تخفي دريتا وجهها الباكي في عيادة في شمال ألبانيا، فهي حامل بأنثى بعدما وضعت قبلها 3 إناث أكبرهن في عامها الرابع، وهي ترتكب بذلك جريمة لا تغتفر في عين مجتمعها الذي يفضل الذكور على الإناث.
وقصدت هذه السيدة البالغة 31 عاما العاصمة تيرانا آتية من كرويا في شمال البلاد، مع أم زوجها، على أمل أن تجد في إحدى عياداتها الخاصة من يقبل إجراء عملية إجهاض لها.
تجلس دريتا حزينة تتمتم بعض الكلمات، فيما ترمقها أم زوجها بنظرة قاسية، فهي مسؤولة بنظرها عن حرمانها من أن يكون لها أحفاد ذكور.
وتقول بنبرة حاسمة “أنثى رابعة. إنها لعنة، إما أن نتمكن من إجهاضها أو فلا مكان لها بيننا بعد اليوم”.
وتحظر القوانين في البلاد الإجهاض بعد الأسبوع العاشر من الحمل، أو الأسبوع الـ12 في بعض الحالات، لكن جنس الجنين لا يمكن تحديده سوى بعد الأسبوع الـ16 للحمل، ولذا قصدت دريتا هذه العيادة الخاصة، عسى أن تجد فيها حلا لمشكلتها.
وحال هذه الشابة كحال الكثيرات من مواطناتها، وهو مشهد يمتد إلى دول عدة في البلقان، حيث يؤدي تفضيل الذكور وإجهاض الإناث إلى اختلال في التوازن بين ولادات الجنسين.
وبحسب المعهد الألباني للإحصاء، فإن عدد النساء في ألبانيا في مطلع يناير من العام 2015، كان أقل من الرجال بـ31 ألفا، علما أن إجمالي عدد السكان مليونان و800 ألف نسمة.
وعلى ذلك، فإن ألبانيا واحدة من الدول القليلة في أوروبا التي يزيد فيها عدد الذكور عن الإناث رغم أن أعدادا كبيرة من الذكور يهاجرون لأسباب اقتصادية.
ويسري إجهاض الإناث أيضا في مونتينيغرو حيث مازال المجتمع يفضل الذكور على الإناث، بحسب مايا رايشفيتش من مركز حقوق النساء في العاصمة بودغوريتسا.
وبحسب باحثين، فإن النساء في البلقان يتعرضن لضغوط شديدة لإنجاب ذكور مهما كان الثمن.
ويرجع الباحثون هذه الظاهرة إلى العقلية التقليدية السائدة في البلقان، والتي تنظر إلى الأنثى على أنها عبء على العائلة، وإلى الذكر على أنه عماد الأسرة.
ونتيجة ذلك، والتفافا على القوانين التي تحظر الإجهاض، تؤخذ النساء الحوامل بإناث إلى عيادات خاصة أو إلى أشخاص غير مجازين، لإجراء عمليات إجهاض تنتهي كثير منها بوفاة الأم.