المغرب.. مشروع “تقنين مواقع التواصل” يبرز انقساما في حكومة العثماني

أظهر مشروع تقنين استعمال وسائل التواصل الاجتماعي في المغرب الذي أثار الكثير من الجدل في الأوساط السياسية والحقوقية بالبلاد، خلال الأيام الماضية، انقساماً واضحاً في صفوف حكومة سعدالدين العثماني التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي.

ويتضمن القانون الذي صادق عليه مجلس الوزراء سراً، يوم 19 آذار/مارس الماضي، برئاسة العثماني، عقوبات سالبة للحرية وغرامات مالية، تستهدف رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وتُجرّم ما قد ينشرونه أو يتداولونه.

وتتراوح العقوبات السجنية بين 6 أشهر وسنة، وغرامة من 5000 درهم إلى 50000 درهم

واعتبرت أحزاب مغربية مشاركة في الائتلاف الحكومي أن المشروع يحاول تكميم أفواه المواطنين بالمملكة، ومنعهم من التعبير عن آرائهم بكل حرية، وهو ما تسبب في توتر حاد بين مكونات الائتلاف الحكومي، أدى إلى اتساع رقعة الخلافات.

وفي هذا الصدد، عبّر المكتب السياسي لحزب “التجمع الوطني للأحرار” المشارك في الحكومة، اليوم الجمعة، عن رفضه المساس بالحقوق والحريات المكتسبة دستورياً.

وقال بيان صادر عن الحزب، إنه تابع النقاش الدائر حول مشروع قانون 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي بالمملكة، مؤكداً أنه لن يقبل في أي لحظة، وتحت أي تأثير، وفي أي سياق كيفما كان، التراجع عن المكاسب الدستورية التي حققتها المملكة في ما يتعلق بالحقوق والحريات ومجالات ممارستها.

وطالب “التجمع الوطني للأحرار” رئيس الحكومة سعدالدين العثماني بالإفراج عن النص القانوني المعتمد حتى يتسنى للأحرار إبداء موقفه الرسمي كهيئة سياسية تحترم الضوابط الحاكمة للمسار التشريعي.

وفي نفس السياق، يحذر من أي سلوك قد يضرب مصداقية مؤسسة الحكومة وشخص رئيسها.

كما يعتبر أن “التملص من المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخرين لن يزيد إلا في توسيع الشك لدى الرأي العام، وينسف مناخ التعبئة الإيجابي الذي تعيش على إيقاعه بلادنا”. وذلك في إشارة إلى الحرب الكلامية التي اندلعت بين حزبي “العدالة والتنمية” الحاكم و”الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية” المشارك بدوره في الحكومة.

من جهته، عبّر المكتب السياسي لحزب “الحركة الشعبية” المشارك في الحكومة، عن استغرابه لأسلوب التسريب الذي طال هذا المشروع الذي وصفه بـ”المهم”.

وقال الحزب في بيان صدر عقب اجتماع مكتبه السياسي الأسبوعي، إن التسريب “طال مشروعا بهذه الأهمية في ظرفية غير ملائمة، بدل اعتماد النشر الاستباقي عبر القنوات الرسمية كما هو معمول به في مختلف المبادرات التشريعية”.

ودعا الحزب إلى إعمال المقاربة التشاركية عبر حوار وطني موسع يمكن من بلورة مشروع يحظى بتوافق وطني أسوة بما تم العمل به في مختلف الملفات ذات الصبغة المجتمعية.

وشدد الحزب على أنه سيقف في صف الدفاع عن الحريات والحقوق المؤطرة بأحكام الدستور.

من جهتها اتهمت قيادات سياسية بحزب “الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”، المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، القيادي البارز في حزب العدالة والتنمية بتسريب مضامين هذا القانون المثير للجدل، وهو ما نفاه الوزير اليوم الجمعة.

وقبل أيام أكد المصطفى الرميد، أن ما يتم تداوله من مضمونات بمشروع القانون، سبق الاعتراض عليها من قبل أعضاء بالحكومة (لم يحددهم)، ما يعني أنها غير نهائية، ويظل أي نقاش حولها سابقاً لأوانه.

ومن المرتقب أن تقوم الحكومة المغربية بإدخال تعديلات على مشروع القانون المتعلق بتقنين استعمال وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح، وذلك بعد أن تعالت أصوات سياسية وحقوقية تطالب بإسقاط هذا القانون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *