على مدى العقود الماضية، نجحت المملكة العربية السعودية في الحفاظ على قدرات اقتصادية كبيرة جعلت منها رقماً صعباً في منظومة الاقتصاد الدولي بفضل الاحتياطيات النفطية المتوفرة والقدرات الصناعية المتنوعة والبنى التحتية الهائلة، الأمر الذي جعل من المملكة إضافة قوية لمجموعة العشرين الكبرى التي تضم أقوى 20 اقتصاداً في العالم.
استطاعت المملكة العربية السعودية من خلال عضويتها في هذا المنتدى الدولي الهام القيام بدور فاعل في ضبط إيقاع الاقتصاد العالمي، وهو الدور الذي تعهدت بمواصلته. كما استحوذت من خلال مشاركاتها على أهمية استثنائية، حيث يُعوّل المراقبون على اسهاماتها الفاعلة في دعم الاقتصاد العالمي، والمضي به إلى الاستقرار الذي تنشده الدول وشعوب الأرض.
في قمة 2010م في مدينة سيول الكورية، جرى الاتفاق بين الدول الأعضاء على زيادة القروض للدول النامية والناشئة في الصندوق على حساب الدول المتقدمة، كما تم وضع خطة عمل لمساعدة الدول الفقيرة في مجالات النمو، وهو ما التزمت به المملكة بشكل مثالي.
وفي قمة 2012 في منتجع لوس كابوس بالمكسيك، تَعَهّدت دول المجموعة باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز النمو العالمي وترسيخ الثقة والتعامل مع التوترات في الأسواق المالية، وكان للسياسات التي انتهجتها المملكة دوراً كبيراً في خفض مستويات التوتر الاقتصادي في العالم بفضل قدرتها على ضبط إيقاع سوق النفط.
وفي قمة العام الماضي التي استضافتها مدينة هامبورج الألمانية، وظفت المملكة آلية التشارك التي يتيحها المنتدى للدول الأعضاء للتباحث والنقاش حول أهم الملفات التي تتعلق بالأمن والسلم الدوليين، لتذكير المجتمع الدولي بأن الإرهاب لا دين له، وأنه جريمة تستهدف العالم أجمع لا تفرق بين الأديان والأعراق، وشددت على أن مكافحة الاٍرهاب والتطرف وتعزيز قيم الاعتدال مسؤولية دولية تتطلب التعاون والتنسيق الفعال، مؤكدة ضرورة محاربة ومنع جميع مصادر ووسائل وقنوات تمويل الإرهاب، كما أكدت المملكة أهمية العمل لضمان عدم استغلال النظام المالي الدولي من قِبَل الإرهابيين والفاسدين ومروجي المخدرات، داعية إلى التنفيذ الفعال للإجراءات المالية لمحاربة غسل الأموال.
وتأتي مشاركة المملكة في قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها الأرجنتين هذا العام لترسخ أهمية المملكة كمصدر ومسعر للطاقة العالمية التي تهم جميع دول العالم، ولارتفاع حجم تجارتها الدولية، حيث يدرك صناع السياسات المالية والاقتصادية العالمية أن الإجراءات المالية التي تتخذها المملكة لا تؤثر في اقتصادها فقط، إنما تأثيرها واضح وواسع في المستوى العالمي، حيث تؤثر في نشاط الاقتصاد العالمي من خلال تأثيرها في التجارة العالمية والتحويلات إلى الخارج وسياسة الاستثمار في الأوراق المالية العالمية.
وعلى المستوى الداخلي، فإنه من المتوقع أن يؤدي استمرار عضوية المملكة في المجموعة إلى تنسيق وإصلاح بعض السياسات المالية والاقتصادية داخل المملكة، مما يدفع في اتجاه تطوير القطاعات المالية والاقتصادية، لا سيما وأن أهداف قمة العشرين تتسق في جزء كبير منها مع رؤية المملكة 2030 التي يراهن عليها الشعب السعودي في تحقيق نقلة تاريخية في شتى مناحي الحياة تحت القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان -يحفظهما الله-.