قد لا يعرف الكثيرون أن ما يشهدونه الآن خلال فترة جائحة كورونا، من تذبذب في أسعار الذهب والمعادن النفيسة، لا علاقة له بالعرض والطلب والمضاربة وبقية الأسباب التقليدية، وإنما بالتعقيدات والكلف التي استجدت على تجارة نقل قضبان الذهب في الطائرات خلال رحلاتها التجارية.
ونقلت وكالة “بلومبيرغ” الاقتصادية الأمريكية عن شركة “فالكامبي” السويسرية أنها اضطرت الشهر الماضي للانتظار 5 أيام لنقل شحنة من الذهب من هونج كونج، حيث تمت تعبئة المعدن مرتين في الطائرة، ليتم تفريغ الشحنة في كل مرة.
وقال الرئيس التنفيذي مايكل ميساريتش إنه بعد محاولات يومية والعديد من الحجج والأعذار غير المعهودة، وصل الذهب فجأة إلى سويسرا دون سابق إنذار.
اضطراب الخدمات اللوجستية والأولويات
وكشفت أزمة فيروس كورونا المستجد عن الجوانب التي لا يعرفها الناس في أسواق المعادن الثمينة، وهي الخدمات اللوجستية لنقل الذهب والفضة والمعادن الأخرى في جميع أنحاء العالم.
وهذا القطاع تهيمن عليه شركات قليلة مثل “برنك” و”جي 4″ و”لوميس” و”مالكا أميت”، وكلها متخصصة في الربط والتشبيك بين المناجم ومصافي المعالجة مع مراكز تداول واستهلاك الذهب حول العالم.
وكانت قضبان الذهب، التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، في الأوقات العادية، تسافر حول العالم ضمن حمولات الطائرات التجارية على بعد أمتار قليلة من أقدام الركاب، قبل نقلها في شاحنات مدرعة إلى معامل التكرير والأقبية.
لكن تأثر الرحلات كان له تأثير فوضوى على صناعة اعتادت الاعتماد على التسليم الفوري حيث تباينت الأسعار في الأسواق الرئيسية بشكل كبير، وبدأت سوق الذهب في لندن تتحدث عن السماح بالتسليم في مدن أخرى حول العالم، كما تقول “بلومبيرغ”.
ومع اشتداد أزمة “كورونا” المستجد وتوقف السفر العالمي، أصيبت صناعة المعادن الثمينة بارتباك البحث عن طرق بديلة للحفاظ على استدامة السوق.
من جهته، قال باسكاران نارايانان، نائب الرئيس في شركة برنك للشحن: “إنه عالم من الصداع اللوجستي، حتى عندما يمكن العثور على مساحة على متن طائرة، فانه غالبا ما يتم استثناء وتنزيل الطرود وشحنات الذهب وإعطاء الأولوية في الشحن للوازم الطبية”.
وأفاد أرييل كوهيليت، العضو المنتدب لشركة “مالطا أميت” سنغافورة، إن شركتهم كانت تستكمل شحن الذهب خلال 24 ساعة قبل أزمة “كورونا” المستجد، أما الآن فقد أصبح الأمر يحتاج ربما 72 ساعة، أو استئجار طائرات خاصة”، وفي كل ذلك تكاليف إضافية بالشحن قد تصل إلى 60% لا يعرف الناس عنها وإنما يتحسسون نتائجها في التسعير.