كأنما لم تعلمنا كل الأيام ، بكل الفاجع من أحداثها ، والموجع من وقائعها !.. وإلا فلماذا هذا الركون السكينة والصمت ، بينما السكاكين تعمل فى رقابنا ذبحاً ، وفى شراييننا وأوردتنا تقطيعاً ؟ ..
بل كأنما كل هذه الأشلاء الليبية والسورية والعراقية واليمنية المتناثرة فى كل لحظة ، تحت وطء الرصاص والقذائف والصواريخ الميلشيوية والخطف والقتل ، من قبل المليشيات والمجموعات الإرهابية الخارجة عن القانون ، لم تعد تحرك فينا نبضة عرق ، أو إحساساً بالخجل ..
كأنما لا يهمنا أمرهم ، ولا أمرنا … ونحن ننتظر متى يقرر الأمريكى وأدواته العميلة الخائنة بشن حرباً تدميرية تقسيمية ضد سوريا والعراق واليمن وليبيا ويجدولنا على قوائمه … بلداً بعد آخر ولا ننسى الإرهاب التكفيرى وهجومه على عاصمة العرب مصر المنتصرة
ما الذى ينبغى فينا ، ومنا ؟ .. ونحن ننظر فى المرآة فنرى ملامحنا مغيبة بين صمت وسكوت ، وتتوارى خلف غلالات الخوف والخشية على عروش لم يبق شيء من أيهتها ، وقد سقطت من أبجديات الجماهير التى ما وجدت فى الشوارع العربية إلا هراوات الشرطة ، وأنياب كلاب الحراسة ؟..
ياإلهى .. ألهذا الحد من الهوان تصل أمة محمد ؟..
أنهون ونذل ونـُقتل صباح مساء .. ولا نملك إلا التمتمات الخفيضة ، نواريها خلف الجدران ، حتى لا تسمعنا أمريكا ، فيثور غضبها ، وتضعنا بجرة قلم فى قوائم الإرهابين والملعونين والمطاردين فى النظام العولمى التى تريد فرضه علينا ..
ألم يكفنا كل الحبر الذى أهرقناه استنكاراً وشجباً وتنديدات ؟ ..
القتل والإعتقال (يجرى فى فلسطين على الهواء مباشرة .. ليبيا قيد الصراع والإنقسام والقتل والخطف إلى أجل غير مسمى .. وسوريا قيد التهم الجاهزة ، فإن فشلت مهزلة المجموعة الإرهابية وانهزمت وتقدم الجيش العربى السورى ، أخرج الحاوى الصهيونى الأمريكى من كمه أكاذيباً جديداً .. واليمن رهن للقتل والتدمير ، ولبنان لابد من إعادته إلى بيت الطاعة الصهيونى الأمريكى ..
.. ومصر تحارب الإرهاب التكفيرى دفاعاً عن الأمة العربية .. ماذا ننتظر أكثر من ذلك ؟..
تجتمع القمة العربية وتتفرق ، ولا يكون ورائها إلا غباراً ينجلى عن تنازل جديد للأعداء .. ولا جدوى .. فنتنياهو وليبرمان وسواهما من مجرمى الحرب الصهاينة .. لا ينتظرون تبريكات القمة العربية ، إذ تكفيهم الأباتشى والميركافا .. ولا يزعجهم سوى أنين الفلسطينى وهو يحتضر تحت الركام والصمود والتحدى بصورة الطفلة البطلة عهد التميمى.. كأنما باتوا يريدون من الفلسطينى أن يموت بصمت ..
يجتمع الوزراء العرب .. فلا يتفق منهم إلا وزراء الداخلية ورجالات الأمن ..
أين الإعلام العربى الذى يرقى إلى دم أحمد الجرار مقتولاً على تراب وطنه ؟..
أين وزراء الدفاع العرب من فارس عودة وحيداً أعزل أمام دبابة أمريكية الصنع ، صهيونية الجند ؟..
لا خطاب سياسياً عربياً ، موحداً .. بل متناسقاً ..كل فى واد .. والشعب والجماهير فى واد ..
