يسابق الأردن الوقت ومفاجآت قد تفرضها جائحة كورونا، لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر يوم العاشر من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، والتي ستأتي بمجلس النواب التاسع عشر في ظروف استثنائية.
وعلى الرغم من الارتفاع الكبير في عدد إصابات ”كورونا“ الذي تفشى بشكل واسع في المملكة، تصر السلطات على إجراء الانتخابات في موعدها.
لكن السيناريو الأسوأ، وهو غير مستبعد، يتمثل في تأجيل الانتخابات، وهو ما تخشاه الحكومة، بعد جملة التحضيرات الكبيرة التي نفذت لأجل هذا الاستحقاق.
أعداد المرشحين والقوائم
شهد الترشح لانتخابات 2020 والقوائم المشكلة زيادة بنسبة تتراوح بين 30 إلى 35%، حيث من المقرر أن يشارك فيها نحو 1695 مرشحا ومرشحة، بينما وصل عدد القوائم الانتخابية إلى 294، حسبما أفاد برنامج راصد لمراقبة البرلمان لـ“إرم نيوز“.
وبمقارنة هذه الأرقام مع أرقام الانتخابات السابقة 2016، نجد أن الانتخابات السابقة شارك فيها نحو 1252 مرشحا ومرشحة، إضافة إلى 226 قائمة انتخابية.
إلى ذلك، قرر 13 مرشحا الانسحاب من خوض غمار الانتخابات المقبلة، فيما ردت الهيئة المستقلة ترشح 5 آخرين.
وشهد العام الجاري زيادة في نسبة ترشح النساء للانتخابات المقبلة والتي بلغت 44%، مقارنة مع سابقتها، إذ ترشحت 365 سيدة مقابل 252 في انتخابات العام 2016.
قراءة حول المرشحين
ووفق الأرقام، فإن 139 برلمانيا وبرلمانية سابقين ترشحوا لانتخابات 2020، منهم 90 من أعضاء مجلس النواب الثامن عشر المنحل.
وبلغ عدد المرشحين والمرشحات عن الأحزاب السياسية 332، ردت الهيئة المستقلة للانتخاب ترشح واحد منهم فقط، فيما بلغ عدد المتقاعدين العسكريين المترشحين 16%.
وكان من بين المرشحين 20 شابا وشابة أعمارهم 30 عاما، وهو السن القانوني للترشح، فيما بلغت نسبة المترشحين الذين تقل أعمارهم عن 40 عاما 13%.
الأحزاب المشاركة
وقرر 47 حزبا سياسيا أردنيا من أصل 48 حزبا مرخصا المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة، فيما قاطعها حزب ”الشراكة والإنقاذ“ فقط.
وشكك حزب الشراكة والإنقاذ الذي يقوده سالم الفلاحات، المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، في بيان المقاطعة ”بنزاهة الانتخابات وإجرائها في ظل قانون الدفاع“ الذي فرض في آذار/مارس الماضي، منذ بدء تفشي وباء كورونا في الأردن.
وللمرة الثانية على التوالي، تقرر جماعة الإخوان المسلمين المنحلة في الأردن عبر حزبها حزب جبهة العمل الإسلامي، أكبر أحزاب المعارضة، المشاركة فيها، مع العلم أن الجماعة قاطعت الانتخابات العام 2012.
الصراعات الانتخابية
ورأى مدير برنامج راصد لمراقبة البرلمان في الأردن، عمرو النوايسة، أن ”معظم الدوائر الانتخابية ستشهد أجواء ساخنة يوم الاقتراع“، وقال: ”إذا أخذنا مثلا دائرة الكرك (جنوب الأردن) فإن عدد المترشحين والمترشحات فيها بلغ 182 مقابل 102 العام 2016، وهو ما يجعلها هذا العام دائرة ساخنة“.
