة “ترقيص العروس”، بدأت من الريف والأقاليم، ثم بعدها انتقلت تدريجيًا إلى المناطق الحضرية، ومنها العاصمة الخرطوم، ما جعلها جزءًا من التراث الثقافي للزواج في السودان.
ولكن الدومة، أشار إلى أن هذه العادة أصبحت معرّضة لمخاطر، ومهددة بالزوال في المناطق الأكثر تحضرًا بسبب دخول العادات الوافدة “التكنولوجيا”، والتي أثرت بشكل كبير بتغيير نظرة المجتمع السوداني لمراسم الزواج، وأصبحت “رقصة الإسلو” الأكثر انتشارًا، وبعض الطبقات تفضلها، خاصة الغنية منها.
وأوضح الباحث النفسي، أن “رقيص العروس” الموجود حاليًا في المناطق الريفية، تغيّر كثيرًا مما كان عليه في الماضي، حيث يسمح بحضوره للنساء فقط دون الرجال، ويمنع التصوير خوفًا من انتشار صور العروس وهي بفستان الرقص القصير، على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبحسب الدومة، فإن العروس يتم تدريبها على الرقص لفترة طويلة من قِبل النساء اللواتي سبقنها بالخبرة، حتى تجيد فنون الرقص المتعارف عليها، وحتى لا تسقط على الأرض أمام فارس أحلامها، الذي يكون متوترًا داخل المسرح، مشيرًا إلى أن الهدف من “رقيص العروس” التعبير عن الفرح، وكسر الحواجز بين الأسرتين، بما في ذلك المحتفى بهما، وأيضًا لتشجيع الشباب الذين هم في سن الزواج على الإسراع نحو الارتباط.