بدأت المفاوضات المرتقبة، اليوم الأربعاء، بين الحكومة العراقية الاتحادية، ووفد من إقليم كردستان، بشأن مرتبات الموظفين.
وكانت حكومة بغداد، أوقفت صرف تلك المرتبات، إثر امتناع إقليم كردستان عن تسليم شركة النفط العراقية (سومو) 250 ألف برميل نفط يوميا، وهو الاتفاق الساري بين الطرفين منذ مطلع 2019.
وقال مصدر سياسي إن “وفدا من إقليم كردستان بدأ مباحثاته مع المسؤولين في بغداد، بشأن مرتبات الموظفين، وحل الإشكالات العالقة بين الطرفين، إذ يترأس الوفد نائب رئيس حكومة إقليم كردستان قوباد طالباني، فيما يمثل الحكومة الاتحادية وزير النفط ثامر الغضبان”.
ترجيح بعد التوصل إلى توافق
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن “المفاوضات ستشمل قادة الكتل السياسية، ورئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي، باعتباره هو المعني بهذا الملف خلال الفترة المقبلة”، مرجحا “صعوبة الاتفاق على حل يرضي الطرفين، خاصة وأن أسعار النفط هبطت إلى مستويات دنيا، وبالتالي فإن تسليم النفط لا يعني الكثير لبغداد، التي تعاني أزمة مالية خانقة، مع انحسار مواردها”.
ونص اتفاق أبرمه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، نهاية 2018 على أن يسلم إقليم كردستان حكومة بغداد عوائد 250 ألف برميل، مقابل دفع رواتب موظفيه، لكن هذا الاتفاق لم ينفذ لغاية الآن، حيث أعلن مسؤولون عراقيون أن الإقليم لم يدفع تلك المستحقات، فيما تستمر وزارة المالية العراقية في دفع رواتب الموظفين.
وقبل أيام أعلن وزير المالية الاتحادي، فؤاد حسين، وهو عن الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في أربيل بزعامة مسعود بارزاني أنه مستمر في إرسال رواتب الموظفين إلى الإقليم.
ووفق قانون الموازنة العامة لعام 2019، فإنه إذا لم تسلم حكومة كردستان عائدات النفط إلى بغداد، سيتم قطع المستحقات المالية للإقليم.
وتتهم أوساط سياسية عراقية رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي بالتهاون في مسألة المستحقات النفطية المتحصلة من بيع نفط كردستان، بسبب علاقاته الوثيقة مع مسؤولي الإقليم من زمن المعارضة، وإقامته هناك.
ائتلاف العبادي يحذر من التراخي
من جهته، حذر ائتلاف النصر بقيادة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، من ما سمّاه التراخي، مع وفد إقليم كردستان والتفريط بحقوق الشعب.
وقالت النائبة عن الائتلاف هدى سجاد، في بيان، إنه “بالنظر لقدوم وفد من حكومة إقليم كردستان لإجراء مباحثات بشأن ملفي النفط والموازنة العامة، لا بد أن نحذر الوفد الحكومي الذي سيمثل الحكومة المركزية برئاسة ثامر الغضبان من التراخي أو التفريط بحقوق أبناء الشعب”.
وأضافت أن على الوفد “إجراء تسوية بشأن مبالغ الضرر والبالغة (128) مليار دولار وكما مثبت في تحقيق هيئة النزاهة، وتسليم جميع مبالغ مبيعات النفط المنتج في الإقليم لعام 2019، ولكل السنوات التي قبلها، والتصريح بكل المنافذ الحدودية وتوحيدها مع هيئة المنافذ الحدودية وجباية التعرفة الجمركية وإيداعها في الموازنة العامة الاتحادية”.
وتابعت: “على الوفد أن يعي حجم الضائقة المالية التي تمر بها البلاد، وأن يبتعد عن المجاملة السياسية، ويعمل على تعضيد إيرادات الدولة وتوزيع الثروات بشكل عادل”.
واعتبرت حكومة إقليم كردستان العراق، الاثنين الماضي، قطع رواتب موظفيها من الحكومة الاتحادية “ورقة ضغط سياسية”.
وقال المتحدث باسم حكومة كردستان، جوتيار عادل، في مؤتمر صحفي أمس الأول، إنه “لا ينبغي استخدام مسألة رواتب الموظفين وقوت شعب كردستان كورقة ضغط تستخدم في المزايدات السياسية”.
وأضاف عادل أن “حكومة إقليم كردستان ملتزمة بالاتفاقات المالية والنفطية في إطار ما تمخضت عنه التفاهمات مع الحكومة الاتحادية في نهاية عام 2019، ونحن متأكدون ولدينا كل الثقة بأن مطالبنا قانونية ومحقة في إطار الحقوق المالية وما يتعلق برواتب الموظفين”.
مزيد من الضغط لتحصيل المكاسب
بدوره، يرى المحلل السياسي وائل الشمري، أن “قطع رواتب موظفي كردستان يعني عودة توتر العلاقات إلى أعلى المستويات بين الطرفين، وهذا يأتي لسببين، الأول اشتداد الأزمة المالية في بغداد، والثاني رغبة بعض الأطراف السياسية الضغط على حكومة الإقليم، بالتزامن مع مفاوضات تشكيل الحكومة، لتوسيع مساحة المناورة وتحصيل المزيد من المكاسب”.
وأضاف ” أن “وقف صرف تلك الأموال كان في توقيت حرج، إذ إن حكومة الإقليم تمتنع عن تسليم تلك الأموال منذ بدء الاتفاق، لكن حكومة بغداد، مستمرة في ارسال الأموال، وهو ما يمثل مأزقا لحكومة مصطفى الكاظمي القادمة، إذ عليها التعاطي مع هذا الملف، وتنظيم العلاقة بين كردستان وبغداد، وهي أزمة كبيرة مرحلة منذ سنوات، وربما تسعى بعض الأطراف إلى عصبها برقبة الكاظمي”.
وبدأت الخلافات منذ عام 2014 بين رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ورئيس الإقليم السابق مسعود بارزاني عندما رفض الأخير دفع المستحقات المالية عن بيع النفط، ليلجأ المالكي إلى قطع رواتب الموظفين؛ ما أدى إلى أزمة مالية خانقة، اندلعت إثرها تظاهرات شعبية كبيرة في السليمانية وأربيل، استمرت بضع سنوات.