علمت رويترز من أربعة مصادر مطلعة أن عدد الأفراد الذين يعتقد أنهم مصابون بفيروس كورونا في اليمن وعدد الوفيات التي يشتبه أنها ناتجة عن الإصابة به أكبر مما أعلنته السلطات حتى الآن، في الوقت الذي حذرت فيه الأمم المتحدة من أن الفيروس آخذ في الانتشار في البلاد.
وحتى الآن لم تعلن الحكومة الشرعية وحركة الحوثي المتحالفة مع إيران ومقرها في الشطر الشمالي، عن اكتشاف سوى 67 حالة إصابة و11 وفاة، ولم يعلن الحوثيون سوى عن حالتي إصابة وحالة وفاة واحدة من الإجمالي، كلها في العاصمة صنعاء.
وذكرت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن الأعداد التي تسجل أقل فيما يبدو من الواقع في شطري البلاد.
وقالت المصادر الأربعة المطلعة على المعلومات الخاصة بالمستشفيات إن السلطات الصحية لدى الحوثيين لم تطلع منظمة الصحة العالمية على نتائج اختبارات لمن لا يقل عددهم عن 50 مريضا آخرين ظهرت عليهم أعراض مرض كوفيد-19 الناتج عن الإصابة بالفيروس في مستشفى الكويت في صنعاء.
وقال مصدران إنهما شاهدا 20 مريضا غيرهم، عليهم أعراض مشابهة وإن هؤلاء المرضى توفوا في ذلك المستشفى.
وذكر المصدران الآخران أنهما على علم بما لا يقل عن 30 حالة اشتباه في الإصابة بالفيروس تم استقبال أصحابها بمستشفى آخر في صنعاء هو مستشفى الشيخ زايد، وقالا إنه لم يتم إطلاع المنظمة أيضا على نتائج فحوص تلك الحالات.
ولم تطلع رويترز على السجلات الطبية في المستشفيين ولم يتسن لها التحقق من مصدر مستقل من الأعداد التي ذكرتها المصادر، كما لم يتسن الاتصال بالمستشفيين للتعليق على الأرقام.
وقال أحد المصادر: “السلطات الحوثية لا تطلع الأطباء ومنظمة الصحة العالمية على نتائج الاختبارات عندما تكون النتائج إيجابية”.
وأحال المتحدث باسم حركة الحوثي محمد عبد السلام مراسل الوكالة إلى وزارة الصحة في الحكومة الحوثية، التي لم ترد على طلب للتعليق.
وكان مسؤول حوثي قد قال في مؤتمر صحفي في الثالث من أيار/مايو الجاري في صنعاء إن السلطات رصدت حالات يشتبه في إصابتها بالفيروس وأجرت اختبارات لأصحابها، لكنه لم يذكر رقما أو تفاصيل عن النتائج.
وفي سؤال لمنظمة الصحة العالمية عما إذا كانت تشعر بالقلق خشية أن تكون هناك حالات لا يتم الإعلان عنها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، قالت إن دورها هو أن تنشط في تقديم النصيحة والتأثير ونقل المعلومات فيما يدور من مناقشات عن إعلان الحالات، وإنها تفعل ذلك منذ أسابيع.
وأضافت المنظمة أنها تعتبر اليمن “بلدا واحدا وشعبا واحدا” وحذرت من التكهنات فيما يتعلق “بعدم الإعلان عن عدد الحالات المحتملة”.
وقالت في بيان: “في ضوء القدرة على إجراء الاختبارات في البلد، وهي محدودة للغاية، فإن الاختبارات تجري لمن يستوفون المعايير أو تعريف الحالة وتاريخ التعرض للمرض”.
وأضافت أنه ما من بلد يستطيع إجراء اختبارات “لكل من يمرض أو تظهر عليه الأعراض”.
وقالت المنظمة إنها تعمل على افتراض أن “التفشي الفعلي يحدث” الآن في مختلف أنحاء اليمن، وإنها تعمل على تعزيز التواصل المجتمعي وأنشطة التوعية.
وفيات في عدن
اتهمت الحكومة المعترف بها دوليا في اليمن ومقرها في مدينة عدن الساحلية الجنوبية، الحوثيين بالتستر على تفشي المرض في صنعاء، ونفت الحركة هذا الاتهام.
وقال وزير الإعلام معمر الإرياني في تغريدة نشرها في السابع من أيار/مايو الجاري إنه يبدو أن ثمة وضعا وبائيا خطيرا في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين وحث السلطات على عدم “إخفاء الحقائق”.
غير أن المصدرين قالا إن السلطات في المناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة لم تكشف بالكامل أيضا عن مدى انتشار الجائحة.
وقال المصدران إن 13 مريضا على الأقل بكوفيد-19 توفوا في مستشفى الأمل في عدن، ولم يتسن الاتصال بالمستشفى.
وأوضح أحد المصادر دون ذكر أسماء المستشفيات: “في عدن لدينا أيضا عشرات الناس يموتون في البيوت لكن لا أحد يجري لهم اختبارات لمعرفة سبب الوفاة. وترفض بعض المستشفيات قبول المرضى الذين تظهر عليهم أعراض فيروس كورونا لأنها ليست مجهزة لاستقبال تلك الحالات. ولا نستطيع حقا أن نلومها”.
وقال مسؤول حكومي في عدن طلب عدم نشر اسمه إن السلطات تعلن عن حالات الإصابة بكوفيد-19، لكنه سلم بوجود تحديات تتمثل في عدم كفاية الاختبارات وازدياد الأمراض الأخرى بسبب السيول الأخيرة ومشاكل إدارية.
وأعلنت اللجنة الوطنية لمواجهة فيروس كورونا التي شكلتها الحكومة المعترف بها دوليا عن أربع حالات وفاة بين 39 حالة إصابة مؤكدة في عدن، من بين إجمالي الحالات البالغ عددها 65 حالة مؤكدة وعشر وفيات في المناطق الجنوبية.
حالات حرجة
في الثاني من أيار/مايو أصدر مكتب النائب العام في عدن بيانا يقول فيه إنه يحقق في تقارير إعلامية عن رفض بعض المستشفيات والمراكز الصحية الخاصة والعامة التي لم يذكر أسماءها، وكذلك رفض بعض الأطباء دخول بعض الحالات الصحية الطارئة أو توفير الرعاية الطبية للحالات الحرجة.
وقالت منظمة الصحة العالمية الأحد الماضي إنها تنصح السلطات المحلية في مختلف أنحاء اليمن بالإعلان عن الحالات من أجل توفير الموارد والمعدات التي تعاني دول العالم من نقص فيها بالفعل، غير أن قرار الإعلان من اختصاص قيادات البلد في ظل اللوائح الصحية العالمية.
وأضافت: “المنظمة تشجع كل الدول على الشفافية الكاملة في هذا الصدد، فلن نتمكن من الاستجابة بأقصى درجة من الدقة ومن ترتيب أولويات الثغرات والاحتياجات إلا عندما تتوفر لنا كل البيانات والأعداد”.