بعد مفاوضات شاقة استمرت أكثر من أسبوعين، تمكن رئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي، من اجتياز عقبة مطالب الكتل السياسية في حكومته، وسط مخاوف من تبدل المواقف خلال الأيام المقبلة.
وخلال الساعات الماضية، هدأت نسبيا التصريحات المعارضة للكاظمي، الضاغطة باتجاه تحصيل المكاسب السياسية، بالتزامن مع إرساله البرنامج الحكومي إلى رئاسة مجلس النواب تمهيدا لعقد جلسة حاسمة للتصويت، فيما رجح برلمانيون عقدها الأسبوع المقبل.
في هذا السياق، كشف مصدر مطلع على أجواء الحوارات السياسية، عن “اجتماع سيعقد خلال الساعات المقبلة، للكتل الشيعية الرئيسية، لاتخاذ الموقف النهائي من حكومة الكاظمي، وتقييم الحوارات التي أجريت معه، خاصة مع تبدل مواقف بعض الكتل، وإجراء تغيير على التشكيلة الوزارية؛ بهدف إرضاء بعض الأحزاب والقوى”.
وأضاف المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن “ملامح الموقف الشيعي النهائي، وموقف جميع الكتل يبدو ماضيا في خيار الكاظمي، وليس هناك حتى الآن رفض واضح من كتلة وازنة، بشأن خيارات المُكلف، ومن المتوقع أن يكون موقف الكتل الشيعية، مساندا للكاظمي، بعد حزمة تعهدات منحها تتعلق بالوجود الأمريكي، وإجراء الانتخابات، فضلا عن مسألة الحفاظ على التوازن في العلاقات، وعدم إثارة الخلافات مع إيران، لما يُعرف عن الرجل بعده النسبي عن خيارات طهران في البلاد”.
وشكّل مجلس النواب، لجنة داخلية لدراسة المنهاج الوزاري للكاظمي، وتقديم تقرير إلى البرلمان بشأنه، قبل عقد جلسة منح الثقة.
وتمحورت ركائز المنهاج الحكومي على الأولويات، وتطوير المؤسستين العسكرية والأمنية وإصلاحهما، والاقتصاد والاستثمار، والعلاقات الخارجية، ومكافحة الفساد والإصلاح الإداري، والعدل، والاحتجاجات الشعبية، فيما تشكك أوساط برلمانية بقدرة الكاظمي على إنجاز مثل تلك الملفات في بيئة معقدة سياسية، بالإضافة إلى أزمة تفشي وباء كورونا.
سنيا، أعلن تحالف القوى العراقية بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، تخويله الكاظمي لاختيار الأسماء الممثلة عن المكون في حكومته.
وقال عضو الائتلاف أحمد مظهر في تصريح صحفي، إن “اتحاد القوى خول رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي اختيار أسماء الوزراء مع الاحتفاظ باستحقاق المكون باعتبار الاتحاد يمثل المكون السني”، مشيرا إلى أن “الوزارات المخصصة للمكون السني في حكومة الكاظمي هي 6 وزارات: التربية، الصناعة، الشباب، الدفاع، والتخطيط والتجارة”.
وواجه الكاظمي انتقادات حادة من كتل سياسية وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن “تحاصص” الكتل السياسية للتشكيلة الوزارية، وعودة القسمة الطائفية إلى الحكومة بعد آمال اختفائها خلال الأيام الماضية.
وقال القيادي في ائتلاف الوطنية كاظم الشمري، في تصريح صحفي، إن “إصرار القوى السياسية على إحياء المحاصصة بهذا الشكل واستجابة رئيس الوزراء المكلف لها، نعده نكوصا بالعملية السياسية، ونعده تنصلا من العهود والوعود التي تم قطعها للمتظاهرين، وضربة في الصميم لما دعت إليه المرجعية الدينية من ضرورة الابتعاد عن المحاصصة وتشكيل حكومات من التكنوقراط والمهنيين”.
بدوره، يرى المحلل السياسي، محمد التميمي، أن “توزيع الحصص في حكومة الكاظمي شمل الجميع تقريبا، وهذا بالتأكيد كان مرضيا للكتل السياسية، ولم يتمكن الكاظمي من تطبيق خطته المبدئية، المتمثلة بمنح الأحزاب ثلث التشكيلة الوزارية، على أن يحتفظ هو الآخر بثلث، فيما يكون الثلث الأخير من اختيارات ساحات الاحتجاج، وذلك جاء بسبب الضغط العنيف من الأحزاب ومحاصرة الكاظمي بالشروط التي أفشلت تلك الخطة”.
وأضاف التميمي أن “الاتفاقات الحاصلة في الوقت الراهن، هي مبدئية، ولا يمكن التعويل عليها، فالساحة السياسية في العراق، متقلبة بشكل كبير، وتوقع حصول انقلاب في الموقف وارد، في ظل الاستقطاب السياسي الحاصل، ومن الممكن انقلاب الكتل السياسية على الكاظمي، والمطالبة بالمزيد من الاستحقاقات، ما يعني إعاقة تمريره”.
ورجح النائب عن كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني حسن آلي، التئام مجلس النواب الأسبوع المقبل للتصويت على الحكومة الجديدة.
وقال آلي في تصريح صحفي، إن “رئيس الوزراء المكلف مصطفى الكاظمي قدم برنامجه إلى مجلس النواب، ومن المرجح عقد جلسة استثنائية للتصويت في الأسبوع المقبل”، مشيرا إلى أن ” الكابينة الجديدة تضم مبدئيا 11 وزارة للكتل الشيعية، و6 للسنة، و5 للكرد والمسيحيين والتركمان”.