وأضاف النوايسة أن ”الدائرة الثالثة في عمان، والتي تسمى دائرة (الحيتان)، كما هو معتاد ستشهد أجواء انتخابية محتدمة، إضافة إلى أن الدائرة الخامسة في العاصمة من المتوقع أن تشهد هذا العام أجواء شديدة التنافس لوجود مرشحين شباب بكثرة فيها“.
شعارات مستهلكة
وكان بارزا حجم اللافتات المعلقة في الشوارع والميادين الرئيسة للمرشحين والمرشحات، والشعارات المكتوبة عليها، حيث رأى النوايسة أن تلك الشعارات بشكل عام في 2020 ”مستهلكة لا تلبي الطموحات وغير واقعية، ولا تنسجم مع ما تعيشه الدولة الأردنية من تحديات“.
ووصف شعارات الشباب تحديدا بأنها ”غير مرتبطة بأدوات وخطط واقعية لتنفيذها، وتبقى مكتوبة على الورق وغير فاعلة، رغم رغبتهم بالتغيير“.
المال الأسود
ويعد المال الأسود أو المال السياسي أكثر الهواجس المتعلقة بالعملية الانتخابية التي تؤثر على نزاهتها، حيث اعتاد الكثير من المرشحين في فترات انتخابية سابقة دفع الأموال للناخبين مقابل شراء أصواتهم،
لكن مدير برنامج راصد لمراقبة البرلمان اعتبر أن ”الانتخابات هذا العام تؤكد جدية السلطات في محاربة هذه الظاهرة“، مشيرا إلى أن الهيئة المستقلة للانتخابات استمعت لـ 100 شاهد أو مشتكى عليهم بقضايا مرتبطة بالمال الفاسد، حيث تم تحويل 12 قضية للمدعي العام، و4 قضايا للأجهزة الأمنية.
التفاعل الشعبي
من جهته، رأى المحلل السياسي عامر السبايلة أن ”التفاعل الشعبي بشأن الانتخابات المقبلة محدود؛ بسبب عدة عوامل غير تقليدية فرضت نفسها هذا العام“.
وأضاف السبايلة أن ”تحديد موعد الانتخابات في ظل أجواء حظر التجول وجائحة كورونا التي أثرت على المشهد بكافة تفاصيله، كل ذلك خلق مناخا سلبيا حولها“، معتبرا أن ”الحكومات لم تخلق أي أجواء إيجابية تشير إلى رغبة حقيقية في التغيير، وشكل ومنتج الانتخابات الجديدة لن يختلف عما سبقها، وهذا يؤثر على حجم التفاعل الشعبي“.
ورأى أن ”مجلس النواب التاسع عشر لن يختلف عن سابقه وسيكون نسخة مكررة منه؛ بسبب قانون الانتخاب ومصداقية الحكومات أمام الشعب، وإن تغيرت أولوياته؛ لأن آليات إفراز أعضاء المجلسين لم ولن تختلف“.
وحول هذه النقطة، اختلف النوايسة في الرأي مع السبايلة، واعتبر أن مجلس النواب التاسع عشر سيواجه قضايا لم يواجها المجلس السابق وستكون أولوية بالنسبة إليه، خصوصا الآثار والتداعيات التي فرضتها جائحة كورونا وتحديدا في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى التطورات السياسية وتحديدا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والإقليم.
كما رأى النوايسة أن ”حظوظ المترشحين من أعضاء مجلس النواب الثامن عشر ستكون ضعيفة؛ نتيجة للنظرة السلبية لهؤلاء بالنسبة للمواطنين، وأدائهم خلال 4 سنوات الذي لم يلبِ طموح الشارع“.
وسجل الأردن حتى اليوم السبت نحو 508 وفيات و 48,930 إصابة بفيروس كورونا المستجد، في ظل تحذيرات من ارتفاع الأعداد خلال الأسابيع المقبلة، بشكل يجعل موعد الانتخابات النيابية متأرجحا بيد ”الجائحة“، وسط دعوات بتأجيلها.
ويحق لنحو 4.65 مليون مواطن ومواطنة التصويت في الانتخابات النيابية.