أثار قرار حكومي صادر عن وزارة التربية في تونس جدلًا واسعًا واستياء من قبل الصحفيين والحقوقيين الذين رأوا فيه تضييقًا على الحريات وضربًا لمبدأ النفاذ إلى المعلومة، وسط دعوات إلى سحبه.
وتصاعدت، اليوم الأحد، موجة التنديد بمنشور وزارة التربية الذي ينص على ”ضرورة أن تخضع أي مشاركة في البرامج الإذاعية والتلفزيونية أو أي إدلاء بتصريح صحفي لأعضاء الديوان والمديرين العامين ومديري الإدارات المركزية والمديرين العامين للمنشاَت العمومية في الوزارة لطلب تقدمه الجهة الإعلامية مسبقًا إلى مصالح الوزارة حول موضوع التدخل وتتم إحالته بعدها بعد إبداء رأيهم الى المكلف بالإعلام بديوان وزير التربية ليتم التأشير عليه.
وأثار المنشور استياء واسعًا في صفوف الصحفيين والإعلاميين الذين ضجت صفحاتهم بالانتقادات الموجهة لهذا الإجراء، الأمر الذي دفع الوزارة إلى إصدار بيان توضيحي، لاحتواء الموقف، أثنت فيه على دور الإعلام في إنارة الرأي العام وتقديم المعلومات بشأن دور الوزارة في إدارة أزمة جائحة كورونا“ وجهدها لتأمين نجاح السنة الدراسية وإسهامها في معاضدة الجهد الوطني للتخفيف من الآثار الاجتماعية والنفسية للأزمة“.
وأوضحت الوزارة أنه ”بالنظر لما “تكتسيه هذه الموضوعات من أهمية فإنها تلتمس منهم الاتصال بالمكلف بالإعلام ليحيلهم إلى الإدارة المعنية بحسب الاختصاص وضمانًا لدقة المعلومة ومصداقيتها وسرعة توفيرها“.
وأكدت “حرصها على نفاذ الصحفيات والصحفيين إلى معلومة دقيقة“، مشددة على أنها “ليست في وارد اتخاذ أي إجراء من شأنه التضييق على مهمتهم“ بحسب نص البيان.
غير أنّ البيان، لم يهدّئ الوضع ولم يخفف من موجة الغضب التي تواصلت اليوم في صفوف الصحفيين.
وكتبت الصحفية في قناة ”الحوار التونسي“ ليلى بن لطيفة مخاطبة وزير التربية ”لن يمر منشورك وستضطر إلى سحبه قريبًا، لن نعود إلى أساليب كتابة المطالب وانتظار الرد من الوزارة في مثل هذه الظروف التي تتطلب سرعة نقل المعلومة“.
وعلّق الصحفي محمد علي الصغير بالقول:“يبدو أنّ الحامدي نسي رصيده الحقوقي ونسي دور الإعلام في إعادته إلى الواجهة وفي وصوله إلى منصب الوزير… ها قد بدأ إجراءاته التضييقية على الإعلام… وزراء الصدفة“.
واعتبر الصغير أنّ البيان الذي حاولت به الوزارة تدارك الأمر لا يرتقي إلى انتظارات الصحفيين الذين يطالبون بتيسير إجراءات النفاذ إلى المعلومة خاصة مع فرض حالة الحجر الصحي العام في البلاد.
وفي السياق، أكد الإعلامي محمد صالح العلوي أنّ الظروف الاستثنائية تتطلب إجراءات استثنائية في الاتجاه الإيجابي، أي في اتجاه تسهيل مهام الصحفيين لا تعقيدها والتضييق على المعلومة وتبليغها“.
وأضاف أنه ”على الوزارة أن تسحب منشورها فورًا لأنه لا يليق بحكومة ما بعد الثورة ولا يتفق مع متطلبات هذه المرحلة“.
ولوحت نقابات الإعلام في تونس، بتصعيد الموقف ما لم يتم سحب المنشور الذي رأت فيه ضربًا لحق الصحفي في النفاذ إلى المعلومة وحق المتلقي في الحصول على المعلومة.
وعبّر نقيب الصحفيين التونسيين ناجي البغوري، عن استغرابه من قرار وزير التربية محمد الحامدي، معتبرًا في تدوينة نشرها بصفحته على موقع ”فيسبوك“ أن القرار يُعدّ ”تضييقًا على حرية الصحافة وضربًا لحق النفاذ الى المعلومة“.
وقال البغوري: ”أستغرب من مثل هذه التعليمات القمعية التي تضيّق على حرية الصحافة وتحرم المواطن والصحفيين من حقهم في المعلومة.. محمد الحامدي وزير التربية يبدأ مسيرته كوزير بضرب حق النفاذ للمعلومة وإحياء المنشور عدد 4 سيئ الذكر. ..بلا حرية صحافة.. الدولة لا قوية ولا عادلة“، وفق قوله.-