خرج يوم الأحد، سكان مدينة الجلفة (ثاني أكبر تجمع سكاني بعد العاصمة الجزائرية) فيمظاهرة شعبية جابت شوارع المدينة، بعدما شهدت مدن أخرى داخلية وجنوبية حالة احتقان مماثلة.
وتُنذر موجة الغضب بتوسع رقعة الاحتجاجات، لتشمل مدنًا أخرى تشكو من “التهميش والإقصاء”.
وهتف المحتجون بشعارات، منددة بسياسات الحكومات الجزائرية المتعاقبة منذ استقلال البلاد، والتي “لم تنصف منطقتهم بمشاريع تنموية تستأصل حالة البطالة المتفشية وسط الشباب، وبنية تحتية تُساهم في تحسين مستوى معيشتهم”، وفق تعبيرهم.”
وكان غياب مسؤولين جزائريين عن مراسيم تشييع “المناضل والثوري” ومؤسس جهاز الدرك الوطني الجزائري، أحمد بن شريف، المنحدر من مدينة الجلفة، هو ما أجج الاحتجاجات.
واعتبر سكان المدينة أن غياب الجهات الرسمية عن حضور جنازة الراحل “إهانة له وإنقاص من قيمة المنطقة ودليل على تهميشها”، على حد قولهم.
وأكد المحتجون، أن “تظاهرتهم سلمية ولا تقف وراءها أي جهات سياسية”، مطالبين السلطات العليا في الجزائر بـ”إعادة الاعتبار للمنطقة ولأحمد بن الشريف”.
وأوفد رئيس الوزراء الجزائري، أحمد أويحيى، وزير داخليته نور الدين بدوي، إلى مدينة الجلفة، لاحتواء غضب سكان المنطقة بعد مرور 3 أيام من تشييع الراحل أحمد بن الشريف، لكن الوفد الوزاري قُوبل بموجة غضب واحتجاجات نظمت على هامش تلك الزيارة.
وأبرق الرئيس الجزائري، عبدالعزيز بوتفليقة، رسالة تعزية لعائلة بن الشريف الذي وافته المنية في باريس عن عمر ناهز 91 عامًا.
وقال بوتفليقة في برقيته إن الجزائر “فقدت برحيل بن الشريف مجاهدًا كبيرًا ومناضلًا فذًّا من رجالات نوفمبر”.
وعُرف بن الشريف بمعارضته الشديدة لتمديد حكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، حين التحق بالمرشح الرئاسي السابق علي بن فليس في انتخابات 2004، كما عبر عن مخاوفه من سيطرة المال السياسي على دوائر صنع القرار في الجزائر.
تحذيرات من الانفجار
وشهدت عدة مناطق متفرقة من الجنوب الجزائري، مؤخرًا، احتجاجات بسبب مشاكل مرتبطة بانقطاع في شبكة التزود بالمياه الصالحة للشرب والتيار الكهربائي والسكن وتفشي البطالة.
وكان أبرز تلك الاحتجاجات في مدينة ورقلة، العاصمة النفطية، حيث تظاهر مواطنون ضد تخصيص أغلفة مالية لتنظيم حفلات غنائية وسهرات فنية بدلًا من توجيهها لمشاريع تنموية.
وأطلقت هيئة حقوقية جزائرية، تحذيرات من “خطورة تفاقم حالة الاحتقان والحركة الاحتجاجية التي تعيشها مناطق جنوب الجزائر، بسبب ارتفاع نسب البطالة، وغياب مشاريع تحسين البنية التحتية، وغياب الحوار بين السلطات المحلية والسكان”.
وكشفت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان (مستقلة)، أن نسبة البطالة في مناطق الجنوب الجزائري تجاوزت 30% لدى الشباب، على الرغم من كونها مصدر ثروات النفط والغاز التي تدر 98% من المداخيل المالية للجزائر.
وعبرت الرابطة عن تخوفها من تحول هذه الاحتجاجات إلى “قنبلة موقوتة في ظل وجود العديد من الأطراف الأجنبية التي تسعى للاستثمار في الوضع، بغرض تنفيذ أجندات واضحة ومعلومة”، على حد قولها.