قال أمين الناصر الرئيس التنفيذي لأرامكو السعودية، اليوم إن الشركة بصدد إطلاق أكبر مشروع لاستغلال الغاز الصخري خارج الولايات المتحدة لتعزيز معروض الغاز المحلي وإنهاء حرق النفط في محطات توليد الكهرباء لديها.
ينافح أكبر بلد مصدر للخام في العالم منذ سنوات عن الحصة السوقية في مواجهة منتجي النفط الصخري الآخذين بالتوسع في الولايات المتحدة، التي امتلكت في غضون عشر سنوات فحسب القدرة على ضخ ملايين البراميل من النفط يوميا من تكوينات صخرية كان استغلالها باهظ التكلفة ذات يوم.
وخاضت السعودية حرب أسعار بهدف إخراج قطاع النفط الصخري الأمريكي من السوق قبل ست سنوات فحسب، لكنها أخفقت في نهاية الأمر. والآن، يتبنى البلد التقنيات المطورة في الحقول الأمريكية – والتي بدأت بالغاز – في مشروع حقل الغاز العملاق الجافورة الذي تقدر استثماراته بنحو 110 مليارات دولار. وقالت أرامكو إنها حصلت على ضوء أخضر للمشروع يوم السبت.
وإذا حققت أرامكو أهداف تطوير الحقل، فإن السعودية ستصبح ثالث أكبر منتج للغاز في العالم بحلول 2030. وأكبر منتجين للغاز في العالم هما الولايات المتحدة وروسيا.
وقال الناصر إن أرامكو ابتكرت طريقة للتكسير باستخدام ماء البحر، مما سيذلل عقبة نقص المياه اللازمة للتكسير في الصحراء.
وقال في مقابلة بالمنطقة الشرقية، حيث مركز إنتاج النفط في السعودية: ”ثورة صخرية جديدة تحدث (في السعودية)، إنها مجدية تجاريا ونستخدم ماء البحر. كثيرون قالوا إن الفكرة لن تنجح خارج الولايات المتحدة.. لأن التكسير يستهلك الكثير من المياه ونحن لا نملك مياها وفيرة. لكننا نستخدم ماء البحر“.
وأوضح أن أرامكو حفرت 150 بئرا منذ 2013 في حقل الجافورة للغاز الصخري لإعداد خطة التطوير.
وعملت مجموعة النفط الوطنية السعودية مع شركات خدمات نفطية عالمية مثل شلومبرجر وهاليبرتون وبيكر هيوز الأمريكية بخصوص الحقل ولتطوير تكنولوجيا تفتيت الصخور واستخراج النفط والغاز الحبيس فيها، فيما يعرف بتكنولوجيا التكسير. وتنشط تلك الشركات في حقول النفط الصخري الأمريكية.
وقال الناصر إن أرامكو ستطرح جولات لترسية عقود أعمال الحقل، ومن المرجح أن تشارك فيها الشركات نفسها وغيرها.
وخارج الولايات المتحدة، لم يحالف شركات النفط نجاح كبير في استغلال الاحتياطيات الصخرية لأسباب شتى – إما بسبب نقص الخبرة أو ندرة المياه أو موارد أخرى أو عدم ملاءمة البنية التحتية أو القرب المكاني من تجمعات سكانية كبيرة.
يقع حقل الجافورة قرب ساحل الخليج، ومن ثم يمكن توصيل مياه البحر إليه بسهولة نسبية، لكن سيتعين معالجتها بعض الشيء قبل استخدامها في الحفر، حسبما ذكر الناصر. وهو قريب أيضا من الغوار، أكبر حقل نفط في العالم، وبالتالي يمكن ربطه بسهولة بالبنية التحتية القائمة. وعثرت أرامكو أيضا على نوع من الرمل المحلي يمكن استخدامه في التكسير.
وتتطلب العملية ضخ المياه والرمال والكيماويات في الحقول عند ضغط مرتفع.
وقال الناصر: ”إنها ذات جدوى تجارية عالية، واستطعنا بالفعل خفض التكلفة بدرجة كبيرة لجعلها مجدية تجاريا.. إنه (مشروع التطوير) غير التقليدي الأكبر خارج أمريكا الشمالية“.
وأوضح أن مشروع الغاز الصخري الجديد سيساعد المملكة في تقليل حرق النفط لاستخدامه في توليد الكهرباء 800 ألف برميل يوميا في المتوسط. وسيتيح هذا مزيدا من الخام للتصدير ويقلل الانبعاثات.
وقال الناصر إن الأولوية ستكون لتلبية الطلب المحلي.
كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أصدر أمرا يوم الجمعة باستخدام غاز الجافورة في المقام الأول لتزويد الصناعات المحلية مثل البتروكيماويات من أجل دعم خطة التطوير ”رؤية 2030“ التي يرعاها الأمير وتستهدف إصلاح الاقتصاد وتنويع موارده بدلا من الاعتماد على النفط.
كان إدراج أرامكو العام الماضي أحد أعمدة الخطة. وطرح عملاق الطاقة السعودي حصة للاكتتاب العام في سوق الأسهم المحلية في ديسمبر كانون الأول.
وقال الناصر إن المشروع قد يحول السعودية إلى مصدر للغاز أيضًا. وأضاف أن من المحبذ أن يكون التصدير عبر خطوط الأنابيب إلى دول مجاورة وليس بإقامة مرافئ الغاز الطبيعي المسال عالية التكلفة.
وتابع: ”فور تلبية الطلب المحلي سنشرع في التصدير“.
وتنوي أرامكو استثمار 110 مليارات دولار لتطوير الجافورة وتتوقع بدء الإنتاج أوائل 2024. وقال الناصر إن الإنتاج سيصل إلى 2.2 مليار قدم مكعبة يوميا من الغاز بحلول 2036، مع 425 مليون قدم مكعبة يوميا من الإيثان المصاحب.
وقال إن الحقل سينتج نحو 550 ألف برميل يوميا من سوائل الغاز والمكثفات، بما يزيد نحو 50 بالمئة مقارنة مع الإنتاج الحالي الذي يزيد قليلا فحسب على مليون برميل يوميا
وتقدر احتياطيات الغاز في الجافورة، أكبر حقل للغاز غير التقليدي وغير المصاحب في السعودية، بواقع 200 تريليون قدم مكعبة من الغاز الخام.
وقال الناصر إن لدى الشركة مشاريع أخرى مماثلة قيد الدراسة.
وقال ”كل ما في الأمر أننا بدأنا بغير التقليدي“.