أقدم شخص عربي مقيم في بريطانيا، ويزعم أنه يحمل شهادة الدكتوراه، ولديه خبرة واسعة في أعمال الاستثمار والتداول، بالنصب والاحتيال على سيدة سعودية بأكثر من مليون ريال سعودي.
وتحمل السيدة الضحية درجة البكالوريوس في اللغة العربية، وتسكن في المنطقة الشرقية، وكان حلم حصولها على لقب “سيدة أعمال” يراودها كثيرًا للتخلص من الفقر الذي تعيشه.
وتعتاش الزوجة السعودية من تقاعد زوجها المريض منذ 6 أعوام، والمكبل بالديون، ولديها 6 أبناء، إلى أن وقعت فريسة في يد عصابة محتالة قدمت لها وعودًا بالثراء السريع من خلال العمل بتداول العملات الأجنبية.
ولم تتردد الضحية في تقديم معلومات عنها لشركة “الفوركس” المتخصصة في الثراء السريع، بعد أن شاهدت إعلانًا عبر الإنترنت عنها، وقررت خوض تلك التجربة بمبلغ مالي لا يتجاوز 4 آلاف ريال فقط.
وأبلغ المحتال ضحيته بأن المبلغ المقدّم منها لا يمكن أن يحقّق أحلامها، لاسيّما أنه سيدخلها في تداولات “الذهب والبترول” بحسب زعمه – الأمر الذي يتطلّب أموالًا كبيرة تحقّق أرباحًا ضخمة.
وبعد محاولات عديدة معها ومطالبته لها بأن تقترض من أقاربها وصديقاتها، رضختْ الضحية للأمر الواقع؛ سعيًا منها لتحقيق ذلك “الحلم المليوني”، بحسب صحيفة “سبق”.
وقرّرت الضحية أن تخرِج حصتها من أرض كانت لوالدها، وكان نصيبها 300 ألف ريال، وقامت بارسالها للمحتال، بناء على طلبه.
وشدّد على عدم الإفصاح عن مساعدتها لفتح مؤسسة تجارية باسمها، بل بالاكتفاء بعبارة “شراء بضاعة”، قبل أن يطلب منها أن تتواصل مع شخص يزعم أنه من سكّان “مكة المكرّمة”.
وأكد أن الحوالات البنكية المالية ستكون مرسلة على حسابه الشخصي؛ والذي بدوره سيقوم بإيصالها “للدكتور المحتال”، وبالفعل صدّقت السيناريو كاملًا.
واستنفدت الضحية كل ما تملك من أموال، إلا أن “المشروع الضخم أجبرها على مزيدٍ من الاقتراض، وتسلمت 300 ألف ريال أخرى من أحد “العقاريين”.
وأبدت استعدادها للتوقيع على أي شيكات أو ضمانات مالية تُطلب منها، وكانت هي الانطلاقة الأولى لـ “المؤسسة التجارية” التي ستنفّذ من خلالها العمليات المالية، تحت غِطاء “شراء بضاعة من الخارج”.
ولاحقًا، طلب الرجل منها تحويل مبلغ 130 ألف ريال بصفةٍ عاجلة، وقام بتزويدها بِخطاب “مزوّر” من مؤسسة النقد السعودية، محذرًا إياها من زيارة المؤسسة أو التواصل معهم باعتباره شخصيًا هو المعني بهذا الموضوع، وأن الخطاب الحكومي يتطلّب إضافة 20 ألف ريال أخرى كـ “ضريبة القيمة المضافة”، وعن كون هذه الحوالة سيعقبها أرباح كثيرة، قد لا تنام الضحية من شِدة الفرح بكسبها، والذي سيصل إلى 3 ملايين ريال كحصيلة 6 أشهر من العمل الشاق، بحسب قوله.
وعلى الرغم من مرور تِلك الأشهر بلا أرباح واقعية تُذكر، لم تكتشف السيّدة هذه الأكاذيب، بل أكملت تنفيذ طلبات وأوامر هذا “الخبير الوهمي”، من خلال الاقتراض من صديقاتها وقريباتها، بعد أن شَرحت لهم شرحًا مختصرًا عن هذا المشروع الذي سيجني ملايين ضخمة.
وبعد إلحاحٍ شديدٍ من الضحية عن حاجتها الماسّة للأرباح المليونية المزعومة، لم يتردّد اللِص البريطاني في ابتكار حِيل جديدة تجعله يستمر في استنزافها دون أن تعلم، فقام بإرسال رسالة هاتفية لها قال إنها من “مؤسسة النقد السعودية”، ومفادها: “توقيف تحويل بقيمة 3 ملايين و200 ألف ريال، وختِمت الرسالة باسم: مكافحة غسيل الأموال السعودية”، وطلب منها تحويل 100 ألف ريال بصفةٍ عاجلةٍ لعلّها تسهم في رفع الحظر عن تلك الملايين المعلّقة من قِبل “النقد السعودية”.
تلك الرسالة الهاتفية كانت هي المحطة الأخيرة من مسلسل الاستنزاف الذي دام لأشهر عِدة، وذلك بعد ذهاب الضحية لمؤسسة النقد، في محاولة منها لإقناع الأولى بأن حلمها المليوني لم يدخله شبهة غسيل أموال؛ بل كانت عبارة عن استثمار في تداولات الذهب والبترول، قبل أن تصعق عندما تبلّغت الحقيقة من “النقد السعودية” بأنها وَقعتْ ضحية نصبٍ واحتيالٍ من عصابات “الفوركس“، وعن كون المؤسسة لا تخاطب عملاء البنوك حول الشبهات المالية بهذه الطريقة، بل كانت ضحية سيناريو أجادته عصابات تنتشر حول العالم، وتزوّر الرسائل والخطابات الرسمية بأساليب مبتكرة.
وختمت السيدة السعودية الضحية، شرح قصتها بقولها: “اعَترف بما أقدمت عليه دون عِلم، ولكن حياتي في خطر، ولولا خوفي من الله لأقدمت على التخلّص من حياتي، فأنا مهدّدة بالسجن وضياع أطفالي الـ6، وكلي أملٌ بأهل الخير بمساعدتي في الخروج من هذا المأزق، لاسيّما وأن الشيكات والضمانات المالية التي أقدمت عليها كانت عن جهل، والكل يطلب حقّه”.
وأضافت: “أحذّر كل من يَبحث عن الثراء السريع بالبعد كل البعد عن التداول بالعملات الأجنبية، وما يسمّى بالاستثمار في الذهب والبترول، فعصابات (الفوركس) عَديمة الإنسانية، ومتخصّصة في مخاطبة العقول بل وغسلها أيضًا؛ من خلال احترافيتهم العالية في الإغراء بالمال والثراء السريع”.
وكانت هيئة السوق المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة التجارة والاستثمار؛ قد حذّرت في حملة توعوية من التعامل مع المواقع الإلكترونية المشبوهة التي تسوق للاستثمار في الأوراق المالية، دون حصولها على التراخيص المطلوبة من الجهات ذات الاختصاص، بما فيها نشاط “الفوركس” غير المرخصة، والتي تصطاد زبائنها عبر المواقع الإلكترونية من خارج السعودية.