فيروس كورونا سيدخل التاريخ وستدون كل الاحداث رغم أننا لم نواجه تهديدا لأرض أو سيادة بل تهديدا للنفس البشرية وشعرنا بأنها هى الأخطر فقد برزت قيمة الإنسان التى تقدمت على كل الأولويات وتراجعت كل قضايا المنطقة وبرز الخطر الذى لا يعرف الجنس أو الدين أو اللون ولا يميز العدو من الصديق ، فهل سينجح كورونا فيما فشل فيه الإنسان سابقا وهل سيكون هو الشر الذى ينجب الخير ..هل هو منحة فى ثوب محنة تسببت فى توقف الحياة كما هى فى الظاهر ولكن فى جوهرها صدمة كهربائية لإنعاش العقول بالوعى ولتعديل السلوك وتصحيح العادات وتغيير أنماط الحياة السلبية ..لقد اجتاح فيروس كورونا العالم واخترق القارات وزعزع الاقتصاد وأغلقت الأجواء والحدود فى مشهد سريالى لم نتخيله فى زمن العولمة..احدث هذا الفيروس ثقوبا فى إطارات عصر السرعة واجبره على التوقف فى مكانه إلى حين صيانة اطاراته ، فهو أحد الاختبارات الأكبر لقدرات هذا النظام فى الاستمرار على البقاء بأطره الحالية ،فالعالم كله مشغول على جميع المستويات بمتابعة اخباره ويتعاظم قلقه مع اتساع وتيره انتشاره إلى جميع الدول فالعديد منها غير قادر على مواجهة تداعياته ، فهو تحدى حقيقى للنظام العالمى القائم ، وأثبتت تجربة كورونا المؤلمة أن الإنسان قلق أمام المجهول رغم كل ما حققه من إنجازات مدعوا إلى التواضع أمام عظمة الخالق ، مدعوا لأستخدام الهدية الربانية المتمثلة فى العقل الواعى وفتح المسارات العلمية أمامه ليبدع ويهزم الخوف الكامن فى جوفه حين تعتريه اختبارات قدرية غير متوقعة ….أن البشرية تخوض اليوم حربا شرسة ضد هذا الفيروس ويمكننا القول إنها الحرب العالمية الثالثة الفعلية لكنها بدون أسلحة نارية والانتصار فيها سيكون من نصيب الأذكى ، وسوف يخلق هذا الاجتياح تغيير فى الأنظمة السياسية وموازيبن القوى وستتولد لغة سياسية جديدة وبالتالى ستولد لغة أدبية ونقدية مختلفة يؤثر ذلك حتما على الوضع فى العالم وسيتغير سلوك الناس مع أنفسهم ومع المحيطين بهم ، سنكون أمام أدب جديد حيث ستسقط رأسماليات كثيرة ،وتتهاوى نظريات ومفاهيم ويكثر الاهتمام بالفرد وسيتخذ كبار السن مواقف متطرفة تجاه دولهم بعدما تمت التضحية بهم فى اوربا وامريكا باعتبارهم زوائد حان موتها ، ستتغير سياسة التعامل مع الكتاب الورقى الذى شلت حركته فى ظل هذه الأزمة وسيبحث أصحاب القلم عن طرق جديدة للعيش بعد ما رأوا الموت يمكن أن يحصدهم فى اى لحظه ، كما ان التغيرات ستطال الإنسانية بعد الخلاص من جائحة كورونا وما كشفته من ثغرات قاتلة فى توجهاتهم العالمية وانشغالهم بوقف الحروب والصناعات المدمرة وستوجههم إلى العلم والتعليم وحماية استقرار وسلام البشرية ، سوف ينتصر المنهج العلمى على المنهج الدينى لانه لا يستطيع مواجهه الواقع بقدر ما يغيب أصحابه عن الواقع ومشكلاته وطرق حلها كما حدث حين خرجوا فى مظاهرة ليلية مكبرين كى يقضوا على الفيروس مستمدين من تراثهم العريض فى مواجهة الظواهر الكونية التى لا يعرفون أسرارها مثل الخسوف والكسوف وغيرها بالتكبير والتهليل ، كما سيظهر ادوات ووسائل وأطراف ثقافية جديدة لم تكن معهودة مثل الأطباء والإعلاميين وخبراء الفيروسات والباحثين ويتوارى المثقف بمعناه المعتاد …ربما أراد مخلوق صغير أن يستبق حربا عالمية بين الكبار ليظهر لهم عجزهم أمامه رغم ما لديهم من قوة وجبروت فكان من الاولى لهم العمل لنهضة شعوب العالم لا التنافس على القتل وسباق التسلح فهناك الخطر الاقوى من قضية مياه وحدود وصراعات إقليمية… خطر لابد للتصدى له بالعلم والمعرفة وفن إدارة المخاطر وسرعة التكيف مع الأزمات وتوجيه الإستثمار للصناعات الدوائية والخدمات العلاجية … هذه رسالة تحملها الكورونا إلى البشرية أنه يوجد اله لا اله الا الله ومحمد نبى الله وخاتم الأنبياء والمرسلين وان يتوحدوا ويتوجهوا إلى سلامة البشرية وسلام الحق والعدل.