وروى التقرير المعنون بـ“من إدلب إلى طرابلس.. تركيا تتحرك للسيطرة على البحر الأبيض المتوسط“، والذي كتبته مراسلة الصحيفة في اسطنبول بيثان ماكرنان، قصة مرتزق سوري اسمه وائل عمرو، قال إنه خدع حين نقله الأتراك من محافظة إدلب السورية إلى طرابلس، تحت زعم أنه سيخدم في خط الدعم والوحدات الطبية وسيحصل على أموال جيدة.
وأضاف: ”لكن القتال هنا أسوأ من أي شيء اختبرته في سوريا، كل القتال يجري من مسافة قريبة وفي شوارع ضيقة“
وذكر أن ”بعض السوريين يتواجدون في ليبيا من أجل المال، والبعض يقول إنهم يدعمون الليبيين ضد الاستبداد، لكني شخصياً لا أعرف لماذا طلبت تركيا من المعارضة السورية القتال في ليبيا، لم أكن أعرف أي شيء عن هذا البلد باستثناء الثورة ضد العقيد معمر القذافي“.
وعقبت الصحيفة: ”عمرو مع ما يقدر بـ 8000 إلى 10000 من المرتزقة الآخرين، موجودين على بعد أكثر من 2000 كيلومتر من وطنهم، للعمل كمرتزق في ليبيا؛ بسبب خطة تركيا الطموحة للسيادة الجيوسياسية في شرق البحر الأبيض المتوسط“، وعقيدة مافي فاتان، أو الوطن الأزرق، وهي العقيدة الاستعمارية التركية التي تزعم أن البحر المتوسط وبحر إيجه نطاق للنفوذ التركي وإرث للإمبراطورية العثمانية“.
وأضافت أن المشروع الذي مضى عليه 14 عاما يشتمل على نزاع طويل الأمد مع اليونان وقبرص ومصر وإسرائيل ولبنان، حول حقوق التنقيب عن النفط والغاز في هذه المنطقة، مبينة أن التنافس بين هذه الدول بلغ ذروته في الحرب الأهلية الليبية، التي اجتذبت بثبات العديد من القوى الأجنبية حتى قبل أن تبدأ في عام 2014.
وقالت إنه فيما لا تزال الحروب بالوكالة في سوريا واليمن مستعرة، لكن في عالم تتضاءل فيه القوة الأمريكية، برزت ليبيا على أنها الملعب الواعد للاعبين الإقليميين الذين يسعون إلى اقتطاع حصة من أنقاض الربيع العربي، مضيفة أن الإسلاميين السياسيين و“العثمانيين الجدد“ يصطفون من جهة ضد القوميين العرب والملوك من جهة أخرى، في مزيج قابل للاشتعال من النفط والمرتزقة والأيديولوجية والطموح الجيوسياسي السافر.
وأشارت إلى دعم الأمم المتحدة لحكومة الوفاق الوطني بغرب ليبيا، لكن حلفاءها الرئيسيين هم تركيا وقطر وإيطاليا إلى حد ما، وهي لا تملك إلا القليل من القوة على الأرض، وبعضها لا يثق في سياساتها ذات التوجه الإسلامي المتشدد.
وتابعت الصحيفة أن المشير خليفة حفتر أطلق في نيسان/ أبريل 2019 هجوما للسيطرة على طرابلس، وبحلول نهاية عام 2019 بدا واضحاً أن قوات الجيش الوطني الليبي كانت على وشك الاستيلاء على العاصمة طرابلس، فاتخذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطوة إعلان الدعم العلني لحكومة الوفاق الوطني، وتوقيع اتفاقيات جديدة بشأن كل من الحدود البحرية والتعاون العسكري، التي شكلت تحدياً لأعداء تركيا الإستراتيجيين عبر البحر الأبيض المتوسط.
ولفتت الصحيفة إلى أن أنقرة باتت معزولة بشكل متزايد على المسرح الدولي، والتدخل في ليبيا لا يحظى بشعبية كبيرة من قبل الناخبين الأتراك.
وأشارت إلى أن الجزء البحري من الاتفاقية مع حكومة الوفاق أغضب دول البحر الأبيض المتوسط الأخرى، وهدد الاتحاد الأوروبي بفرض مزيد من العقوبات على عمليات الحفر التركية القائمة قبالة ساحل قبرص.
وبحسب الصحيفة، فإنه حتى لو تم استبعاد الاتفاقية من قبل المحاكم الدولية، فإن المعارك القانونية العالقة قد أخرت حتى الآن مشاريع الاستكشاف من قبل منافسي أنقرة – والأهم من ذلك هو جهد مشترك جديد من قبل اليونان وقبرص وإسرائيل لبناء خط أنابيب غاز يتجاوز تركيا.
وكشفت الصحيفة أن معلومات مسربة وشائعات في الدوائر الدبلوماسية تدور حالياً حول أن تركيا وإسرائيل تسعيان لاستعادة العلاقات الدبلوماسية الكاملة بينهما.
وبرأي كرهان، فإن الإنفاق على مشاريع الطاقة في منطقة البحر الأبيض المتوسط يشبه إلى حد ما ميزانيات الدفاع الوطني، ”إنه مثل سباق تسلح حيث يتعين عليك التصرف قبل أن يفعل منافسك“.
لكن ”الغارديان“ ترى أن عقيدة ”مافي فاتان“ قد تتعطل جراء دعم حلفاء حفتر، وتحذر من أن حرب تركيا العلنية الآن في ليبيا هي مقامرة ضخمة، فمياه البحر الأبيض المتوسط تزداد سخونة.