رصدت صحيفة “غارديان” البريطانية المعاناة الشديدة التي يواجهها العمال الأجانب في دولة قطر، وقالت إن تلك العمالة تتوسل من أجل الحصول على الطعام في ظل الارتفاع المستمر في حالات الإصابة بفيروس “كورونا” المستجد.
وقالت الصحيفة، في تقرير نشرته، اليوم الخميس،:”العمال المهاجرون أصحاب الأجور الضئيلة في قطر، وهي واحدة من أغنى دول العالم، يقولون إنهم مجبرون على التوسّل من أجل الحصول على الطعام، في ظل العواقب الاقتصادية المدمرة التي تسببت فيها أزمة فيروس “كورونا”، حيث تشهد قطر تفشيًا واسعًا للمرض يصل إلى إصابة شخص من كل 4 أفراد”.
أوضاع مأساوية
في أكثر من 20 مقابلة، وصف العمال المشاركون في أعمال البناء بالدولة التي تستضيف بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، مشاهد الإحباط واليأس والخوف. قال كثيرون للصحيفة إنهم أصبحوا فجأة دون وظيفة، وليست لديهم أي وسيلة أخرى لكسب قوت يومهم.
ويقول بعضهم إنهم يشعرون باليأس ولكنهم غير قادرين على العودة إلى أوطانهم. بعضهم أُجبر على التوسل كي يحصل على الطعام من جانب أرباب العمل أو المؤسسات الخيرية.
ويقول رفيق، وهو عامل نظافة من بنغلاديش، أصبح دون عمل منذ مارس الماضي: “ليس لدي الكثير من الطعام. فقط بعض الأرز والعدس، وسيكفي فقط لأيام قليلة، ماذا سيحدث بعد أن ينتهي الطعام؟”.
نسبة إصابة مروعة
قطر، والتي تضم أكثر من مليوني عامل مهاجر، أصبحت واحدة من أعلى معدلات الإصابة بفيروس “كورونا” في العالم نسبة إلى عدد السكان، حيث توجد 18 ألف حالة مؤكدة في ظل عدد سكان الدولة وهو 2.8 مليون نسمة، أكثر من 25% من الذين تم إجراء الاختبارات عليهم في، الأسبوع الماضي، ثبتت إصابتهم بالمرض، وأغلبهم من العمالة المهاجرة.
وتقول الحكومة القطرية إن الحالات ليست خطيرة، وأن معدل الوفيات ضئيل للغاية، 12 فقط.
وتفاقمت تكلفة الحياة مع الأوامر الحكومية التي صدرت منتصف، أبريل الماضي، والتي سمحت للشركات التي توقفت عن العمل نتيجة القيود الخاصة بفيروس “كورونا” بإجبار العاملين على الحصول على إجازات دون راتب، أو إنهاء عقودهم. قالت الحكومة إن الغذاء والإقامة، وهي أمور عادة ما يقوم أرباب العمل بترتيبها، يجب أن تظل قائمة دون مساس، ولكن الشهادات التي أدلى بها العمال تقول إن هذا الأمر لا يحدث في جميع الأحوال.
وعود وهمية
قالت خبيرة تجميل فلبينية وصلت إلى قطر منذ شهرين فقط إنها حصلت على نصف أجرها الشهري، وحاليًا تم إنهاء التعاقد معها.
وقالت:”رئيسي أكد أنه لا يملك أموالًا، ماذا عن أفراد أسرتي في الفلبين؟، إنهم يحتاجون إلى المال، كيف لي أن أحصل على الطعام، لا أحد يمنحنا أي شيء، حتى مديري لا يعطينا الطعام”.
وأكدت “غارديان” البريطانية في تقريرها أن الأمر يزداد سوءًا بصورة مروعة عندما يتعلق الوضع بالعمالة غير المسجلة، وهؤلاء الذين يعملون وفقًا لتأشيرات حرة، الذين يعتمدون على الأعمال المؤقتة ولفترة قصيرة، دون أن يكون لديهم أرباب عمل يوفرون الغذاء والسكن.
“سايدول”، وهو عامل زخرفة من بنغلاديش، ويعمل بتأشيرة حرة، يقول إنه متعطل عن العمل منذ منتصف مارس الماضي، ويضيف:”لقد أنفقت كل مدخراتي، وأقترض حاليًا من الأصدقاء والأقارب من أجل الطعام والإيجار، من الصعب جداً الاستمرار دون عمل، لا أخشى كورونا، المشكلة في أنه لا يوجد عمل”.
معاناة خاصة
وأشارت الصحيفة إلى أن خدم المنازل يتعرضون لأزمات من نوع خاص.
مجموعة من الخادمات وهن من دولة نيبال، واللاتي يعملن في منازل خاصة في النهار ثم يعدن إلى غرفهن في الليل، يقلن إنهن أصبحن فقيرات للغاية، بعد رفضهن العمل لدى الأسر التي يخدمنها، خوفاً من العدوى والتعرض للإيذاء البدني، وهو أمر منتشر بين الخدم في الخليج.
وقالت الخادمات إن الشركة التي تقوم بتوظيفهن مباشرة أجبرتهن على توقيع مستند يفيد بأن الشركة لم تعد مسؤولة عن أجورهن. ومنذ مطلع مارس يحصلن على 100 ريال فقط، ما يعادل 22 دولارًا.
وقالت واحدة منهن:”ليست لدينا أموال الآن، نحن نتوسل للحصول على الطعام، وفي النهاية فإن صاحب العمل يمنحنا بعضًا منه، ولكن ماذا سيحدث بعد أن ينفد الطعام لدينا؟”.
وأعلنت الحكومة القطرية، يوم الأربعاء، تخفيف القيود المفروضة على المنطقة الصناعية، وهي منطقة واسعة تضم معسكرات العمال، والمصانع، والمخازن على أطراف العاصمة القطرية الدوحة، وبعض أجزاء تلك المنطقة كانت تخضع للإغلاق الكامل منذ تفشي الفيروس في مارس الماضي.
والمنطقة الصناعية يقيم بها مئات الآلاف من البشر، في مساكن متهالكة ومكتظة بالسكان. وتقوم الشرطة بحراسة مداخل ومخارج المنطقة، مع حواجز معدنية ثقيلة.
وخصصت الحكومة صندوق قروض بقيمة 665 مليون جنيه إسترليني لصالح الشركات التي تم فرض العزل الصحي على عمالها أو وفقًا للعزل المفروض من الحكومة، كي يتم دفع أجور العمال، لكن بعض العمال في المنطقة الصناعية قالوا للصحيفة إنه تم إجبارهم على الحصول على إجازات دون راتب.
وقال فيروز، وهو عامل هندي عالق في المنطقة الصناعية منذ أكثر من شهرين: “الشركة قالت لنا إنها لن تدفع أجورنا عن شهر أبريل، ولكنها ستعطينا بعض الأموال كي نشتري طعامًا، لكن حتى ذلك لم نحصل عليه، ومنحونا طبق بيض، وبعض الزيت منذ أيام قليلة، هذا كل شيء. ونواجه الكثير من المشكلات هنا، والأمر يبدو كأننا في سجن”.
وقالت الحكومة القطرية الشهر الماضي إن 1000 شاحنة محملة بالبضائع تدخل المنطقة الصناعية يوميًا، وتوزع الغذاء، والماء، والمعدات الطبية، على العمال.