لا موقف .. لا تضامن .. لا تنمية .. ولا تطور .. والحال من سيء إلى أسوأ .. يا إلهى .. ألهذا الحد ؟ .. أكان يمكن أن يتخيل أكثر الناس تشاؤماً أن نصل إلى هنا ؟.
القتل الصهيونى يدور كأسه يومياً فى كافة المناطق الفلسطينة وخاصة غزة والقدس .. والسفراء الصهاينة ، فى عواصم عربية ، ولا يجدون حتى من يؤنبهم .. والأعلام الصهيونية ترفرف فى سماء تلك العواصم .. والقدس عاصمة فلسطين يختطفها الرئيس الأمريكى ترامب عاصمة للكيان الصهيونى بتنسيق مع بعض الدول العربية ..
أين معاهدة الدفاع العربى المشترك ؟ .. هل ننفض الغبار عنها بعد خراب البصرة .. وذبح ما تبقى من أمل فى الشعب العراقى والسورى واليمنى والليبى ؟.. هل بعد أن يفنى الفلسطينيون ويصبحوا فى خبر كان .. أم بعد أن يتحولوا إلى هنود حمر هذا العصر؟..
يتحالف مع نتنياهو وليبرمان .. مع كل الصقور القذرة التى لا تعرف إلا أن تقتات من لحم الفلسطينين ودمائهم ..
ونحن .. ماذا ؟ ..
لا نعرف حتى التضامن مع ذواتنا المرصودة للذبح ، وأعراضنا المعرضة للانتهاك .. وحتى القدس عاصمة فلسطين تأمروا عليها ومنحوها عاصمة للصهاينة ..
“سبايا نحن فى هذا الزمان الرخو” .. قال الشاعر ..
ولن يتبقى منا إلا من يمتلك إرادة تتأبى الخضوع فى زمن الركوع .. من يمتلك قبضة يرفعها فى وجه ما يراد أن يكون قدراً لا فكاك منه ..
لعل ..
أن تنفض الجامعة العربية الغبار عن ملفاتها وقراراتها واتفاقياتها .. وتنفض الكسل والبطالة المقنعة من أروقتها .. وتعود بيتاً .. حتى ولو كان للنظام العربى الرسمى فقد .. فللجماهير الشوارع والساحات ..
أما آن للجامعة العربية أن تكفَّ عن كونها هيكلاً لا حول له ولا طول .. لا فعل ولا فاعلية..
إذا كان أدنى عاقل فينا يرفض كل هذه السلبية والجمود والخمود .. فلماذا لا يفعل أحدنا شيئاً ؟ .. على الأقل أن يرمى حجراً فى هذا المستنقع الراكد ، قبل أن يأسن ويعمم فساده علينا جميعاً ..
ألسنا بحاجة إلى من يفتح جراحنا ليخرج منها كل هذا الصديد قبل أن تتعفن وتتسرطن وتلتهم أرواحنا قبل أجسادنا ؟ ..
من يحمى أرواحنا من التعفن عند أقدام الصهيونى الذى يولغ فى دمنا صباح مساء؟..
من يحفظ جسد الأمة من الاهتراء تحت شفرات بساطير جند الصهاينة والمارينز ؟..
لسنا نجلد ذاتنا إذ نقول الحقيقة المرة .. ولكنها محاولة للخروج من حال الموات الذى نحن فيه .. ولكن هناك بصيصاً من الأمل .. أنها مصر العربية القوية وجيشها العظيم ..لن تسمح للتحالف الامريكى الصهيونى بشطب القضية الفلسطينية وعاصمتها القدس وضرب وتقسيم الوطن العربى .
تخرج سوريا من الدهاليز المظلمة الرطبة والباردة فى الجامعة العربية .. باحثة عن شمس الفعل ، ونور العمل ، وتلمس حرارة الدماء النابضة والنازفة ..
خياران لا ثالث لهما .. أن نخرج إلى الشمس .. أو أن ندخل الشمس إلينا .. لعلها تطرد كل هذا البرد الذى يلفنا ..
رغم الآلم .. سيبقى الأمل دائماً .. ستبقى مصر وليبيا وسوريا والعراق واليمن ولبنان عبق الماضى .. وألق المستقبل